كُتب الكثير من الدراسات والمقالات والبحوث عن المرقد المنسوب للنبي يونس بالموصل، وخاض في حديثه العديد من الباحثين والمصنفين قديمهم وحديثهم ومعاصرهم، وتناولوه بالإيجاز والتفصيل في كتبهم ومؤلفاتهم، عرضاً أو قصداً، لكني وجدت أن هذه الدراسة بسطت القول فيه بشكل مختلف، من ناحية تحليل المصادر الأولية والدراسات السابقة، ومناقشة النصوص والشواهد التاريخية التي أتت على ذكره، سواء أكانت مقدسةً (العهدين القديم والجديد والقرآن الكريم)، أو سواها من المصادر التاريخية والمراجع الحديثة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما كُتِب عن الجامع وتاريخ بنائه ومراحل إعماره وأدواره التاريخية وصيانته وترميمه، وناقش الباحث بجرأة ونهج علمي رصين مسألة غرق النبي وابتلاعه من قبل الحوت ثم لفظه على الساحل، وانتهاءً بمقدمه إلى نينوى، وإمكانية مكوثه فيها مدةً، أو احتمالية عودته إلى بلدته قرب الناصرة في فلسطين. كما انفرد الباحث في هذه الدراسة، وبحكم كونه من الخبراء وذوي الشأن الآثاري، بالاعتماد على الأدلة المادية والإتيان بشواهد جديدة، ومصادر أخرى أحدث، منها نتائج مسوحات، وبعض حفريات ومجسات، وسبر آثاري- على قلّته- التي أدارها وأجراها بعض منقبي الآثار من الرواد، والبعثة الآثارية الألمانية التي قدمت حديثاً، وستضطلع بمهام جسيمة، وتقع على عاتقها مهام منها جمع مخلفات أنقاض الجامع في أعقاب أحداث سيطرة عصابات داعش على نينوى، وما رافقها من عمليات تفجير وتخريب أو نبش وحفر عشوائي لخنادق وأنفاق في التل الأثري الذي يُفترض أن يضم الضريح، ويستبطن الطبقة الحضارية والأثرية، ومنها، من دون أدنى شك، قصر الملك الآشوري أسرحدون.

لقد سلطت هذه الدراسة الضوء على هذا الموقع الديني بشكل أعمق ممن سبقه، وأحاط المؤلف بتفاصيل عن المكان، بما تيسر له من وسائل وسبُل معاصرة، إحاطة القلادة بالعنق، والسوار بالمعصم.

وختاماً أتمنى أن تنفع هذه الدراسة طلبة التاريخ والآثار والباحثين، وتوسع من دائرة معلوماتهم، وتغيّر الصورة النمطية والمشوشة عن الموقع بما تحمله من بمعطيات جديدة من شأنها إعمام الفائدة، والمضي باللاحق، وما انتهى إليه الآخرون من نتائج علمية.

plus-circle Add Review

comment

Reviews