Skip to main content

Full text of "حدوتة كتاب 286- لا شيوعية ولا استعمار لعباس محمود العقاد"

See other formats


Y‏ شيوعية ولا استعمار 


VY 


sgla im 


| شيوعية ولا استعمار 


عباس محمول العقاد 


الناشر مؤسسة هنداوي سي آي سي 
المشهرة برقم ۱۰٥۸۵۹۷۰‏ بتاريخ ۲۰٠۷/۱/۲۹‏ 


¿glo Y‏ ستريت» وندسورء 112 SL4‏ المملكة المتحدة 
تليفون: ۸۲۲۰۲۲ ٤٤ (+) ١1/07‏ + 
البريد الإلكتروني: hindawi@hindawi.org‏ 
الموقع الإلكتروني: http:/ /www.hindawi.org‏ 


Ol‏ مؤسسة هنداوي سي آي سي غير مسئولة عن آراء المؤلف وأفكاره, 
وإنما يعر الكتاب عن آراء مؤلفه. 


تصميم الغلاف: إيهاب سالم. 
الترقيم الدولي: ٩۷۸ ۱ ٩۲۷۲ TV Y‏ 

جميع الحقوق الخاصة بالإخراج الفنى للكتاب ويصورة وتصميم الغلاف 
محفوظة لمؤسسة هنداوي سي آي سي. جميع الحقوق الأخرى ذات الصلة بهذا 
العمل خاضعة للملكية العامة. 


Artistic Direction, Cover Artwork and Design Copyright © 9 


Hindawi Foundation C.I.C. 


All other rights related to this work are in the public domain. 


\\\ 
\\V 


المحتويات 


معدمه 


الجزء الأول: لا شيوعية 
الشيوعية من الوجهة العلمية 
قيصرية 

واستبداد 

وعنصرية 

مع العالم 

أكثر من دعوة وأكثر من دولة 


الجزء الثاني: ولا استعمار 
ميدأ الاستعمار 

أسباب الاستعمار 

سباق الاستعمار 

أنواع المستعمرات 

آداب الاستعمار 

نهاية الاستعمار 

النموذج الجديد 


2) 


غتوان هذا الكناب هى خلاصة موضوعة ف أريع ماف وهو النتيحة الثى يتتهق إليها 
البحث في الكتاب؛ فموقف الشرقيين بين الشيوعية وبين الاستعمار أنه لا شيوعية ولا 
RN,‏ 

oly‏ شاء أن يوازن بين الخطرَيّنء ولكن الموازنة بينهما ليست من أغراض هذه 
الرسالة؛ فكلاهما Zus‏ وكلاهما حقيق بالحذر والاجتناب» وقد يشتد الخطر من مرض 
ويهون الخطر من مرضء ولكن الطب لا يبحث الأمراض ليوازن بينها وإن عرف مبلغ 
الخطر من US‏ منهاء وإنما يبحث الأمراض ليمنعها جميعًا ويعالج كلا منها بالعلاج الذي 
يناسبه» ويحتاط JI‏ منها بالحيطة التي تدفعه» Gay‏ كان يعلم أن الزكام أهون ls‏ من 
«llo yu‏ فهى plas Y‏ هذا pal‏ ليهتان الزكام ويدفع السرظان؛ ]3 Art LES Y‏ 
بالذاء الا AG ROY laud) de‏ 

ولا حيدة بين مصيبتين» ولا إنصاف ف الموازنة بين شرين؛ فإن الحيدة والإتصاف 
عمل القضاء الذي يتساوى لديه الطرفانء sigh! Lely‏ بالَصَاب فلا حيلة له Lad‏ يهدده 
غير العداء والمقاومة» Js GL‏ غير ذلك فهو Bly‏ من الشر موقف الغريب» بل هو واقفٌ 
موقف الغريب من نفسه ومن وجوده» كأنه ينظر إلى وجودٍ لا يعنيه. 

قلت في مقدمة كتابي عن هتلر: «في هذا الكتاب ما LI‏ بقاض ولا يسرني أن أكونه؛ 
لأنني لا أحسن التسوية بين الخصمين في قضية الطغيان والحرية الإنسانيةء وأحمد الله 
الى قطي قديم فيها منذ نيف وثلاثين سنة.» 

٠‏ وأككن Je SIG‏ الشيوعية والاستعمان ما قلت عن ELA!‏ ودين cual‏ والقسوة؛ 

فلا قضاء هنا بل colas‏ ومّن كان يعلم الشيوعية والاستعمار حق العلم ثم ينظر إليهما 


لا شيوعية ولا استعمار 


نظرة الغريب الذي لا يعنيه أمرهماء فهو مجرم» Gas‏ كان يجهلهماء فهو أحجى ألا يقف 


بعيوب الاستعمار كله وليس استعمارها طارنًا من طوارئ الضرورة الموقوتة تخضع له 
اليوم وتنبذه بعد فترة تقصر أو تطولء بل هو أساس من أسس المذهب الشيوعي لا فكاك 
منه في أول الطريقء ولا في آخر الطريق» فإنه المذهب الذي يقرّر لأصحابه أن السيطرة 
على ثروة الأمة شرط لازم للسيطرة على أزمة السياسة فيهاء فمّن رفع يديه عن ثروة al‏ 
من البلدان فلا clas‏ لسلطانه فيه. 

فالشيوعية والاستعمار — من كَمَّ ‏ لا يتناقضانء ولا موازنة بينهما على هذا 
الاعتبارء وإذا جاز أن تنعقد الموازنةء فإنما تكون بين جهد الكفاح للشيوعية وجهد 
الكفاع للاستعمان sl dal ales]‏ وسيكون هذا EN yla‏ 
الفصول القالية il‏ إل duale dead‏ ومن Angle Y ys Y ol‏ الح و 
di a eier‏ كبن Ai‏ 


ويأبى علينا الموازنة بين الشيوعية والاستعمار GATE oh‏ وهو أن الشيوعية استعمارٌ يحيط 


عباس محمود العقاد 


الجزء الأول 


لا شيوعية 


الشيوعية من الوجهة العلمية 


كان الشيوعيون يسمون مذهبهم بالفلسفة الماديةء أو بالاشتراكية العلميةء أو بالاشتراكية 
التقدمية» ويريدون بذلك أن يميّزوا فلسفتهم من الفلسفات التي تقوم على المبادئ 
الروحية» أو تبني الاشتراكية على الدين والعاطفةء وترجع بها إلى قواعد الأخلاق المقرّرة 
في العرف headed,‏ 

وكانت هذه الأسماء تسوغ في الأسماع عند المناداة بها في النصف الأول من القرن 
التاسع عشرء قبل أكثر من مائة سنة. 

كانوا يومئذ يحسبون أن «المادة» Ash‏ ملموسش مفهومٌ ¿ño‏ عن التفسير» ¿llo‏ 
لتفسير JS‏ شيء بحقائقه ومقاييسه. 

وكانوا ass‏ يظنون أن العلم قادر على كل معضلةء كاشفٌ لكل Loly zu‏ إلى كل 


وكانوا يومتذ ينكرون العاطفة الإنسانية والمطالب المثاليةء كأنها ضلالة مسلمة لا 
تكون حيثما كانت إلا مناقضة للعقل والرأي cas gill‏ مسترسلة مع الأهواء الكاذبة والأوهام 
الخادعة. 

وكل أولتك اليوم سخف لا يستند إليه صاحب رأيء ولا يقنع Wat‏ من الماديين أو 
المثاليين. 

فالمادة نفسها غير مُفسّرة وغير مفهومةء فهي من باب أولى pas Y‏ ما عداهاء ولا 
تزال Ure‏ من الأسرار يتطلب Lie‏ الفهم ولا Lido‏ من فهم غيره. 

كان «المادي» قبل مائة سنة يخبط الأرض بقدمهء ويقول: «هذه هي الحقيقة التي 
تستند إليهاء Lo Loly‏ عداها من الآراء المثالية والعقائد الروحيةء فهي az ATA‏ 


لا شيوعية ولا استعمار 


فاليوم يعلم أن مادة الأرض التي يخبطها بقدمه أبعد حقيقةء وأعسر Lagi‏ من كل 
ما JE‏ عن الروحيات والمثاليات.  ٠‏ 

ما هي هذه المادة؟ هل هي لون؟ هل هي جسم؟ هل هي ثقل؟ هل هي امتداد؟ 

لا ... إن اللون عارض من عوارض النورء والنظر يتغيّر على حسب الإضاءة وعلى 
حسب العين التى تراه. 

والجسم كله ذرات تنشق فتتحول إلى اهتزاز في الأثيرء ولا يدري del‏ ما هى الأثير؛ 
a‏ لا طعم له ولا جرم ولا حركة؛ ولا فرق في المدلول عند عارفيه بين كلمة الأثير وكلمة 
الفضاء. 

والثقل Y‏ وجود له خارج نطاق الجاذبية» والامتداد شيء لا يُفهم؛ لأنه لا يتناهى في 
القصّرء ولا يتناهى في الطول» سواء نظرنا إلى امتداد الزمن أو امتداد المكان. 

فالمادة أخفى من الروح. 

والفيلسوف الذي يدق الأرض oss‏ ويتوهم أنه وضعها على حقيقة الحقائق ليس 
له رأس أصح من تلك القدم في فهم حقاتق الأشياء. 

Lil‏ «العلم» فقد ذهبت عنه فتنة الغرور الاولى» واضطر - el,‏ — إلى التواضع في 
دعواه» فغاية ما يدّعيه اليوم أنه يصف ويسجلء وأن مجموعة العلم كله إنما هي مجموعة 
Le Gly cos pple‏ كان ad yay‏ علماء pall‏ الذى oles‏ فيه SILA‏ العلفية y‏ 
يفسّر ظاهرة واحدةً من ظواهر زمنه» LAS‏ عن تفسير الظواهر الطبيعية والتاريخية 
والنفسية عامةٌ تامة من مبدأ الخليقة الى آخر الزمان. 

أما الزراية بالعاطفة الإنسانيةء فيقابلها في العصر الحاضر إفراط في التعويل على 
خفاياها وتخريجاتهاء ودراسة لكل zu‏ بمسبار العاطفة حتى «الفلسفة المادية»» وبواعثها 


من نفوس الماديين. 


ولا محل لبيان التناقض بين دعوى «التقدمية» وبين الرجوع في US‏ رأي إلى فكرة إنسان 
عاش في أوائل القرن التاسع عشرء كاثنًا ما كان نصيبه من العلم والذكاء. ١‏ 

وقد يجوز قبل مائة سنة أن NE‏ عن دعاوى الفلسفة المادية إنها مقررات علمية 
تنظر إلى الوقائع المحسوسةء ولا تنبئ عن نتيجة من نتاج الأطوار الاجتماعيةء إلا كانت 
حقيقة من حقائق الرياضة التي لا تقبل الاختلاف بين حاسب وحاسب ولا بين حين 


وحين. 


الشيوعية من الوجهة العلمية 


فلعل هذا كان جائزًا قبل مائة سنة ... أما اليوم فكل الحقائق المحسوسة التي أنباً 
بها كارل ماركس» فهي أباطيل محسوسة Y‏ يمتري فيها ماديان ولا مثاليان. 

كان يقول: إن أمم الصداعة co SII‏ هي dll aA‏ لظيو الشيوعية Lgaó‏ فإذا 
„AL‏ ينقلب من النقيض إلى النقيضء وإذا بالشيوعية تظهر بين الأمم على قدر خلوها 
من الصناعة الكبرى. 

وكان يقول: إن إلغاء رأس المال يقضي على أسباب الاستبدادء ويمنع 9433 الطبقات. 
فإذا بإلغاء رأس المال في روسيا ينتهي إلى استبداد يتحكم في السياسة والثروة العامة 
والخاصةء ويتحكم في الأرواح والأقدار» ويّخرج للمجتمع طبقة من الحكام أقوى من 
الطبقة المعاصرة لها في كل dl‏ من أمم رأس المال. 

وكان يقول: إن الثروة تتجمع ولا تتوزع. فإذا هي تتوزع وتنتشر حتى يعد الشركاء 
في المصنع الواحد بالألوف. 

وكان يقول: إن المطبعة والورق والبارود والمدن التجارية هي عوامل التاريخ في 
الحضارة الأوروبية. فإذا بهذه العوامل جميعًا قد وجدّت في الصين قبل وجودها في الغرب 
بألفي سنة. وبين حضارة الصين وحضارة الغرب أبعد ما يكون من فارق بين حضارتين. 

کل و مو ر او غ ق ال ريه Dia IE sil‏ 
الكبرى» أو بحالة دون غيرها من الحالات الاقتصادية أو الاجتماعيةء فإن هذه الحركات 
قد ظهرت بين زراع Abu‏ وبين عمال روما وبين طوائف الزنج في البصرةء ولم يكن لها 
من سبب في جميع هذه الحالات إلا ازدحام المتذمرين في مكان واحدء واغتنامهم للفرصة 
من ضعف الدولة عل A]‏ هزيمة حربية BIS of‏ داخلية؛ فما خدث في زوسيا يعد الحرب 
العالمية الأولى كان يصح أن يحدث فيها قبل ألف سنةء LS‏ حدث في غيرهاء وما كان حدوثه 
في روسيا لأنها بلاد صناعية» ولا لأنها تطورت بالأطوار الاجتماعية التي قرّرتها الفلسفة 
الماديةء ولكنه حدث لأن الجيوش المنهزمة ثارت فاستولت على زمام الثورة فيها طائفة 
Aare‏ كالظاففة الت GGL Sy Je el gico)‏ والفاشيين rally GUY os‏ 

ونكاد نعتقد أن حركات الثورة التي نشبت في روسيا وما ماثلهاء كانت تنشب فيها 
بعنوان من العناوين غير الشيوعيةء لو لم يولد JS‏ ماركسء ولم ينتشر بين أتباعه مذهب 
Er‏ بالفلسفة المادية أو الاشتراكية العلميةء فما كان حتمًا لزامًا أن يشيع في روسيا 
مذهب رجل ولد في LOU)‏ ودرس مذهبه في انجلترا وجمع مؤتمراته في سويسرا أو بلجيكا 
أو بلاد الشمالء Sy‏ عنوان Alls‏ لإلصاق اسمه بالحركة الثورية متى هزلت الحكومة 


1١ 


لا شيوعية ولا استعمار 


y‏ الثوارٌ متمردين في مكان واحدء فإذا كانت للشيوعية 236 في هذا الباب على سائر 
الدعوات» a‏ أنها غنية عن المجهود العقلي في إقناع المتمردين المتذمرين بالاستماع 
إليهاء فإنه ما من مذهب من المذاهب الثورية إلا وهو في dale‏ إلى بعض المجهود العقلي 
لتعليم المبادئ وبث العقائد وتقرير الآراء إلا الشيوعية ... فهي على نقيض ذلك لا تحتاج 
إلى مجهود للإقناع» بل إلى إسقاط كل مجهودء وإعفاء الذهن من كل ELS‏ فلا وازع ولا 
ls de iia ee LU E‏ مرفي ولا blo‏ 
المطلوب كله نكسة إلى حالة البهيمية السائمة؛ أو إلى Fb‏ من حالة البهيمية السائمة؛ لأن 
البهيم في القطيع يدين ببعض الموانع» ويحجم عن بعض الدوافع» وليس للشيوعي مانع 
يمنعه ولا دافع يحجم dic‏ إلا أن يكون مانع القيد ودافع السوط والعصا. 

والمجتمعات الإنسانية منذ كان لها نظام ahs‏ في عهد القبيلة تنشئ العادات 
والشرائع» وتروّض النفوس على Gis‏ الأخلاق والآداب» وتهديها الفطرة إلى ضرورة الوازع 
inte,‏ إلى واذع mus‏ يعزز ما تقادم PN‏ اا من واذع قد قديم. (ag‏ هو العمل 
الإنساني الدائم الذي لا يستغني عن age‏ العقول ورياضة النفوسء وهذا هو السد الذي 
يصد التيار الجارف ويسوسه للري والخصب بدلا من إطلاقه للخراب والبوار. وما من 
مذهب من مذاهب الثورة والإصلاح يستغني عن رياضة ذلك التيار بشيء من التوجيه 
والتنظيم» إلا الشيوعية التي تعلن أن الخراب مطلوبء oly‏ الوازع مكروهء ola‏ الجهل 
والشباب معًا Y‏ يحتاجان إلى وازع ولا Aal,‏ ولا يمنعهما ¿lo‏ أن يستبيحا كل محظون. 

Yy ga القن من كل‎ elie! إل‎ ¿lios Lei] 4 هذا الذهب إل مجهود‎ dela Lo 
صعوية في ذلك على مخلوق جاهلٍ مغلوب على هواه.‎ 

فالشيوعية هي Gade‏ الطفل الممسوخ الذي نفهم أن الذنب على أبويه» وعلى البيت 
وعلى «ds al‏ وعلى الأمة وعلى الخلق والخالقء ولكنه لا ذنب له في gal‏ من الأمورء ولا 
حرج عليه أن يقعد عن كل Jan‏ ويكسل عن كل واجبء ويطالب JS‏ 32¿ ويسيء إلى كل 
إنسان. 

والشيوعية هي بالإيجاز «أفيون الشعوب» الرخيص وخمرتها المبذولة» يبلغ من 
سخفها أنها تصم الدين بهذه الوصمةء وتذهل عن حقيقتها هي عن che‏ مفرط أو عن 
لجاجة في المكابرة EN,‏ وهذا القول الهراء عن الدين آخر وصف يمكن أن ينطبق 
عليه وأول وصف ينطبق على Gale‏ كارل ماركس بجميع معانيه؛ فالشعور بالمسئولية 


1١ 


الشيوعية من الوجهة العلمية 


والمسكرات GLAM‏ وما من دين إلا وهو يوقظ في نفس المتدين شعورًا حاضرًا بالمسئولية 
في pull‏ والعلانية» ويجعله على حذر من مقارفة الذنوب بينه وبين ضميره» ويوحي إلى 
الفقزاء والأفكياء de‏ الف pail‏ لن nds Gal las‏ عمل ويفير جزاء GR‏ 
هذا وقول القائلين: إن الدين يخدر المرء كما تخدره المسكرات وعقاقير الأفيون. Lal‏ 
ga lin ¿Sul‏ مذهب LIS‏ مارك من جم AN teja‏ يوفع عن zul‏ شعورة 
بالمستولية» ويغريه بالتطاول والبذاء على ذوي الأقدار والعظماء. إنه يرفع عن الضمير 
شعوره بالمسئولية؛ لأنه يلقي بالمستوليات كلها على المجتمع» ويقول ويعيد للعجزة وذوي 
الجرائم والآثام أنهم ضحاياه المظلومونء oly‏ التبعة كلها في عجزهم وإجرامهم واقعة 
stale‏ ويتمم عمل Sal‏ بحذافيره حين يُطلق ألسنتهم بالاتهام على كل ذي GLE‏ ينظرون 
إليه نظرة الحسد والضغينةء ويعز عليهم أن يساووه بالعزيمة والاجتهاد. ولو أنك نظرت 
إلى فعل السكرة في المخمور لم تجد لها في نفسه شهوة تستهويه غير هذا الشعور بإسقاط 
المستولية» وهذا التطاول على abel‏ عظيم LS‏ يقول كل سكران غابت به السكرة عن 
حقائق الأشياء» وما كان للماركسية من سحر يستهوي السفلة إليه غير هذا السحرء الذي 
يبذلون فيه الدراهم ويجدونه في الماركسية جمعًا بغير ثمن» وعليه المزيد من التغرير 
بالعقول» وشفاء أدواء الحسد والانتقام. ١‏ 


ومن الخطأ المتواتر أن JUG‏ إن الشيوعية مذهب الطبقة العاملة أو الطبقة الفقيرة؛ 
لأنها في لبابها مذهب طباع وأخلاق يتقبله كل G2‏ تلوّثت طبائعه بلوثة اللؤم والأنانية 
وأسقط عن نفسه تبعة العمل ومئونة التكليف» وغلبت فيه الكراهية والحسد على محبة 
الخير للناس» ولا يتقبل الشيوعية فقيرٌ محرومٌ برئت نفسه من هذه اللوثة» واستقر 
في طبعه الإيمان بالجد والكفاية» وإنما يتقبلها المحروم إذا خامرته مع الحرمان رذيلة 
الحسد والكسلء وسوّلت له الأنانية أن يطمع في جميع الحقوق» ويُسقط عن كاهله جميل 
الفروض والتكاليف» Gay‏ كان كذلك من الأغنياء فهو شيوعيٌء وإذا لم يكن من العاملين 
باليد أو من ضحايا الحرمان. ٠‏ 

وقد أسس الشيوعية اثنان لم يكونا من أبناء الطبقة العاملة ولا الطبقة الفقيرة؛ 
فكارل ماركس من الطبقة الوسطىء وفردريك إنجلز من الطبقة الغنية» ولكنهما من 


\ من GES‏ «أفيون الشعوب» للمؤلف. 


لا شيوعية ولا استعمار 


المستعدين للشيوعية بالطباع والأخلاق» وكلاهما نموذج للطبع الممسوخ في اتجاهين 


كان كارل ماركس كما يقول أبوه «أنانيا», لا يربطه بأسرته إلا اعتقاده أنها «مخلوقة 
ne‏ وكانت al‏ تقول له إنها تخثى أن Js‏ طوال 


عمره عالة عليهاء وكان صديقه وصفيه يه «إنجلز» يصفه بجمود العاطفة وحب ¿Lal‏ على 
أصحابه بهذا الجمود» وعاش delo‏ «العمل» زهاء ثلاثين عامًا لم يعمل فيها ما يكفى 
لقوته gl lle‏ بعض عام. 

ولم يكن إنجلز عالة على الناس في رزقه» ولا احتاج أن يكون عالة عليهم في أمر من 
أمور المعاشء ولكنه كان ¢ Update Gib galos palo dle‏ يلقي زمافه لكل من عاشرة oly‏ 
كان من النساء» ويحب الثورة كما تحب الطبائع المؤنثة مناظر العنف وسورة الغضب 
والهياج. 

وأقطاب الشيوعية من تلاميذ ماركس وإنجلز يجذبهم إلى «المذهب» طبعٌ فاسدٌء قبل 
أن يجذبهم إليها رزق محدودٌ آو عيش مكدود. كان لينين في طفولته يتلهى بكسر أجنحة 
الطيرء وتهشيم الحيوانات الأليفةء ويقول في شرح برنامجه مع مخالفيه إن أسلوبه معهم 
أسلوب N‏ والإبادة» ولا شأن له معهم بالمناقشة والإقناع» ويكتب إلى صاحبه جوركي 
فيقول إن فناء ثلث العالم الإنساني لا يعنيهء وإنما يعنيه أن تستقر الشيوعية على أساس. 

وكان ستالين مجرمًا ej‏ الخلق لا يتورع أن يرمي مركبة البريد بالقذيفة المتفجرة 
ليسطو على مرتبات الموظفين المنقولة فيهاء ويقضي صباه بين التجسس للقيصر والحماسة 
للثورةء ثم يتولى الحكم فيبيد من أساتذته وزملائه أضعاف مَن أبادهم القياصرة من آل 
رومانوف. 


وباب النجاة من وباء الشيوعية فيما نعتقد أنها مذهب Y‏ يقوم على آراته ولا على أخلاقه 
مجتمعٌ صالح للبقاء والتعمير؛ إذ كانت في صميمها «سلبية» هادمة لا يُقام عليها بناء 
من مادتهاء ولا تصلح مادتها Js‏ من الأحوال للبناءء ولو خلص المجتمع الروسي — 
بعد الثورة — للشيوعية على حقيقتها لما تماسَكَء ولا انتظم خلال هذه السنين ue Al‏ 
وإنما يتماسك المجتمع وينتظم هناك بمقدار المخالفة بينه ويين الشيوعية لا بمقدار 
المطابقة والتوفيق؛ فكل ما قامت الشيوعية لهدمه فهو موجود يتمگن مع الزمن ولا يؤذن 
بالزوال. ونظام «رأس المال» لم an‏ منه إلا أن رءوس الأموال بحذافيرها قد اجتمعت 


MW 


الشيوعية من الوجهة العلمية 


في يدي الدولةء فتولت إدارتها لتثبيت أقدامها على الرغم من مشيئة كل ذي مشيئة 
في البلادء ولا عبرة Od‏ يعيشون ويموتون في كل وطن Glide‏ منقادين بغير مشيئة 
للموافقة ولا للإنكار ... فأمثال هؤلاء سواء في Sale‏ هن las‏ 
الفاشيين والنازيين» وأصحاب رءوس الأموالء ولا يعدم نظام رأس المال del‏ كطاعتهم 
في مجتمعات الحرية أو مجتمعات الاستبداد. 

ولا مذهب الآن بعد الإيغال في الابتعاد dic‏ كلما استحال تطبيقه على مبادئه Ay Bill‏ 
بل تقوم الدولة اليوم مقام المذهب وتود لو تخلصت die‏ ما استطاعت» ولكنها لا تستطيع؛ 
لأن بقاء المذهب هو das‏ البقاء للدولة وحجة النظام الذي تستند اليه» وهذه هي 
«النقيضة» التي ستقضي على المذهب أو على الدولة في النهاية؛ فلا بقاء Log!‏ مجتمعين. j‏ 

يقول الماركسيون: إن نظام «رأس المال» نظام تقضي عليه نقائضه التي لا تقبل 
التوفيق. 

ونقائض رأس JU‏ لم تقض عليه حتى «OM‏ ولكن الخلاص من نقائض الشيوعية 
يجشمها من متاعب Spall‏ ما لم يتجشم رأس المال. 

فالسلام في العالم جو لا تعيش فيه الشيوعية؛ GY‏ طلب القرار وطلب الفتنة نقيضان. 

والسلام في العالم حالة لا تستغني عنها الدولة؛ لأنها لا تقوى على محارية العالم 
بمذهب يفقد حجته في بلادهاء ولا يستطيع أن يخلق له حجة غالبة في خارجها. 

لا أمان مع السلام ولا pas‏ السلام. 

ولا بد في النهاية من زوال المذهب أو زوال الدولة. 

وقد زال نصف المذهب إلى الآن» وما بقى dio‏ فالدولة حائرة فيه؛ هل تتشبث به 
وتبقيه أو تتخلص منه وتلغيه؟ ۰ 


+. 


قيصرية 


تنسب القيصرية إلى قياصرة الروس» shay‏ بها في العُرف السياسي كل حكم يتغلب 
فيه حب التسلطء وتوسيع الدولة واعتبار السيادة الحكومية سيادة شخصية ينفرد بها 
صاحب الأمرء ولا يتقيد فيها بالشورى ولا بشعور المحكومين. 

وتُوصّف «روسيا الحمراء» بأنها Uys‏ قيصرية لا تزال كما كانت في أيام القياصرة 
على سبيل المشابهة بين العهدين في جميع هذه الخلالء ولكن التشبيه أحرى أن ينقلب عند 
المقارنة بين القيصرية والشيوعيةء فلا تكون القيصرية مضرب المثل في مظاهر التسلط 
وتوسيع Al‏ واستبداد الحاكم بأمره في شئون الدولة» بل تكون الشيوعية هي مضرب 
الكل ف aras‏ هذه SMAI‏ 1 

ذلك أن الدولة القيصرية لم تبلغ في age‏ من عهودها المظلمة مبلغ الدولة الشيوعية 
في كثرة البلاد التي تحكمهاء ورهبة الجبروت على محكوميهاء واستطاعة الحاكم فيها أن 
يصنع بالأرواح والأموال ما بدا «Al‏ متسترًا بنصوص القوانين أو مستبدًا بالرأي جهرةً غير 
مكترث Gail‏ أو لقانون. 

اقا ete aoe‏ عن تمت ايض الس مداه FORSTER algal‏ 
اليوم من أواسط أوروبا إلى شواطئ المحيط الهادي في آسيا الشرقيةء ولا يدخل فيها تعداد 
البلاد التي يحاولون أن يحكموهاء ويتسلطوا على حكوماتها وشعويها بالطوابير الخامسة 
والمؤامرات ZEN‏ عليها بين حكام الكرملين وحكامها المحليين. 

وريما خضعت للقياصرة بلاد لا تميزها صفة من صفات الاستقلال السياسيء التى 
اصطلح عليها فقهاء العلوم السياسية في العصر الحديث؛ فهي بلاد تابعة للقيصر خاضعة 
لعرشه وكفى. إلا Lal‏ إذا نظرنا للواقع رأينا أن الخانات الوطنيين في تلك البلاد كانوا على 
نصيب من الاستقلال الواقعي أوفر من نصيب الأمم الحديثة التي تخضع للدولة الشيوعيةء 


لا شيوعية ولا استعمار 


وأن القيصر القديم لم يكن في وسعه أن يتعرض لتفصيلات الحُكم في الشعوبء التي تدين 
بالطاغة USGL‏ الوطتيين؟ Lad (GN‏ هذا الشكون Ling sill Uy) Lang das Lal!‏ 
على البلد لم تكن تشعر بحكومة غير حكومة الخان» ولم يكن قيصر الروس عندها إلا 
شبحًا مرهويًا من بعيد. 

وعلى غير هذه الحالة تقوم العلاقة بين القيصرية الحديثة والبلاد (SI‏ خضعت 
ee ee alla‏ هة فا ٠‏ ` 

وقد تنقسم البلاد الخاضعة للقيصرية الحديثة إلى قسمين: aud‏ مستقل صاحب 
سيادة us‏ بالملحقات أو بالكواكب التى تدور في فلك الدولة “Satellites”‏ 

‚Sal Sal بعل دوعا جز‎ ed a ri ass 
j وحرية التصرف في العلاقات الخارجية.‎ 

إلا Lal‏ جميعًا بين ملحقات وتوابع أو ولايات لا تخرج من نطاق الحكم الذي يفرضه 
الكرملينء ولا تُعرّف لها «شخصية قومية» بمعزلٍ عن سياسة الكرملين في وجهتها العامة 
ولا يستطيع أكبرها استقلالًا أن يقالت ذلك السا ف il‏ عالمية تقررت فيها خطة 
الكرملين أمام الدول الأخرى ... أما أن تجترئ إحدى الملحقات على مناقضة السياسة التى 
يمليها الكرملين في المسائل العالميةء فذلك من وراء الحسبان. j‏ 

وقد كشفت ثورة بولونيا وثورة المجر مدى الطغيان الذي تفرضه القيصرية الحديثة 
على أمم الملحقات المستقلةء وبولونيا pally‏ أوفرها نصيبًا من الاستقلال في عرف السياسة 
الدولية. 

فما هو إلا أن بدرت من الشعب المجري بوادر التذمّر من طغيان القيصرية الشيوعية: 
حتى صدر الأمر إلى حكومة المجر الوطنية بالضرب على أيدي المتذمرينء واعتقال قادة 
الحركة بغير هوادة وبغير تسويف» وانتظر سادة الكرملين هنيهة» فلم يجدوا من الحكومة 
الوطنية ذلك النشاط الذي يريدونه في قمع كل حركة تجترئ على الشكوى من طغيان 
القيصرية الخانق» فصدر الأمر في هذه المرة إلى الجيش الروسي بالزحف على عاصمة call‏ 
وإسقاط حكومة «ناجي» وإقامة حكومة أخرى من صنائع الكرملين» وتولى الجيش الأحمر 
ما عجزت عنه الحكومة الوطنية من فظائع البطش والتنكيل والإرهاب» فامتلأت الطرقات 
بجثث القتلىء وامتلأت مركبات السكة الحديد وسيارات النقل بالألوف من المعتقلين 
Gusta‏ إلى الأطراف الروسية؛ تنفيدًا لخطة «النفي بالجملة»» وتبديل السكان بالسكان 
من غير أبناء البلادء ومعظم هؤلاء المعتقلين شبان Lad‏ دون العشرينء يختارونهم من 


Y. 


فيصرية 


هذه السن «لتعليمهم» أو صبغهم بالصبغة الحمراء بين أندادهم من الروسيينء فإن لم 
يتيسر لهم أن يصبغوهم بالصبغة المطلوبة أبادوهم» أو قطعوا ما بينهم وبين أوطانهم 
مدى الحياة. 

ولم ينج من هذا البلاء الواصب إلا 42 اعتصم بالجبال» واستطاع الهرب إلى خارج 
البلادء ويبدو من عدد الهاربين أن الأمة المجرية كلها كانت خليقة أن تلوذ بالهرب من 
بلادها لو أنها استطاعت؛ GY‏ عدد الهاربين بلغ نحو ربع مليون من الرجال والشبانء 
وهم بطبيعة الحال أقدر على الهرب من الشيوخ والنساء والأطفال» وحسبك من بلاء لا 
نجاة منه للأمة كلها بغير الهرب ولو تستطيع! 


SU peal فون الك ك هار‎ Ga Gs clea) ال فة‎ types ll ess la 
في فن إخفاء المظالم» وسترها بالمعاذير والتهم التي‎ sis الغابرةء فلا نرى أنها استفادت‎ 
يتعلل يها الظالم للعدوان على المظلومين؛ فقد كان قياصرة الروس يسترون مظالمهم‎ 
بألوان من المعاذير تقبل التصديق؛ وتكسبهم تأييد «المحايدين» من أمة الروس والأمم‎ 
ila’ CESARE AS NS E E 
وتلك بالغيرة على الكنيسة أو على شعائر الأماكن المقدسةء ولم تكن تعوزهم في مجزرة‎ 
من المجازر علة من أمثال هذه العلل.‎ 

أما القيصرية الحديثة فكل ما تفتقته الحيلة لها من أمثال هذه المعاذير أن ثورة 
العمال في المناجم» وثورة الشبان الناشئين من الخامسة عشرة إلى العشرينء إنما هي 
تدبير من تدابير الإقطاع أو سماسرة رأس المال في الخارج» LU y‏ اعتفل الروسق N‏ 
أشخاصًا معروفين بأسمائهم ومذاهبهم Geli‏ بهم تهمة الفوضويةء أو NEN‏ 
غيرها من التهم التي يعتمدونها لتسويغ المجازر أى تسويغ الإهمال في قمعهاء واتخاذ 
الحيطة لها قبل وقوعهاء أما القيصريون المحدثون فيذكرون الدسيسة الإقطاعية ألف 
Boe‏ ولا يذكرون في مرة منها فردًا واحدًا تحيق به التهمة ويدينه التحقيقء ولو كان 
تحقيقا من قبيل تحقيقات المحاكم المعروفة في حركات التطهير. 

وأغرب التهم Es‏ أن يكون الناشئ من أبناء الخامسة عشرة إلى العشرين ضحية 
للإقطاعية, التى أخذت في الزوال منذ الحرب العلمية الأولى» Sly‏ يكون عمال المناجم 
معتصمين في مناجمهم بتدبير أصحاب الأموال» وأن تسقط حكومة وتُقام حكومة والجيش 
الأحمر في البلاد «يتفرج» كما lis‏ ولا يتدخل لإسقاط معارضيه وإقامة صنائعه 


ومؤيديه. 


Y\ 


لا شيوعية ولا استعمار 


ويتم الشبه بين الحجج القيصرية وحجج الاستعمار في هذه المعاذيرء كلما قابلنا بين 
دعواها ودعواهم على الشعوب التي تحاربهم بالثورة ويحاربونها باختلاق التهم عليها. 

فالأمة المصرية ثارت على الاحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى» واستخدم 
المحتلون كل ما وسعهم من بطش في قمع ثورتهاء ثم أحسوا حرجهم plal‏ العالم 
واحتاجوا إلى العذر المقبول أمام شعوب الحضارةء lilas‏ اعتذروا؟ اعتذروا بأنهم لا 
يقمعون ثورة قومية ولا حركة طبيعيةء ولكنهم يحبطون فتنة خبيثة La ós‏ الترك والألان 
المنهزمون» وعجزوا كما عجزت القيصرية الحمراء عن تقديم شخص واحدء تجوز عليه 
تهمة التحريض على الفتنة من قبّل الترك والألان» وكان من أغرب الدعاوى حقًا أن 
يستطيع الترك والألان المنهزمون أن يثيروا في هزيمتهم فتنةٌ لم يقدروا على إثارتها وهم 
منتصرون» ولكنها ليست بأغرب من دعوى الإقطاعية على عمال المناجم أو BAG‏ الجيل 
الذي لم يشهد في بلاد المجر دولة من دول الإقطاع. 

على أن أسباب الثورة في المجر وبولونيا وبلاد الملحقات» والتوابع في القارة الأوروبية 
أثبت وأقوى من أن يجدي فيها الإنكارء أو تجدي فيها براعة الدعاة في الإخفاء والاختلاق. 

أسبابها أن القيصرية الشيوعية تحاول جهدها أن تقبض بكلتا يديها على أَزمّة 
السياسة الاقتصادية في كل مكان تحرص على النفوذ فيه» وماذا تجدي الدعاية أو الاختلاق 
ES‏ ° 

هل تنكر القيصرية الشيوعية قواعد مذهبها الأولى والأخيرة ... هل تنكر إيمانها بأن 
السيطرة السياسية تابعة للسيطرة الاقتصادية؟ وهل هي - مع إيمانها بهذا — تطمع 
في بقاء نفوذها حيث تريد النفوذ دون أن تملك أَزِمّة الثروة والاقتصاد؟ هل يوافق مذهبها 
في أساسه أن تترك توجيه الثروة لغيرها في مجتمع من مجتمعات ملحقاتها وتوابعها؟ 

فالتبرق من التحكم في ثروات الأمم دعوى adi‏ من كل قيصرية قبل أن di‏ من 
القيصرية الشيوعية. 

وقد تكذب الأخبار والإشاعات» ¿Ely‏ هذه الحقيقة لا تكذب ولا تقبل الإنكار. 

فإما أن تكون القيصرية الشيوعية مسيطرة على SÍ‏ الثروة في alll‏ إما أن ترحل 
عنه ولا تهتم بأمره» Ss‏ ما JE‏ غير ذلك فهو إنكار لمذهب القوم من الأساس» وليس 
قصاراه أنه إنكار لخبر أو تكذيب لدعاية. 

وكل ما glib‏ من أخبار تلك البلاد المغلقة في وجه العالم» فهو تطبيق طبيعي للمذهب 
الذي يقوم على تسخير الوسائل السياسية للوسائل الاقتصادية. : 


۲۲ 


فيصرية 


0 


وبجدع GNI‏ تفرط الشيوعية القيصرية في plas‏ من 2231 الاقتصاد تستطيع أن 
قبن عليه ق يلو de Jas‏ إيقاء és Lig‏ 
ولهذا فعلت JAS‏ المستعمرين في معاملة شعوب الملحقات والتوابع» فأخذتهم بذنب 
0 التي كانت مُسلّطة عليهم برغم أنوفهم» وتعلّلت بمبادئ الغرامات والتعويضات 
ء حصتها من شعوب أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية التي كانت Gala‏ 
si‏ ولم تستوف حصتها — بالبداهة — من هتلر وجورنج وجوبلز وهيس 
وريبنتروب» ولكنها استوفتها من الشعوب التي تبكي عليها من ظلم السيادة الأجنبية 
وظلم الإقطاع. 
dell Vy ill e jis ASL Gl all am alas‏ مع UN‏ المغلوية 
التى حقت عليها الغرامة أو التعويضء ولم تعد إلى تلك البلاد Ús‏ مما نزعته إلا على 
Ala, pb‏ «الإدارة المشتركة», التي يتساوى فيها الروس والوطنيونء ويتولاها مدير يرضى 
as‏ الكو ولن تكو هذا الدين إلا SIV‏ مظواعًا als gS)‏ وأصمان الفضل dde‏ 
ترشيحه حي كلمته على معارضيه؛ ولن يكون «وطنياه محليًا في سیاسته» ولو كان 
هن pill‏ الخليزن: sale sie ely‏ يحمي به وجهه أمام ناقديه من قومه وغير قومهء 
a‏ هلان GEN‏ من sl de A‏ عل alas‏ ومفبالح الحو 
الشيوعي أو الأحزاب الشيوعية» وكلها ينبغي أن تكون على رأي سواء في جميع الأوطان. 


des‏ الجملة تتلخص العلاقة بين القيصرية الشيوعية وأتباعها في كلمتين: الاستغلال 
والإكراه؛ فلا يخضع Gad‏ من الشعوب لطغيان القيصرية: إلا وهو عاجز عن المقاومة 
الحكومية أو الشعبيةء ولا يخف طغيان poll‏ 2 في ab‏ من البلدان إلا بمقدار الخوف 
من مقاومته وانتقاضه» ولا حساب هنا للحرية ولا لرعاية الحقوق. 

وتقول الدعاية هنا ما تقول» فالواقع أن قيام السلطة القيصرية على القمع والإكراه 
بين الأمم التابعة لها Sol‏ ملموسٌ في مجامع الدول لا تجدي فيه المكابرة ولا تلفيق المعاذير. 
فإن الاستعمار الذي pS,‏ عنه الشيوعيون كما يتكلمون عن الغول أو الأفعوان لم يُرهب 
أتباعه كما ثرهب القيصرية الحمراء أتباعها في أهم التوابع والملحقات» وأيسر مقارنة هنا 
بين مواقف كندا والهند وزيلاندا الحديدةء ومواقف بولونيا Aly‏ وفنلندا Jas‏ على الفارق 
البعيد بين طغيان القيصرية الشيوعية وطغيان الاستعمار المنعوت باستعمار رأس المال؛ 
فبينما تجترئ كندا Whe‏ على منابذة إنجلترا والوقوف في صف معارضيها في هيئة الأمم 


YY 


لا شيوعية ولا استعمار 


Sunil‏ ننظر إلى الدول التابعة للقيصرية الشيوعية» فلا نرى دولة منها تجترئ على 
«الحياد» في مسألة من المسائل العالمية» التي تفترق فيها الخطط والسياسات» ig‏ منها 
تجترئ Je‏ اجتناب التصويت عند احتدام الخلاف. 

0 كان هذا نصيب الدولة ذات «الكيان السياسي»» فليس من المعقول أن تكون 
الشعوب التي لا كيان لها abel‏ نصيبًا من استقلال الرأي وحرية الإرادةء فإن هذه 
الشعوب «تندمج» في الاتحاد الشيوعي» ولا يزيد رأيها فيه على صوت daly‏ من أصوات 
الكثرة الغالبة في القرارات النهائيةء وهي على هذا لا تملك صوتها الواحد مستقلًا عن 

طغيان الكرملين؛ لأن دساتير الشعوب المحلية تنص على المساواة في الحقوق السياسية 
بين الروس وأبناء تلك الشعوب» ومعنى ذلك أن الحقوق كلها للروس في الحكومات المحلية؛ 
لأنهم أعضاء في حزب واحدٍ منظم» يقابلهم شتيت من الوطنيين المتفرقين als Y‏ أحدهم 
اک ¿rs iid Ua‏ الموافقة قبل انتظامه فيه» ومتى كان الرسع 
الأخير إلى حزب منتظم في الإدارة المحلية يؤيده حزبٌ منتظم في الدولة الحاكمةء فلا حرية 
ول استفلال ول کی الوك الى يطلب A al‏ أنه سومان نا a‏ 
لتهمة الخيانة والانشقاق حين تبدر منه AMEN‏ في مسألة واحدةء ثم تتكرر في مسألتين 
أى ثلاث. وإذا كان أقطاب المذهب من أمثال مولوتوف ومالنكوف وشبيلوف يتعرضون 
لهذه التهمة في المجلس الأعلى في بلاد الروس نفسهاء فما بالك بالعضو التركماني المسكين 
إذا اجترأ على مخالفة خطة gens‏ عليها بين سادة الكرملين؟ وما ضمانه من الدستور أو 
a a‏ إذا كان هذا الضمان معدومًا في مجالس الأقطاب والأعلام؟ 

بناء قنطرة في بلاد البشكير يحتاج إلى التصديق من سادة الكرملين» وإن مد 
= الماء أو سكة «الترولي» في نالشيك nalchick‏ لا يتم بغير الموافقة من أولتك السادةء 
1 يتكلف القوم Als‏ ذلك لأنه'من المنشورات الرشمية ف الضحف las ars)‏ أشرنا 

ليه هنا منشورٌ في تاريخ sel‏ من صحيفتين كييرتين هما صحيفة برافدا Pravda‏ 
VÁ» fs adil izvestia es‏ يونيى سنة + NYO‏ 

Gul,‏ على حقوق الحُكم الذاتى في مد السكك والأنابيب حق الأمة في حرية التعليم؛ 
ul dy‏ حرية lila ie La ALL Jl‏ كلها (fies Agila‏ هذه 
الكفالة التي لا محصل لها في النهاية إلا أنها كفالة حروف وكفالة نفاق. 

هذه ق اموا ؤتلك قيصرية الطغاة المستيدين؛ إذا اختلفتا Lola‏ تختلفان 
OY‏ القيصرية الشيوعية تستبيح كل منكر تتعلل له بحقوق الشعبء وتستهين فيه بجميع 


ME 


Y ass 
القيصرية الغايرة كانت تعرف المحظورات وتحتال لها بالفتاوى‎ ¿Sy المحظورات»‎ 
وقلما كانت قادرة على اختراع تلك الفتاوى لكل‎ ¿Bos الشرعية كلما اندفعت فيها بغير‎ 
محظور.‎ 


واستبداد 


والقيصرية في حكم الرعايا الوطنيين ليست بأهون ولا أرحم من القيصرية في حكم الشعوب 
الغريية من يلاد الملحقات أو أعضاء الاتحادء فهذه وتلك قائمة على الاستبداد المطلق من 
قيود الشريعة والأخلاق؛ فلا قيود لها ne‏ قيود الضرورة القاهرة التى لا يقد عليها ولاة 
)298 

إن الروسيين الذين أبادهم الحزب الشيوعي 958 بالملايين» كان يكفي أن يكون 
أحدهم من dle‏ الأرض CL‏ دمه بغير محاكمة وبغير سؤالء وكان يكفي في بعض 
الأحوال أن يأكل الفلاح ally‏ ذبيحة من البقر أو الضأن Claud‏ دمه ويقال عنه إنه 
معطّل لمشروع الزارع الجماعيةء يتعمد أن يذبح الماشية لكيلا SE‏ منه للمشاركة في 
مشروع من تلك المشروعات» بل كان يكفي لاستباحة الدم والحرية ما هو أيسر من 
هذه التهم الكبار كتهمة الكسل في الزرع» أو التقصير في تسليم الحصة المفروضة على 
المحصولء وجريمة هؤلاء جميعًا تدخل في عداد جرائم التعطيل والتثبيط التي تعاقب 
pliego‏ 

ولا يقل ضحايا الحزب الشيوعي عن عشرين مليونًا ذهبوا ضحية للقتل الجزافء 
أو للحرمان والجوع» أو النفي والتشريد في مجاهل سيبيريا ومعاقل قطب الشمال. ويبلغ 
من استخفاف دعاة الثورة الحمراء بدم الإنسان أنهم يحسبون كلمة الثورة مسوَغا كافيًا 
لاستباحة clos‏ الملايين» كأنها الوسيلة الوحيدة لنجاح ثورتهم أو إجراء هذه التجربة في 
سبيل النجاح» ويقول لينين بغير مواربة في خطاب منه إلى الكاتب جوركي: إن Sab)‏ ثلث 
الجنس البشري ليس بذي بال وإنما المهم أن تنجح الشيوعية بأية Ja‏ 

لكنه عذرٌ لا يستر طبيعة الضراوة بالشر في نفوس هؤلاء الطغاة؛ فإن أعضاء الحزب 
أنفسهم لا يسلم المقهور منهم من شرور المنتصرين عليهم في التنازع على مناصب الجاه 


لا شيوعية ولا استعمار 


والجبروت» وقد عمل الشيوعيون على الثورة في عهود ثلاثة من قياصرة آل ass‏ 
فلم يقتل القياصرة الثلاثة عشر الذين قتلهم ستالين وحده من كبار الزعماء dl‏ الصغار 
المجهولين» وخليفة ستالين نفسه هو الذي يقول: إنه من بين SU‏ والتسعة والثلاثين 
الذين انتخبوا في المؤتمر السابع عشرء ثمانية وتسعون اعَدَّقَنُوا وأعدِمُوا Ga,‏ بالرصاص 
خلال VATV Sale‏ و1158 على الخصوص ... ولم يكن هذا مصير أعضاء اللجنة المركزية 
فحسب» ولكنه كان مصير أكثر المندويين الذين اشتركوا في المؤتمر السابع عشر ... فمن 
7 مندويًا كانوا يملكون Ge‏ الاشتراك في الاقتراع أو يتمتعون بحقوق استشاريةء 
cal‏ القبض على ٠١١‏ أشخاص بتهمة ارتكاب جرائم مناهضة للثورة. 
A A AAA ls lea‏ 

agi‏ أحد من هؤلاء الزعماء Logis‏ أقل خطرًا من تهمة الخيانة العظمىء وعداوة الشعب 
والمروق من مبادئ الثورة» وأشباه هذه التهم التي لا تقل العقوبة في إحداها عن الموت 
مع التشهير والتحقيرء ولا يتطلب الأمر لإثبات هذه التهم واستحقاق العقوبة عليها أكثر 
من الاقتراع مع القلة في مجلس من مجالس الحزب العلياء أو في هيئة من هيئات الصناعة 
التنفيذية؛ فإذا قال تسعة إن زيادة المصنوع من الجرارات غير لازمة» وقال عشرة إنها 
لازمة لا غنى عنهاء فالتسعة galo digs‏ للشعب مارقون على عقيدة الثورةء dels‏ 
إدانتهم أنهم أقل في العدد بواحدٍ من زملائهم المخالفين» وإذا كان من رأي مولوتوف 
وملنكوف وكاجنوفتش وشبيلوف واثنين أو ثلاثة معهم أن السياسة الخارجية تفرط في 
اللين أو تفرط في الشدةء وكان من ch‏ الفريق الآخّر أنهم مخطئون»ء فهم مخطئون Usd‏ 
الأبد الذي لا علاج له غير الموت البدني أو الموت Gall‏ ما دام القائلون بخطئهم يزيدون 
١ Gl FREE‏ > 

ولو كان هذا الاختلاف Lajas‏ على الكبار والصغار في أول age‏ الثورةء لجاز أن 
يقال إن الخوف على الثورة يبيح ما لا CLE‏ من فرط الشدة والقسوة جمعًا للشمل ومنعًا 
للشقاق» ولكنه pj‏ بعد أربعين سنةء ويستكثر على أكبر القادة الزعماء من ذوي المبادئ 
والآراءء وما يحرم على زعيم نيف على الستين وهو في خدمة الثورة والدولةء وارتفع فيهما 
إلى مكان القيادة منذ ثلاثين سنة؛ لن يكون ELS‏ )234 من الأفراد محجوب عن أسرار 
الدولة وبرامجها في pall‏ والعلانيةء ما دام المتهم من المنكوبين المنكودين والمنتقم من 
الظافرين المتحكمين. 

وسواء صدق هؤلاء الظافرون أو كذبوا في اتهامهم لخصومهم» فالثورة على الحالين 
أحقر ما عرف الناس من ثورات في تواريخ الأقدمين والمحدثين. 


YA 


واستيداد 


فليس أحقر من ثورة يخون مبادئها مئات من زعمائها متطوعين بغير داع BLAM‏ 
وهم في مراكز القيادة والرعاية. 

وليس أحقر من ثورة تدين المئات من زعمائها ظلمّاء وتفتري عليهم تهم الخيانة 

وليس أحقر من استبداد يجري مجراه على هذه الوتيرة بعد أربعين سنة من قيام 
الثورة» سواء جرى فيها لضرورة أو لغير ضرورة. 

فالثورة التى تضطر إلى الاستبدادء ولا تستغنى dic‏ بعد أربعين سنة» هى كارثة 
بلاء واصب وليست بحركة إصلاح مأمول. 

والثورة التي تصطنع هذا الاستبدادء وتقترف آثامه ومويقاته Bog pd pal‏ هي 
مؤامرة إجرام لا أمان فيها للمحكومين ولا للحكام. 

ولا أمان في نهاية الأمر las of‏ بهذا الاستبدادء أو ن يشهد المصاب يعد المصاب 
وهو (are‏ من نكباته Glog!‏ شأنه على سادته ومُسخريه» فكل yá‏ هلك أو سلم فهو 
من ضحاياه» ولكن الهالكين يخرجون بالموت من سلطانه الغاشم» وتبقى الآفة «الناجية» 
olas‏ أفدح من Glin’‏ الهالكين؛ لأنها تبقى وهى ELE‏ العقول والضمائر تصدق عن 
فئة من أبنائها بعد فئة أنهم أبطال الشرف والنجدةء وأنهم شياطين الخيانة والدمارء فإن 
لم تصدق هذا فهى لا تبالي ما تصدق وما تكذب؛ لأنها لا تحفل العدل والظلم» ولا تعرف 
الغضب للمظلوم ولا الغضب على الظالم: ولا تعدى أن تكون كالماشية التي GLES‏ منها 
البهيمة بعد البهيمة للذبح» وهي لا تسأل عن شيءٍ غير الجوع والظماًء أو تكون من بني 
الإنسان في حال كحال السجناء من أراذل الخلقء لا يحسبون للحرية ولا للسمعة حسايًا 


۲۹ 


+. 


وعنصريه 


في القارة الآسيوية بضع عشرة أمة صغيرة يتراوح عددها من مليون إلى خمسة عشر 
مليونًا أو نحو ذلك وكلهم في الأصل AS‏ طورانيون يدينون بالإسلام على المذهب السنيء 
ويتكلمون لهجات من اللغة التركية يفهمونها جميعًا بكتابة Gals‏ ولا يصعب على أحدهم 
أن يتفاهم بها مع أبناء الأقاليم الأخرىء ولا شك أنها تتوحد كما توحدت الفرنسية أو 
الإيطالية بين لهجات الأقاليم في بلادهاء إذا استّخدمت في الكتابة والأحاديث العامة كما 
تُستخدّم اللغات القومية. 

ولكن القيصرية الشيوعية — باسم رعاية الحقوق واحترام الاستقلال الذاتي لتلك 
الشعوب - تمزقها في حدودها وأنظمة حكمها أجزاء مبعثرة لا يجتمع Sle‏ منها على 
Ole‏ ولا يُقبّل من أحدها أن Lu‏ له ala Stes!‏ ينتمون all‏ باللغة والسلالة. 


... والعمل على محو معالم القومية في هذه الشعوب» وقطع كل علاقة بينها 
وبين تراث اللغة والتاريخ — فيها — هو زبدة المبادئ التي تعلنها قرارات 
الحزب» وتذيعها الصحف الرسميةء ويشرحها في الكتب والمنشورات علماؤها 
LA nl id di‏ وما من SUS‏ 5 له بالخروج من المطبعة 
في أرجاء روسياء إلا وهو بمثابة الأمر الحكومي المفروغ من تحضيره ومراجعته 
وتطبيقه على مشروعات السنين كما 5 lia slds Nee‏ 
الصارمة على Ge‏ يخالفها. 

ولقد سلك المستعمرون الحمر مسلك جميع المستعمرين في تخدير 
ضحاياهم بالوعود الكاذبةء وتغريرهم بزخارف الأباطيل ومحرجات الإيمان 
على نية الحنث بها من اللحظة الأولى» فأعلنوا في أوائل أيام الانقلاب الشيوعي 


لا شيوعية ولا استعمار 


بلاغا GLb‏ وجّهوا فيه الخطاب إلى الشعوب الآسيوية الإسلامية بصفة dolo‏ 
وأكدوا فيه لكل شعب منها أنه آمن بعد اليوم على حريته التامة في معتقداته 
EN Kaa OLE SS‏ من ali‏ 
الحكم القيصري» وزوال عهد الحجر والطغيان بزواله إلى غير «das,‏ وما 
هو إلا أن هدأت SSE‏ واستقرت الدولة الجديدة في مراكزها حتى عادت 
القيصرية في أشنع صورهاء وحل الخوف محل الأمان في كل وعدٍ من وعود 
الحرية والطمأنينة» وقال US‏ من أمناء تلك الشعوب المهاجرين في حديث 
يمتزج بالسخر الأليم: «إن المخدوعين المساكين كانوا إذا أرادوا أن يعرفوا 
مواضع المصادّرة المنتظرّة» رجعوا إلى بقية الشعائر التي وعدوهم باحترامهاء 
فعلموا أنها هي الهدف المقصود بالضربة التالية ...»» ولم يكن هذا الساخر 
مازحًا فيما وصفه من تقدير قومه» Sly‏ ساقه في مساق التهكم والسخرية؛ 
فإن الشعائر المقدسة قد أصبحت في الواقع مرادفة للجرائم المحرّمة على تلك 
الشعوب ... حتى الشكوى من القيصرية في Gl!‏ طغيانها أصبحت ls‏ على 
التشبث بالنعرة القوميةء فوجب اتهام المجاهرين بها والقضاء على دعاتهاء 
وتساوّى في هذا الاضطهاد جميع الشعوب الإسلاميةء yá‏ كان agro‏ أقاليم 
أوروبية ومَّن كان منهم في أقاليم آسيا الغربية أو آسيا الوسطى» فصدر 
الأمر في القرم بتقسيم اللغة التي يتكلمها القرميون إلى ثلاث لهجات» وضبط 
كتابتها على حسب الأبجدية الروسية لا على حسب الأبجدية deal‏ ونادى 
وزير المعارف - ألكسندروفتش - في المؤتمر الشيوعي السابع عشر بوجوب 
تطهير هذه اللهجات» وإدخال الكلمات الروسية في موضع الكلمات المحذوفة 
gie‏ وشاعت سياسة التشتيت والتمزيق في اللهجات» بل في فروع اللهجات؛ 
ليتيسر محوها وتصعيب استخدامها في مقاصد العلم والثقافةء وتعجيزها 
عن الثبات - من كَمَّ ‏ أمام اللغة الروسية التى اجترفتها جميعًا في معاهد 
Lull‏ وذواؤين deal‏ :ومتقورات ¿lll‏ والجالسن Asta‏ 
وقد كان ستون galo‏ من أبناء الشعوب الآسيوية يقرءون صحيفة 
«ترجمان»» التي كان يصدرها المصلح الكبير إسماعيل غصبر المعروف في 
القاهرةء وكانوا على اختلاف لهجاتهم يفهمونها ويتداولونهاء فأمر المستعمرون 
الحمر - أنصار حرية الشعوب - بمصادرة كل صحيفة من قبيلهاء واعتبارها 


YY 


وعنصريه 


داعية إلى النكسة والرجعية والتشبث بالنعرة الوطنية» وصادروا مع مصادرتها 
كل سيرة من سير البطولة يتغنى بها أبناء الشعوب المغلوبة؛ GY‏ ثورة الأبطال 
الوطنيين في وجه القياصرة Las]‏ كانت ثورة على الأمة الروسيةء التي ساقت 
الحضارة والمعرفة إلى تلك الشعوب .. ١‏ 

وحاقت اللعنة بالأدباء الذين يذكرون أوطانهم LHL‏ ويفخرون بالانتماء 
إليهاء فا الشاعر التركمانى جمعة مرادوف بالنكسة الرجعية؛ لأنه نظم 
قصيدة عنوانها «بلدي تركمانستان» عابتها صحيفة الحزب «تركمانسكايا 
أسكرا» في عددها الصادر في الحادي والعشرين من شهر سبتمير سنة 2١115١‏ 
وقالت في انتقاد الشاعر: إنه لا يختص التركمان السوفيتية بالكلام» بل يعمم 
القول على جميع بلاد التركمان» ويصورها كأنها جنة على الأرض ... وإنما 
ينبغي على الشاعر أن يتحدث عن تركمان السوفيتية؛ لأنها إحدى الجمهوريات 
الأخوات في داخل الاتحاد السوفييتى العظيم. 

وسيقت الأمم ze‏ الروسية A‏ عقد مؤتمر Glad‏ فيه ولاءها للدولة 
الملستعمرة» وسخطها على دعاة التجديد والإحياء في الحركة الوطنية» فخطب 
باجيروف نائب الرئيس بذلك المؤتمر Gp SEG‏ رئاسة اتحاد SEEN‏ السوفيتيين 
ol)‏ حوالي سنة VAEA‏ أن تعقد في موسكو اجتماعًا لتنظيم المناقشة في مسألة 
القوميةء التي ينتمي إليها SS‏ السابقون ومؤلفاتهم غير مستثنية من ذلك 
Sich‏ ذلك QUEM‏ الرجعي: :الذي يخطوي Je‏ عداو الشعب وتسميم ASA‏ 
بسموم الجامعة الإسلاميةء نعني GUS‏ ديدى كركوت «dedakorkyt‏ 

ولكن هذا الرأي قد تقرر رفضه في Gal‏ الحزب المركزية» وعرفنا بفضل 
هذه Gall‏ طوايا الكتاب السيئة» وأن نميط اللثام عن حقيقة الرجعية. 

sla ety‏ الرسميون Uphill wall‏ والوطتية ق al‏ الخاضعة 
للدولة المستعمرة. فوصموها بخبث النزعة وسوء الطويةء وقال باجيروف 
المتقدم ذكره في عدد يوليو سنة ١١15١‏ من مجلة بولشفيك» وهو يتحدث عن 
«شامل» بطل القوقاز الذي اشتهر بثورته على القيصر قبيل منتصف القرن 
التاسع عشر: «إننا اذا أردنا أن نفهم فكرة صميمة عن حركة شامل coña‏ 
Sul‏ أنها كانت حركة دينيةء وأنها أشد أعراض الجامعة الإسلامية LS‏ 


وعداوة.» 


رضن 


لا شيوعية ولا استعمار 


وقالت مجلة كومونست في عدد يناير سنة ¡VA OY‏ «إن المؤلف جعفروف 
الذي كان يظن سنة ١555‏ أن الحركات القوميةء التي ثارت على روسيا خلال 
ag VASA Au‏ 853557 كانت من ¿del ale‏ قن Ayla alo‏ 
AD Ea E E‏ متمد gi‏ وفيت 
المجلة تقول: «إن هذا الكتاب — Gi‏ كتاب جعفروف - يتعمق في البحث عن 
جذور العلاقة الودية بين pel‏ آسيا الوسطى وبين الأمة الروسية العظيمة 
ويلفت النظر على نحو Gale‏ إلى الدلالة التقدمية التي يدل عليها ضم هذه 
الأمم FORTE SU TU HEN)‏ ... فإن هذا الضم قد أتاح m‏ فرصة المساهمة في 
ثقافة روسيا العظيمة.» 

وصحيفة الدولة — برافدا — 13,3 هذه الأقوال» وتصرّح في السابع من 
أكتوبر سنة ٠٠١١‏ أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تمنع سموم الجامعة 
learn er A‏ 
سليمانوف flies‏ كاذب؛ لأنه يزعم أن الشعوب التركية تجمعها ثقافة مشتركة. 
وتصرّح صحيفة الدولة الأخرى - ازفستيا — قبل ذلك في الثاني من سبتمبر 
سنة ١95١‏ ببطلان الدعوة التى يجنح إليها مجمع العلوم ببلاد الأزبك clay‏ 
كب الشلف الإسلامية Laly‏ مخطوطاتها ومتفرقاتها: 

وقد بدأت هذه السياسة منذ الأيام الأولى التي أفاق فيها سادة الكرملين 
من شواغل حربهم الداخلية» ولكنهم كانوا يراوغون في تنفيذها بين المصانعة 
والخديعةء أو بين القمع والحيلةء حتى كشفوا القناع عنها حوالي سنة ۱۹۳۰ء 
فدفعوا أذنابهم إلى المؤتمر الذي سمّوه بالمؤتمر التاريخي في سمرقند؛ ليعلنوا 
البراءة من الوحدة القومية ... أو ليعلنوا بعبارة el‏ أنهم — أبناء آسيا 
الوسطى - أشتات متفرقون» وليسوا بالعنصر الواحد في الأصلء ولا في اللغة 
ولا في التراث القديم» وقد اجتمع المؤتمر سنة MAYO‏ وأصدر قراره - العلمي 
— بوجوب تصحيح النظر إلى تلك الوحدة المزعومة بين القازاق والتركمان 
والجرغيز والأزابكة» وجيرانهم الآخرين ... ولسنا ندري كيف يطمع دعاة 
الاستعمار الأحمر في تصديق هذه الأضحوكة عن Gull‏ طائعين مختارينء 
يشدون رحالهم إلى sb‏ واحدٍ؛ ليسوّغوا للغاصب تمزيقهم وإنكار أصولهم 
وابتلاعهم بعد ذلك أشتانًا مبعثرين. 


Ye 


وعنصريه 


ويجوز تصديق هذه الأضحوكة لو كانت المسألة هنا مسألة مبدأ في المذهب 
الماركسي» يطبقونه على جميع الأوطان وبين جميع الشعوب ... أو لو كان 
الشعور الوطني على مذهبهم شعورًا بغيضًا لديهم يحرّمونه على الأمم ASA‏ 
LS‏ يحرّمونه على الأمم المحكومةء ولكن الواقع في الإمبراطورية الروسية على 
نقيض ذلك من طرفيه؛ فإن العصبية الوطنية مفروضة مشكورة في روسياء 
حيث تكون مذمومة مدحورة في البلاد الخاضعة لسلطانهاء وكلما SSI‏ ولاة 
الأمر في تحريم العناية باللغة والتراث القومى في قطر من الأقطار الآسيوية. 
قابلوا ذلك بالحماسة الروسية Anillo pañal!‏ والثقافة في أضيق حدودهاء 
ولم يصنع النازيون والفاشيون في تهوسهم المرذول بالمفاخر المحتكرة للجنس 
الآري» والمآثر الموقوفة على الجرمان وأسلافهم دون سواهم من أمم العالم؛ 
بعض ما صنعه دعاة العظمة السلافية — يل عظمة الجنس الروسى على حدة 
oy —‏ ساف day Ll isla else]‏ رال انون A] lop pails‏ هذا call‏ 
Sass‏ واحدًا لا منازع لهم فيه» يدعون به السبق إلى كل اختراع» والانفراد بكل 
فكرة قبل انتشارها بين بلاد الحضارة الحديثة. 

ففي سنة ١15٠‏ منح مجلس الوزراء جائزة الدولة للمؤرخ ريباكوف 
ay reybecov‏ زعم في كتابه عن صناعات Lung,‏ القديمة أن روسيا كانت 
مصدر المعارف الصناعية التي انتقلت منها إلى الغرب» واستفادت منها بولونية 
وبوهيمية وما جاورهما. ' 

وصحيفة الدولة تحيى قصة كاترين الثانية في الصور المتحركةء فتعيد 
قصيدة شاعرها الذي ene‏ ذلك العهد SL‏ عهد الظفر القاصفء والغلبة 
الجانحة» والعبقرية الروسية في ميادين القتال. وقادة روسيا الذين خدموا 
القياصرة si‏ ذكراهم المئوية أو الخمسينية لكل مناسبة عارضة: أو لغير 
مناسبة على الإطلاق غير أرقام التواريخ» فيشيد كاتبهم شاتاجين shatagin‏ في 
شهر galo‏ سنة ٠۹٠١‏ بذكرى انقضاء مائة وخمسين سنة على وفاة القائد 
سفيروف 511765017 ويحيي هذه الذكرى الخالدة بمقالٍ ges‏ استغرق 
أكثر من phe‏ صفحات في العدد التاسع من مجلة البولشفيك» والدولة هى 
التي تتولى نشر GUS‏ كوفاليف «kovalev‏ الذي يُعيد معظم العاف إل 
سابقة Lu,‏ ويقول فيه إن لومنسوف الروسي سبق لافوازيه إلى قانون بقاء 


Yo 


لا شيوعية ولا استعمار 


المادة والطاقةء وأن بتروف سبق جميع العلماء العالميّين في كشوف الصناعة 
الكهربية» وأن لينز وياكوبي Hw‏ المخترعين والكاشفين إلى استطلاع أسرار 
المغناطيسية الكهربية» وأن بلزنوف سبق واطس إلى اختراع القاطرات البخارية. 
oly‏ يابلخوف ولوديجين in‏ المخترعين إلى الاهتداء لنور الكهرباء ASL‏ 
من ثلاثين سنةء Gly‏ بوبوف ya‏ مخترع جهاز الإذاعة حوالي سنة AGO‏ 
وأن برويجين سبق الفلكيين إلى رصد حركات المذنبات» وأن لوباشفسكي هو 
صاحب الآراء الحديثة التي ode‏ بها علوم LOLI‏ وأنشأ بها هندسة تنافس 
هندسة إقليدس القديمة» Gly‏ علماء الروس بالإيجاز قد سبقوا جميع العلماء 
والمخترعين في ميادين الصناعة العصرية والعلم الحديث. 

وكلما اجتمع مؤتمر المعلمين الذي يوحي بسياسة التعليم إلى المدارس كافة 
في أنحاء الامبراطوريةء نادى بوجوب تعليم الدروس جميعًا باللغة الروسية ... 
وصحيفتهم المخصّصة لإذاعة هذه السياسة هي التي نشرت خلاصة هذه 
القرارات في السابع من شهر أبريل سنة 190€ فقالت في الفصل الافتتاحي: 
إن الأكرانيين وأبناء روسيا البيضاء واللاتفيين والاستونيين والقازاق والأزابكة 
والشراكسة والأرمن والتتر إلخ إلخ ... يدرسون بجد وشغف لغة أختهم الكبرى 
الأمة الروسية العظيمة. 

وهذه الصحيفة هى التى نشرت في الثلاثين من شهر يونيو سنة VAEY‏ 
ae E allas «tl er‏ التاكرة أن SEES ek‏ 
محبة كل ما هو وطني من تربة الوطن ... وأن تغرس في نفوسهم الفكرة 
التي تجلب دموع الفرح إلى أعينهم عند الإشارة إلى هذه الأمم الكبرى» وتسري 
بالقشعريرة إلى الدم» كلما مر بالذهن خاطر يهددنا بفقدها.١‏ 


فالمبادئ التي Gage‏ سماسرة الاستعمار الأحمر عن الوطنية البغيضة والعنصرية 


البرجوازيةء وأشباه هذه المحفوظات المبتذلة إنما هي بضاعة تصدير لمحو جميع العناصرء 
وبقاء عنصر واحد يسودهاء ويرغمها على التغنى بمفاخره والاشمتزاز من مفاخرهاء وهذه 
سياسة عنصرية لم تبلغ مبلغها سياسة مرسومة في عهدٍ من عهود الاستعمارء مما سبقت 


به دول العصور الوسطىء أو لحقت به دول الاستعمار الحديث إلى القرن العشرين. 


' مقدمة كتاب الاستعمار الاقتصادي من سلسلة الناقوس. 


ri 


وعنصريه 


فالمستعمرون حتى هذا القرن» لم يعلموا ولا حاولوا أن يعملوا على ابتلاع السلالات 
وهضمها في سلالة واحدة تحيط بالأمم المغلوبة» وتخرجها عن أصولهاء وتقتلعها من 
جذورهاء وتسوقها إلى عقد المؤتمرات ووضع برامج التدريس لهجر لغاتها ودفن تراثها 
(gral ce Karl‏ وكسكقيلهاة وغانة ها قزاعى إليه gos dc ssatull del‏ محال القومية 
بين الشعوب الخاضعة ag!‏ أنهم كانوا يجعلونهم بالمنزلة الثانية Lad‏ يتعلق بالحكم 
وولاية الأمور العامة فأما هذه السياسة التي تجعل القومية جريمة ومفخرة في وقتٍ 
als‏ وتفرض على المغلوب أن يتغنى بمفاخر سادته» ويزري بمفاخر قومه؛ فتلك خاصة 
فق خواضن ps las ita ld as‏ فى .كاري اتان 


vv 


مع العام 


الشيوعية دولة ومذهبء أو دولة ودعوة» ولا LAS‏ سياسة الدولة - ذات الدعوة — من 
دسائس النفاق والمراوغة. 

فهي إذا كفت عن الدعوة في الأمم الأخرى خانت مبادئهاء وتنكرت لرسالتهاء وتراءت 
في ظاهرها بغير ما تضمره في باطنها. 

وهي إذا نشرت دعوتها لتشجيع الفتنة بين شعوب الدول الآخرى esto‏ قضية 
السلام» واصطنعت الغش في قواعد المعاملة الخارجية بينها وبين حلفائها وأعدائها. 

ولا بد من باطن غير الظاهر في الحالتينء ولا بد من فقدان الثقة في سياسة الداخل 
والخارج» وهي أساس كل علاقة صالحة ... 


وقد 3585 بالتجربة المتطاولة أن «الموقع الجغرافي» يتحكم في سياسة الدولة» فتمضي في 
وجهة واحدة» وإن S755‏ فيها النظم والحكومات» ويسمون هذا الرأي في ale‏ السياسة 
الحديث ب «الجيويولتيك» أو السياسة الجغرافية. 

ويصدق هذا الرأي على وجهة السياسة الروسية من عهد قياصرة رومانوف إلى عهد 
قياصرة الشيوعيينء فكل ما طمع فيه آل رومانوف من الفتوح أو مناطق النفوذء فهو 
مطمع للساسة الشيوعيين» وقد كان آل رومانوف يقولون إنهم يريدون فتح الأستانة 
لاستعادة كنيسة «أيا صوفيا»» وإقصاء آل عثمان عن عاصمة الكنيسة الشرقية Aas sil)‏ 
فانقضى عهد آل عثمان وقام بالأمر في الأستانة وموسكو أناس ينظرون إلى الدين بغير 
نظرة القياصرة والخلفاءء ¿Sly‏ سادة الكرملين يطلبون الأستانة» ويطلبون البوسفور 
والدردنيل» كما كان يطلبها قياصرة الحرب وقيصر السلام. 


لا شيوعية ولا استعمار 


سياسة الأمس وسياسة اليوم في الدولة الروسية على اتفاق في الوجهة العامة» وتزيد 
سياسة اليوم بالدعوة إلى Gade‏ الدولةء والاتجاه بها إلى إشاعة القلق والخراب في كل 
مكانء ولا سيما بلاد المشرق التي يتطلع إليها «الرفقاء» الحمرء كما ¿ls‏ إليها من قبلهم 
أصحاب التيجان. 

وَأُنضرب be‏ من أمثلة كثيرة بمسألة معروفة في البلاد الشرقيةء وهى مسألة البترول. 

أي غرض لسياسة الشيوعية فيها غير سياسة الشغب والتخريب؟ ٠‏ 

هل تقوم هذه السياسة على مصلحة العالم؟ 

هل تقوم على مصالح البلاد الشرقية؟ هل تريد أن تعطل إنتاج البترول من جميع 
الآبار؟ هل تريد أن تستولي هي على الآبار بعد تعطيلها؟ هل تريد أن تبقى تلك الآبار 
مدفونة أو في حكم المدفونة بين ناس يجهلون صناعاتها ولا يملكون أدواتها؟ .. 

ليس في غرض من هذه الأغراض ما يدخل في تقدير دولة» ولكنها أغراض تدخل 
في تقدير الدعاة الذين يعملون للقلق والتخريبء ولا يبالون في سبيلهما مصلحة العالّم 
ولا مصالح البلاد الشرقيةء فإن مصلحة العالّم ومصالح البلاد الشرقية Y‏ تتحقق بإهمال 
البترول في آباره» والدولة الروسية لا تترك البترول في بلادها مهدرًاء ولا CAB‏ وسيلة 
لاستخراجه من البلاد الخارجية أصلح من وسائله الحاضرةء وهذه سياسة واحدة من 
سياسات كثيرة تجري عليها الشيوعيةء ولا نتيجة لها غير القلق والفساد. 

lily‏ كان في العدوان الدولي ما هو شر من طمع الاستعمارء فذاك هو العدوان الذي 
يستوفي الطمع؛ ويزيد عليه Glow‏ السوء لإثارة النقمة وإشاعة البغضاء بين الأمم» فلا 
يزال بكيد الساسة والدعاة يلبى مطالب الدولة بالطمع» ويلبى مطالب الدعوة بالنقمة 
والخراب. ۰ 

وقد يدل «الموقع الجغرافي» أيضًا على طبيعة الشيوعية في عملها بالقوة وعملها 
بالإقناع» Load‏ يدل على أن عملها بالقوة أكبر من عملها بالإقناع» أن «سلطتها» أنجح ما 
تكون في البلاد التي تصل إليها بالسلاح والمال أو معونة المرافق المالية؛ فإن سلطتها في 
الهند أضعف من سلطتها في الصين وكوريا الشمالية» وسلطتها في الصين وكوريا الشمالية 
Gaal‏ من سلطتها في البلاد الآسيوية الإسلامية التي تقع إلى جوارهاء ولا توجد أسباب 
غير أسباب السلاح والمال تجعل الشعوب sluäll‏ 3% الثقافة وطبقة المعيشة متفاوتة 
الأثر بالنسبة إليهاء كما تتفاوت إسبانيا وبلاد البلقان» أو كما تتفاوت أمريكا الجنوبية 
وآسيا اوی Als‏ المجاورة لمصادر القوة الروسية وجميع البلاد 
التي تبتعد عن جوارها. 


مع العالم 


ولأكثر من سبب واحدٍ كانت الشعوب الإسلامية في آسيا الوسطى أوفر من سواها 
قسمة من وطأة الدولة والدعوة في Ls‏ واحدةء فهنا يعمل الجوار الجغرافي والجوار 
التاريخي عملين متسابقين في تعجيل الإخضاع ونشر المذهب Tally‏ بكل ما تملكه 
الدولة والدعوة من 898 وتأثيرء فإن قسمة البلاد الإسلامية الآسيوية من «عناية» الشيوعية 
eis py LEE all abad‏ الكو ZEN Eli, sie Mails‏ 
والاستعمار من أقدم عهود القياصرة» وليس مما يضعفها Je‏ الزمن اشتداد المقاومة 
التي يلقاها المستعمرون Lele‏ من أتباع الديانة الإسلامية» وليس مما يضعفها في الزمن 
als fe sy fou ALAN) SE ea‏ مشا ع LEERE dls 10 ys‏ 
Gall‏ ىكل gaa‏ عن مغارضن Tall‏ ومقا بيسن الأخلاق: 

lily‏ صح في أمر الشيوعية مع الأمم جميعًا أنها لا تقبل التوسط على es‏ فهو 
أصح من ذلك بين الشيوعية والإسلام؛ فلا بقاء للشيوعية في بلاي تدين بالإسلام» ولا 
oli‏ للام ف Sle‏ تدين بالشيومية Lula Sy‏ تقوم Byes Yo‏ السا والوفاق cs‏ 
الشيوعية وأصحاب العقائد المخالفة لهاء فهي دعوة قائمة على «gls‏ وعلى تربص كمين 
j ; ١ es‏ 


إن معسكر الشيوعية لا يأمن على نفسه مع بقاء الديمقراطية» وإن معسكر 
الديمقراطية لا يأمن على نفسه مع بقاء الشيوعيةء وكلاهما على حذر من EU‏ 
«u clad Y‏ ولا نكران cal‏ ولا شك فيه. 

ولكنهما مع ذلك مختلفان أبعد اختلاف. 

فإذا علمت أن أحدًا يعقد العزيمة على هدم داري وإهدار دمي» فتربصت 
ھک سن هذا و WS, ¿Lal joni Spal) Eu er‏ 
لا نلام على خطأ واحدء ولا نطالب بعملٍ واحدٍ عند 58 يريد الإنصاف أو ينظر 
١ E‏ 

وقيام الشيوعية على هدم المجتمعات التي تخالفهاء وإيمانها بأن الخير 
كل الخير في تفكيك أوصالها وتعجيل زوالهاء حقيقتان لا تقبلان المغالطةء ولا 
يكون المتجاهل Log!‏ إلا مغرضًا من البداءة وهو يداري الغرضء متشيعًا جد 
الع yoyo cad‏ العدل:وامساواة. 

وإذا قال الشيوعي إنه يؤمن ب (التعايش السلمي)؛ فمعنى ذلك أنه يكف عن 
تنفيذ مذهبه» أو أنه يرتاب في صدقه ولا يؤمن ضربة لازب بانهدام المجتمعات 


EN 


لا شيوعية ولا استعمار 


العالمية في oy‏ قريبء ولا أمل له في نجاح الدعوة من قبله ما لم يكن قد 
عَدل lis‏ عن الكيد لن يعايشهم معايشةٌ Aral‏ والتربص بهم تربص الوارث 
يقن ya hi‏ ويعاملة fo‏ هذا الأسامن: Las‏ هى allio ¿sola‏ للمعايشة 
السلميةء بل go‏ أساس المعاملة بين GS‏ يعيش GAs‏ يموت» أ بين الوارث 
واكوووة المظموع فية. 

ونحن لا نستبعد أن يكون المؤمنون بالشيوعية قد شكُوا في قواعد المذهب 
التي يبنون عليها نبوءاتهم عن مصير مجتمعات الأمم إلى الدمار العاجل؛ OU‏ 
لم تبلغ شكوكهم هذا المبلغء فلعلهم قد شكُوا في سرعة الوقت الذي يتم فيه 
Just‏ الح ورن ya‏ التمول 3 GEN‏ اة راه غير اة 
الى ك نين rl lt‏ 
eig: LIE‏ كرك y cal) soled‏ 3 طول dle ga aba gull sl‏ 
وإنما LU‏ قضية السلام العالمي بقوة العوامل التي تتعلق به وترجوهء كما 
ا ds‏ الخطن ia jal deal ya‏ وسو Talia?‏ مع aid‏ جدوافاء فا 
انتصرت هذه العوامل ونجحت في المقاومة والمطاولة» جاز أن Jats‏ خلال هذه 
الفترة كثيرٌ من القواعد والعقائد» Gly‏ تلوح للمشكلات المعقدة وجوه من الحل 
المرضي ميسورة في ظلال التعاون والسلام.١‏ 


والأمر - das‏ - رهين برجحان هذا الرجاء في المستقبلء ولكنه من العبث أن تنخدع 
الأمم بدعوة السلام من قبّل الشيوعيين» فإن دعوة السلام نفاق من كل نظام يعلق رجاءه 
في المستقبل على تخريب المجتمعات القائمةء وأضيع الآمال في «التعايش السلمى» Jal‏ 
يقوم على سياسة لم Wile ri‏ سنا واجزة مك reads‏ 
A E el Fe IS An‏ 
مقاومتهء ويتعقبهم بالتهمة والمذمة وهم في جوف التراب. 


' مقدمة المؤلف لكتاب التعاون الاقتصادي من سلسلة الناقوس. 


¿Y 


أكثر من دعوة وأكثر من دولة 


من أبرز معالم الطريق التي تشير إلى مصير الشيوعية Las‏ «الصين الشعبية» دعوة 
ودولة بعد الحرب العالمية الثانية. 

فعلى حسب العناوين اللفظية تعد الصين الشعبية 135 عظيمًا للشيوعية» وامتدادًا 
واسعًا لدعوتها ولدولتها؛ لأنها أدخلت في المذهب أربعمائة مليون إنسان» وضمت إلى الدولة 
«ملحقًا» سياسيًا Gye‏ يتبعها في الأزمات وفي الحروب. 

وعلى حسب النتيجة العملية 55 الصين على وضعها الجديد هدمًا للدعوة الشيوعية: 
ومنافسًا شديد الخطر للدولة الروسية لا )25 جواره؛ لأنه جوار نظيرين لا يطول العهد 
بالتناظر بينهما على وكام. 

إن ثورة الصين تقوم على الاعتراف بالملكية الأرضية» وعلى توزيع الأرض بين الأسر 
من صغار الفلاحين» ومستقبلها إذا نجحت مستقبل dol‏ تؤمن بالأسرة. وتحافظ على مبداً 
الملك في أثيت أشكاله وأشدها استعصاءً على التغيير. وما من ol‏ في الصين يعتقد أنه 
تتلمذ في هذه الثورة للشيوعية الروسية أو شيوعية سواها؛ CY‏ مبادئها تقررت في الصين 
قبل ثورة الروس الأخيرة بعدة سنوات» ودستورها مشروع في برنامج «سن ياتسن» الذي 
يقول منذ نشر مبادته الثلاثة عن الديمقراطية والوطنية والاشتراكية: Lely‏ الاشتراكية 
فبرنامجي لها ما يأتي: أولا؛ تقسيم GAM‏ على أساس النسبيةء وقد حاولت أيام مقامي 
بنانكنج إذ كنت أتولى الرئاسة المؤقتة أن أنفذ هذا البرنامج؛ فلم أستطع لأنني لم أفهم 
...« 

وهو الذي يقول في شرح من شروحه الكثيرة لهذه الاشتراكية: «إن المشكلات 
الاجتماعية تنشأ من التفاوت ب الغنى والفقيرء فماذا نعنى بالتفاوت أو قلة المساواة؟ 
لقد كان الفارق موجودًا بين الغني ¿call‏ الأزمنة الغابرة» ولكنه لم يكن فارقا حاسمًا 


لا شيوعية ولا استعمار 


كما نراه اليوم؛ إذ يملك الغنى الأرض كلها ولا يبقى للفقير حتى القليل منها. dle‏ هذا 
التفاوت اختلاف أساليب الإنتاج؛ فقد كان قاطع الخشب متلا يستخدم الفتوس والمدى 
وما إليهاء ولكن المكنات تحل محل هذه الأدوات في العصر الحاضرء ويُستطاع الحصول 


على محصول كبير بعمل بدني قليل» ولنضرب مثلًا آخّر من أعمال الزراعة» ففي الأزمنة 
الغابرة كان المعول كله في ie‏ المجال على الجهود الإنسانيةء ثم er‏ التى 
ll ee ee‏ امد رمك اتقو 
الآلية اليوم في أوروبا وأمريكاء فأصبح من المستطاع حرث Gall‏ فدان وزيادة في اليوم 
الواحدء وأمكن الاستغناء عن الخيل والبقرء فنجم فخ هذه ee‏ كاري a‏ 
بنسبة ألف إلى واحد. فإذا انتقلنا من هذه الأمثلة إلى وسائل المواصلات رأينا أن الوسائل 
الحديثةء كالبواخر والسكك الحديدية قد جعلت النسبة AST‏ من all‏ إلى واحد عند ALLAN‏ 
بين هذه القوة والقوة الإنسانية. 

ولنتكلم dl‏ عن اشتراكية الأرض؛ فنظام الأرض مختلف بين أورويا وأمريكاء ولا 
يزال نظام الإقطاع قائمًا في إنجلترا من حيث أصبحت الأرض مملوكة للآحاد في الولايات 
المتحدة. 

إلا أن برنامجي يدعو إلى التقسيم النسبي اتقاءً لشرور المستقبلء التي بدرت اليوم 
sk an ea ee‏ 
فإن المواصلات cod‏ وأخذت أثمان الأرض على الجسرء وعند مزدحم السكان ترتفع 
eli,‏ «المتر» الواحد بعشرات الألوف من الريالات» وهذه كلها يملكها آحاد يعيشون بجهود 
الآخرين» oly‏ نظام الأرض القديم في الصين يوافق بعض الموافقة نظام التقسيمات 
النسبية» فإذا أردنا أن نطبق هذا النظام وجبت ملاحظة هذه clay pill‏ وهى فرض 
الضريبة على حسب قيمة الأرض» والتعويض على حسب القيمة A AN‏ وقد اتبع التقسيم 
على ثلاث درجات إلى اليوم في البلاد الصينيةء ولكن قيمة الأرض لم تكن فيما مضى بهذا 
الارتفاع؛ لنقص وسائل المواصلات وأدوات الصناعة؛ فلما تقدمت المواصلات والأدوات 
الصناعية مع بقاء التقسيمات العتيقةء ass‏ من ذلك ارتفاع غير متناسب مع قيمة الأرض 
... وعلى هذا ينيغى إذا أردنا اتقاء شرور هذه الحالة أن نفرض الضرائب بنسبة واحد 
في الماكة من قيمة الأرض ... Gl‏ مسألة رأس المال» فقد نشرت أخيرًا GUS‏ عن تنمية 
الصين الدولية» بحثت فيه مسألة الاستعانة برءوس الأموال الأجنبية لترقية صناعة الصين 
وتجارتها ...» 


أكثر من دعوة وأكثر من دولة 


فالثورة في الصين دعوة لم تصدر من المذهب الشيوعيء ولم تطبّق على حسب 
مبادثه, ولم يكن للمذهب الشيوعي 58h‏ فيها غير أثر «التسمية» بعد شيوعهاء فلو لم توجد 
في روسيا دعوة شيوعية لقامت دعوة «سن ياتسن» على قواعدهاء وجرى تطبيقها كما 
شرحها مؤسسها قبل نيف وخمسين سنةء وأعاد شرحها Bye‏ بعد مرة عقب نشوب الثورة 
في روسياء دون أن 38 حرفًا Maly‏ من برنامجه الأول. 

وليس الفارق بين الدعوتين من الفوارق التي تزول أو تضيق بعد التنفيذ والتطبيقء 
فإن كثرة المنتفعين بحق الملكية الزراعية لا يهدر هذا Gall‏ ولا يحول دون سريانه على 
أنواع من الملكيات الأخرىء وقد يكون الملك الذي ينتفع به مليون في أمة 35 بمئات الملايين 
مهدَّدًا بالزوال أو التغييرء ولكن الأمة التي كلها من اللاك لا يوجد فيها or‏ يثور على حق 
cell‏ إلا أن يكون من طلا الزيادة فيه 

فالصين لا تواجه أمم العالم بمذهب يناقض نظامًا من gab‏ الاقتصادية في أساسهء 
وثورتها لا hud‏ ب «الشيوعية» إلا من قبيل التسميات المرتجلة التي تنساق مع ألفاظ 
العناوين» ووجود الدعوتين منفصل في SLAW‏ منفصل في الأساسء منفصل في Aa ll‏ 
لعله أقرب إلى التناقض منه إلى التعاون والاتفاق ... 

على أن التعاون بين الدولتين أعسر - على طول الأمد — من التعاون بين الدعوتين. 

فنحن لا نفهم Gad‏ من Xe‏ الماضي والحاضرء إن لم نفهم أن التنافس حتم بين 
الدوليتن الكبيرتين في جوار aly‏ وربما كان أهون من ذلك خطرًا - ins‏ - لو 
افا ANGST ae‏ الدعودين» gala gs zul gf Lela‏ ماقي GES ¿ligado‏ إن 
جانبها دولة تناهز ضعفيها ine‏ ولا تقل عنها موردًا 8389 وثروة» فهذا من خوارق 
العادات فيما كان وفيما سيكون. 

وكل ما بدا حتى الآن من سياسة الدولتين يتمشى مع «تقاليد» الماضي قبل ثورة 
ll es) LA coca m‏ راان عن (es A a o) he‏ عاد 
الخطر المشترك عندهما هو ذلك الخطر «التقليدي»»ء الذي عرفته روسيا والصين في حروب 
اشرق الاي دن la‏ ا اا ف ies‏ إحداهما بالعونة المشكرية 
للأخرىء إلا إذا وقع عليها الاعتداء من اليابان على shall‏ أو في حلفِ من الأحلاف» ولو 
أبرمت هذه المعاهدة في فبراير سنة ٠‏ ٠۹ء‏ لما نظرت في السياسة الدولية إلى عداوة مشتركة 
غير عداوة اليابان ومن يحاربون في صف اليابان! 


لا شيوعية ولا استعمار 


ومن الفوارق التي ترتبط بنظام الدولة في روسيا والصين» أن الولاء للمذهب الماركسي 
bpd‏ من شروط الولاء للدولة في جميع الأقطار التابعة لاتحاد الجمهوريات السوفييتيةء 
يُعاقب الخارج على المذهب بعقوية BLAS‏ العظمىء ولا dic ib‏ عذرٌ من أعذار حرية 
الرأي إذا اجترأ على مناقضة مبدأ من مبادئ المادية الثنائية في أصولها أو فروعها. 

وهذه قداسة لا يعرفها الصينيون لمذهب كارل ماركسء ولا لمذهب من المذاهب 
الفلسفية «المستورّدة» من الخارج, كما كانوا يقولون عنها في مطلع الثورة dia‏ أواخر 
القرن التاسع عشرء وقد يكون «الصيني» Gale‏ ثنائيًا LABS‏ على فلسفة كارل ماركس في 
مصادرها وشروحهاء ولكنه لا يخرج بذلك من وراثته العريقة التي توحي إليه أن حكمة 
الصين هي حكمة الأولين والآخرينء وأن واردات الغرب في العلم كوارداتها في الصناعةء 
تؤخذ بما لها من قيمة موقوتةء ولا تُحسّب من تراث الحكمة الخالد في أمة تتوارث أدب 


السلوك وهداية الحياة من الأسلاف إلى الأعقاب» وقد يناقض طبيعة الصينى - Lo‏ 
— أن ينطو gla Je‏ غا ره ل gall cel‏ وال السياسة lung‏ 
Adal‏ فهو يعرف الإيمان «مفرَّقَا»» ولا يعرفه dee‏ واحدةً sine‏ لجميع عناصر 
الرأي والعقيدة. 

ds‏ شهر فبراير (سنة (VAOV‏ تكشفت في الصين وثيقة delo‏ كتبها «ماوتسي تونج» 
إلى مجلس الحكومة الأعلى؛ ليعرض فيها خلاصة تجارب الثورة خلال سنواتها الثمانء 
فقال في تلك الوثيقة: «إن الماركسية الآن ليست من الأزياء القومية الشائعة»» وإن السياسة 
الصينية يجب أن تعنى بنشر المبادئ والنظريات» ولكن على غير الأسلوب الخشن العتيقء 
بل يجب على الساسة أن يسلموا وجود الاختلافات المقبلة ما داموا يعتقدون أنها اختلافات» 
وليست بأضداد يقف بعضها لبعض بالمرصاد. 

ويرى ماوتسي تونج في تلك الوثيقة أن الحكومة يحق لها أن تتولى تنظيم الأعمال 
القومية في خطوطها الواسعة» دون أن تلغي Ge‏ المجتمع في تنظيم شئونهء ولا حق 
الجماهير في الابتداع والإنشاء. 

ولا يمنع الرئيس الصينى وجود الطوائف والجماعات في الأمة الواحدةء ولكنه يقسمها 
is tabs le‏ كمالك ماله OG aN‏ يرن 
بمصلحة خاصة تستغل المصالح العامة لمنافعها الضارة بغيرهاء ولا مانع من تعدد 
الطوائف مع اتفاقها في الوجهة العامة» ولكنها إذا اختلفت وتناقضت لم يكن للمشكلة من 
de‏ غير الثورة الجانحةء وتعذر تدبيرها على أساس التعاون بين الحكومة والمحكومين. 


EN 


أكثر من دعوة وأكثر من دولة 


ولا نخال أن وثيقة من وثائق الاتهام في روسيا قد اشتملت على «مروق» أشد من 
هذا المروق من دستور الشيوعية المقدس في غرف الماركسيينء ولا أن «المدعي العام» هناك 
بحاجة إلى سندٍ أقوى من هذا السند للمطالبة بتوقيع أشدّ العقاب على أسوأ الخيانات. 

وسوف تقترب الدعوات وتبتعد في المستقبل إلى اليمين وإلى ¿Sly lal‏ الدعوة 
الروسية والدعوة الصينية تقتربان إلى التنافس على كسب الميدان العالمي» وتحرص US‏ 
منهما على كسب استقلالها والاحتفاظ بكيانها في وقت واحدء By‏ هذه الحالة لا تغتبط 
الدعوة ob‏ تصبح دعوتينء ولا الدولة GL‏ تقوم إلى جانبها دولة تشاركها في رسالتهاء 
فإن دعوةً واحدة في هذه الحالة أسلم من دعوتين» ودولة واحدة أوقى من دولتين. 


إن تجربة الصين أضخم التجارب في أمم العالم لضخامة البلاد التي وقعت فيهاء ولكنها 
ليست بأدل تلك التجارب على الخلل المتأصل في جذور المذهب ll‏ ولا على العوائق 
العملية التي تحول دون تطبيقه في مجتمع من مجتمعات العصر الحاضر في المشرق 
والمغرب» فربما كانت تجربة يوغسلافيا على صغَرها — بالقياس إلى الصين - de Jal‏ 
ذلك الخللء وأولى منها بالتذكر في معرض البحث عن عيوب المذهب وبطلان نظرياته 
وتقديراته. 

تلك التجربة التي us‏ الآن ب «التيتية» منسوبة إلى sin‏ زعيم يوغسلافياء قد 
سبقت تجرية الصين بالزمن وبالدلالةء وقد نشأت في أول أمرها 135.05 على استبداد الرفيق 
ستالين» وتمرَّدَا على استبداد المذهب في شئون ASU‏ الزراعيةء وأجور العمال والموظفينء 
ثم ابتعدت من المذهب طورًا بعد طور وسنة بعد سنةء حتى اقترنت في الزمن الأخير 
بالثورة الصريحة على أصول المذهب وزعمائه المؤسّسين لقواعده من ماركس إلى لنين. 
فليس موضع الانتقاد عند فلاسفة يوغسلافيا الماديين أن فلسفة ماركس ولنين تحتاج إلى 
التعديل عند التطبيقء أو أن التطبيق ينتهي بها إلى التصحيح في طور من أطوارها المرجوة 
في المستقبل» ولكن الانتقاد اليوم SE‏ على هدم المذهب من أصول قواعده» وعلى القبول 
الجازم بأنه ينشئ الطبقة المستغلةء ولا يزيلها أو يزحزحها عن مكانها ... وشارح هذه 
الفلسفة الحديثة ملوفان دجيلاس milovan djilas‏ وزير الدعوة السابق في بلاده ينقل 
تعريف الملكية من القانون الروماني القديم» وهو أنه «حق الحيازة والتمتع والتصرف»» 
ويقول: إن هذا التعريف يصدق حرفا حرفا على حق الطبقة المسيطرة على بلاد الشيوعيين 
في الاستيلاء على مرافق الدولة» واحتكار رءوس أموالها مع التمتع بها والتصرف فيها 


¿V 


لا شيوعية ولا استعمار 


كما يفعل المالك بمُلكه» وله GUS‏ مطول باسم الطبقة الجديدة يقيم UN‏ على صدّق 
cols pally‏ ولا يعتقد المؤلف أن المذهب الماركسي يصلح لعمل نافع في علاج مشكلات 
العصرء إلا أن يكون هذا العمل تعجيلًا منظمًا لحركة التصنيع في البلاد التي تخلفت فيها 
الصناعة؛ وغلبت عليها عيوب البداوة في أساليب الزراعة ونظم الإقطاع. 


الجزء الثاني 


ولا استعمار 


مبدأ الاستعمار 


إن تنازع الأمم لتغليب del‏ على del‏ وتسخير الأضعف منها في خدمة الأقوى بالأنفس 
والأموال؛ ديدن قديم في التاريخ. 

وهو قديمٌ أيضًا في التنازع بين الشرق والغرب منذ عرفت هذه التفرقة في تقسيم 
الأمم إلى شرقية وغربيةء ولا شك أن هذا التنازع قديمٌ سابق لعصور التاريخ؛ لأن البقايا 
الثابتة التى بقيت لنا مما قبل التاريخ تدل عليه. ومن هذه البقايا وجود اللغات الهندية 
(all Auk all‏ صدوة من أزودة واحدة as ie‏ فى البقاغ الوسطى EN‏ 
الآسيوية dio‏ ثم اتجهت طائفةٌ منها شرقًا Using‏ واتجهت طائفة أخرى GE‏ 
وشمالا في مواقع (As‏ تمتد من أقصى الهنذ إلى أقصى ZEN‏ البريطانية؛ فهذه الأصول 
الهندية الجرمانية هي في الوقت نفسه أصول التنازع والتغالب على رقعة واحدة من 
الأرض» لم تتسع للنازلين بها من سلالة واحدة أو من عصبةٍ لغوية واحدة ولا تكون هذه 
أول سلالة في هذه الرقعة» مع قيام السلالات من حولها بين سامية وكوشية وطورانية 
وغيرها من الفروع أو الأصول المجهولة. 

فالتنازع إذن Ars‏ بين الأمم» وهو قديم كذلك بين الشرقيين والغربيين» أو بين مَن 
كانوا Logs‏ من الأيام شرقيين أو غربيين 

ولكن ليس هذا هو الاستعمار الذي يعنيه المؤرخ الحديث منذ القرن الثامن عشر؛ 
لأن الاستعمار عند المؤرخ الحديث Las]‏ يُطلّق على حركة إجماعية ترمي إلى غرض مشترك 
تحقيقًا لدعوى واحدة» تدّعيها aol‏ متعددة في فترة محدودةء esl ak Nel sles tell‏ 
التي لم ت ds les‏ الشركة sce ele‏ الع قزق انتما 
المعروف 3 القرون الأخيرة» بل لم توجد بين الأمم حركات إجماعية من قديم الزمنء 
فكل ما ظهر من هذه الحركات في التاريخ» فإنما ظهر بعد عصور التاريخ القديم ولم 


لا شيوعية ولا استعمار 


يكن في الوسع أن يظهر قديمًا؛ OY‏ مرتبط بمرحلة من مراحل التاريخ العالمي لا يتهياً 
لها أن توجد قبل الأوان. 

وهذه الحركات الإجماعية في العصور المتأخرة متداخلة مشتبكة لا تنفصل إحداها 
من الأخرى بفاصلٍ حاسم يقطع الصلة بينهاء بل لا تخلو حركة HEN IS Asal‏ من 
عوارض أمسها وغدها على صورة واضحة لا التباس فيهاء فمّن كتب عن حركة إجماعية 
في القرن العشرين لم يتيسر له أن يفهمها حق فهمها دون الرجوع إلى الحركة الإجماعيةء 
التي مهدت لها في القرن الثامن عشرء ومهدت لها قبل ذلك في القرون الماضية. 

وحركة الاستعمار إحدى هذه الحركاتء لا نفهمها Go‏ فهمها ما لم نرجع قبلها 
إلى حركة الحروب الصليبية» ولعلها أول حركة إجماعية قامت بدعوى واحدة في التاريخ 
العالمي» dio‏ وعيناه وألممنا بالجوهري من دعاواه ودواعيه. 

وينبغي أن نفرق بين الحركات الإجماعية التي تحدث من جرّاء التحالف بين دول 
ous Bue‏ الحركات الإجماعية الف Saas‏ من شيوع (ages‏ واحدة بين Abita pal‏ 
فإنما يحدث ذلك التحالف لأنه خطة من خطط القتال في أقدم الميادين وأحدثها على 
السواءء ولا تحدث الحركة الإجماعية للاتفاق في دعوى واحدة: إلا لأنها مرحلة في التاريخ 
العالمي شاملة للحكومات والشعوبء مرتبطة بميادين القتال ويغير تلك الميادين. 

والحروب الصليبية هي أكبر الحركات الإجماعية بين الغرب والشرقء ولعلها أولها 
ومصدرها. 

والاستعمار هو الحركة الإجماعية التى تليهاء وتستعيد الكثير من دعاواها ودواعيها. 

GIS yall og! a Y‏ من «ذغوي IS fide‏ أو من dale des‏ وهذا هو الفارق بينها 
وبين الحركات التي لا ترجع إلى شيءٍ غير توازن القَوّىء وإتمام العدة للهجوم أو الدفاع. 

وقلما SE‏ دعوى من أثر يبقى فيها من آثار سابقتها كما ASG‏ وقد تجتمع 
الدعويان في oy‏ واحدٍ إلى حين. 

وقد كانت دعوى الاستعمار قائمة على «رسالة الرجل الأبيض»» أو على الأمانة التى 
salsa!‏ :يها الحضبارة ding Al‏ اه pal‏ الحا ١‏ 

وما كان في وسع القوم أن يخترعوا هذه الدعوى لى لم تسبقها دعوى مثلها من 
القارة الأوروبية» ترمي إلى GE‏ كهذه الغاية في زمانهاء ونعني بها دعوى الحروب 
الصليبية. 

silly‏ مضى اليوم على آخر الحملات الصليبية نحو خمسة قرون» ولا يمكن أن يقال 
إنها اختفت من ميادين السياسة أو الدعاية» ولا تزال لها رجعات تتردد طوعًا أو BLAS‏ 


o۲ 


مبدأ الاستعمار 


تصريحات الساسة وتعليقات المؤرخين» كما تتردد Gas‏ بعد حين في مساعي الجماعات 
والآحاد. ١‏ 

Anal ف كانه اسا والسيظرة‎ panikkar SSL ls pu الؤوة:الهقدى‎ Use 
بعد تمهيدٍ وجيز عن عصر الامتداد الأوروبي: «إنه من الضروري لفهم الدافع الديني‎ 
cles goal ا يجان‎ A الي أن‎ ag هذا الف‎ olay الاقتصادي السيادي‎ 
صلاح الدين الذي استرد بيت‎ age في التاريخ الأوروبي خلال القرنين السابقين» فمن‎ 
قوية حائلة بين القارتين‎ Ibis المقدس من الصليبيين أصبح الإسلام من قاعدته في مصر‎ 
الأوروبية والآسيويةء وانتهت إلى غير طائلٍ تلك الانفجارات الملتهبة من الحماسة والغيرة‎ 
EU لا اله واو ا‎ EN al dl والشركة إلى خا ف‎ 
الاخ ف‎ ale a کان ن فة ال‎ ll 
أصبح عاملًا من أقوى العوامل الحاسمة في تاريخ العالم» ووطد السيادة الإسلامية على‎ 
هذه الحقيقة عن ساسة الغرب» كما‎ G85 سواحل سوريا ومصر لعدة قرون مقبلة» ولم‎ 
¿bss NA Zee haa Wes ae 

إلى أن يقول: «وإذا كانت البرتغال قد أصبحت وريثة (جنوا) في الرحلات البحرية, 
فقد أصبحت كذلك في القرن الخامس عشر وريثة المسيحية في وجه الإسلام» ولم تسر 
روح الحملة الصليبية إلى الجزيرة الأندلسية وحسبء بل أضافت إليها وقدة من GS‏ 
والنشاط في القرنين الخامس عشر والسادس عشر للميلاد؛ إذ بينما كان الإسلام في رأي 
الممالك الغربية الأخرى خطرًا dias‏ كان هذا الخطر مرهويًا Lads‏ على الأبواب في رأي 
أبناء قشتالة وأراغون ويرتغال.» 

وليست هذه وجهة نظر هندية شرقية أوحاها الشعور الهندي الشرقي إلى كاتب 
يمثلها من ناحية القوميةء بل هي وجهة نظر المؤرخ حينما نظر إلى الموقف من جميع 
نواحيه. 

GUS By‏ «أوروبا والدنيا الواسعة بين سنتي ١5١5‏ و١٠۷١ء»‏ يقول المؤلف الأستاذ 
باري ıparry‏ «إن خطة البرتفاليين نحو الشرق لم تكون bi‏ مجرد خطة من خطط 
التزاحم على التجارةء وما خطر لهم bi‏ أن يضاريوا العرب والبنادقة بأسعار يخفصونهاء 
وبضائع من الأبازير يُغرقون بها الأسواق الأوروبية» وما كان في وسعهم أن يفعلوا ذلك 
لو أرادواء وإنما كان الموقف بين البرتغاليين والعرب من البداية موقف قتال عنيف ملأته 
العضدية ol‏ 


oY 


لا شيوعية ولا استعمار 


ويقول وليام كارلتون من جامعة فلوريدا في كتابه عن تطور السياسة الخارجية 
الأمريكية: «إن الحرب الإسبانية الأمريكية سنة VASA‏ هى التى أدت إلى العدول عن 
مذهب القارية الأمريكيةء وكان من نتائج هذه الحروب أن أمريكا ارتبطت بالفلبين على 
sas‏ سبعة آلاف ميل من قلب الشرق الأقصى» وكانت حجج الاحتفاظ بها متعددة» ومنها 
حكم القدر وأمانة الرجل الأبيض» وفرصة تنصير الوطنيين» وتوفيق Ball‏ بالاستيلاء 
على مكان إلى جوار أرض القارة الآسيوية.» 

وتراخى الزمن ولم تزل دعوة الدين ودعوة السياسة تتماشيان Be‏ بعد أن dis‏ 
الاستعمار في آخر أطواره بالقارة الأفريقيةء فكان دعاة الدين والسياسة يختلفون؛ لأنهم 
مختلفون في المذهب الذي ينتمون إليه» كما يختلفون على الدولة التي يعملون لضم 
البلاد المستعمرة إليها. وقال بارنز barnes‏ في als‏ الإتراطووية gl‏ الديمقراطية ¿lo‏ 
المسيحيين في أوغندا من أتباع الكثلكة والكنيسة البروتستانتينية ظلوا يتقاتلون بينهم — 
uns‏ الآخرون في لغة أهل البلاد وإنجليزاء والأولون بتلك اللغة وإفرينسا — وكم من 
مرة ضجت بينهم عداوة الجنس والدين.» 

وكلّ من المؤرخين الشرقيين والغربيين يكتب تاريخه في النصف الأول من القرن 
العشرين» وهو يستمع إلى خطب القادة الغربيين الذين تكلموا عن غزو فلسطين في 
الحرب العالمية الأولى» فوصفوها بأنها الحرب الصليبية EN‏ ويعد انتصاف هذا 
القرن يتناول تاريخ العالم EU‏ من المؤرخينء هم هيس hayes‏ ومون MOON‏ ووايلاند 
4 مفيلخصون أسباب الاستعمار العصري في أربعة» هي: Le, )١(‏ أصحاب 
الحماسة الوطنية في إضافة أملاك إلى أوطانهم. (؟) رغبة Bee,‏ الأعمال في فتح 
الأسواق وحماية التجارة. (Y)‏ فكرة الاستيلاء على بعض المواقع, أو الدفاع. (E)‏ الرغبة 
في تمدين الأمم المختلفة أى تنصيرها. 

وأولى الأمور بالملاحظة في هذا الصراع أنه يتكرر في بقاع الأرض بعد فصل الدولة 
والكنيسة في البلاد الفرعية» Gly‏ الدولة تعترف بالدعوة الدينية خارج بلادها؛ LA‏ 
تعتبرها دعوة سياسية تستعين بها على خصومها في مجال السياسة الدولية. 


ومن هذه البداءة alas‏ كيف انتهت أوروبا إلى رسالة الرجل الأبيض عنوان الاستعمار 
الحديثء وميسمه الظاهر بين حركات التاريخ الجماعية. 


og 


مبدأ الاستعمار 


فما استطرد الأوروييون إلى هذه النتيجة إلا من تلك المقدمةء وما كانت رسالة الرجل 
aoa A ON OTAN: |‏ إلا RE CO‏ من رسالة الخلاص الروحيء وأمانة 
الإصلاح» وتطهير GaN!‏ من مفاسدها. 

ولم يتحول الأوروبيون إلى هذه الدعوةء إلا GY‏ هذا التحول ضرورة قاسرة تفرضها 
مجاراة الزمن على أنصار الكنيسة ومعارضيهاء فقد كان القرن السادس عشر وما بعده 
فترة deco‏ بالانشقاق بين أتباع الكنيسةء والثورة على سلطانهاء فتحوّلَ المستعمرون 
إلى النداء بأمانة الرجل الأبيض؛ لأنه النداء الذي يعطي الأوروبيين ما Seh‏ من حقوق 
الفتح والسيادة ولا يُلجئهم إلى الاعتراف بالسّلطة الدينية والتسليم بما تميّرٌ به بعض 
المستعمرين على بعض من حقوق التبشير والولاية. ولم يرفض أنصار الكنيسة هذا النداء 
yal‏ بل قبلوه وكرروه؛ لأنه نداء يؤيد الدعوة الدينية في بعض معانيهء ولا يستلزم 
حتمًا أن يلغيها أو ينقصها ويُسقط حقوقهاء ولعله كان وسيلة منتظرة للتوفيق بين 
روح الزمن الماضي وروح الزمن الحديث زمن الثورة العلميةء والتبشير باسم الثقافة 
الإنسانية» ps‏ أراد من المستعمرين أن يجاري العصر ولا ينشق عن الماضيء أمكنه 
أن ينادي رسالة «الرجل الأبيض»» كأنها كلمة مرادفة لرسالة القارة الأوروبية» تشمل 
بدعواها كل ما شملته دعوى هذه القارة قبل عصر الاستعمار بعدة قرون؛ فإن حجة 
الرجل الأبيض إنما هي das‏ القارة الأوروبية في جميع عصورهاء ويزداد عليها بعد 
عصر الحروب الصليبية أنها امتدت إلى الرجل الأمريكيء الذي صبغ الأقطار النائية فع 
al a ee‏ 

ولا نحسب Lil‏ نفهم سر انتقال الدعوة الصليبية إلى الدعوة البيضاءء إلا إذا فهمنا 
أن الرسالة الجديدة جاءت لتحل محل الدعوة الصليبيةء كما جاءت لتمتد بها وتستفيد 
من سوابقها؛ فنحن لا نفهم سر هذا الانتقال على حقيقته إذا فهمنا أن رسالة الرجل 
الأبيض نسخة مكررة من الحروب الصليبية في جميع تفصيلاتهاء ولا نفهمه على حقيقته 
إذا فهمنا أن اللاحق من الدعوتين يلغي السابق في جميع تفصيلاته» وإنما القول الفصل 
بين الأمرين أن هناك اختلافًا كثيراء وهناك اتفاقًا كثيرًا بين الدعوة التي سلفت والدعوة 
التى حلت في محلها. وكذلك يكون الحال في كل شيئين حل أحدهما محل الآخر ... 
ليست سيارة اليوم مناقضة لمركبة الخيل بالأمسء وليست هذه بتلك في جميع أجزائها 
ومنافعهاء ولكنهما — das‏ — شيء واحد في الغاية» وشيئان مع اختلاف الزمن في الصنعة 
والتركيب. 


00 


أسباب الاستعمار 


كل حركة كبيرة مشتركة في تواريخ الأمم لا بد أن ترجع إلى أسباب كثيرةء ولا تنحصر في 
سبب واحدٍ بالغا ما بلغ من التشعب والاتساع. 
Sy‏ سبب واحدٍ ينتحل لتفسير حركة من هذه الحركات يقصر عن تفسيرها في 

النهاية, Gaal,‏ فى القارية ها لم تقترن به أسباب مصاحبة cal‏ أو بعيدة 
dio‏ في مبادئها وعواقبها. 

والاستعمار حركة من هذه الحركات المشتركة في تواريخ الأمم الشرقية والغربية» 
كل سبب فريد SE‏ لها يقصر عن تفسيرهاء ويحدث مثله في فترة من فترات ¿soli‏ 
فلا يؤدي إلى مثل نتائجها. 

قيل كثيرًا إن سبب الاستعمار هو إغلاق الطريق على تجارة الهند والبلاد الشرقية. 
ولكن تجارة الهند والبلاد الشرقية كانت متصلة من Garb‏ غير طريق البحر الأبيض 
ee‏ ]كلانه شرك ترم إل السيطرة 
على تلك الطريق المغلقة. 

كانت في روسيا طريق للتجارة الشرقية تسلكها الشركات الهولندية dlls ly‏ 
وشركات الموانئ على بحر الشمال» وكان قياصرة الروس يشجعون هذه الشركات, 
ويرحبون بها ويغنمون منها الإتاوات والهدايا في ذهابها وإيابهاء ثم أغلقت الدولة 
الروسية هذه الطريق على الشركات الهولندية والبريطانية بعد استيلاء تلك الدولة على 
الشواطئ الأستونية؛ لأنها أرادت أن تحتكر الغنيمة كلها لنفسهاء وتشرف على سير 
القوافل من داخلهاء ولم تحدث من جرّاء إغلاق هذه الطريق على التجارة الشرقية حركة 
من قبيل حركة الاستعمار. 


لا شيوعية ولا استعمار 


وقيل كثيرًا إن حركة الاستعمار نشأت من زحام السكان في القارة الأوروبيةء 
ونزوعهم إلى الهجرة والتعمير في البلاد النائية. 

ولا يصدق هذا التعليل على daly al‏ من البلاد الشرقية التي )433 إليها المستعمرون 
في الخطوات الأولى من حركة الاستعمار؛ فإن جملة النازحين إلى الشرق من الأوروبيين 
لا يكفون لتعمير قرية واحدة» وکل Ge‏ هاجر إلى الشرق فإنما کان يرتاده زائرًا متاجرًا 
ليعود إلى وطنه ويستقر فيه بعد رحلة أو بضع رحلات» وإنما يصدق ذلك التعليل 
على المهاجرين النازحين إلى القارة الأمريكية سواء كانوا من البريطان والهولنديين أو 
من الإسبان والبرتغاليين» وسواء قصدوا إلى الشمال أو قصدوا إلى الجنوب» ولم تلبث 
هجرتهم أن تحوَّلّث إلى إقامة دائمةء فاتخذوا من مقامهم الجديد وطنًا يملكونه دون 
أبنائه الأصلاء ودون الوافدين إليه على السواء. 

وقيل is‏ إن كشف الطريق إلى الشرق كان سبب الاستعمار الأول» وهى قول لا 
يمنع السائل أن يسأل: وما سبب الكشف عن ذلك الطريق؟ ولكننا ندع هذا السؤال 
وننتهي مع الطريق المكشوف إلى غاية مداه فهل كان يكفي أن يكشف الأوروبيون 
طريق الشرق ليستولوا عليه؟ هل كانوا يصلون إليه مستعمرين لو أنهم كشفوه قبل ذلك 
بمائة سنة أو مائتين؟ وهل كان من المستطاع أن يتم الاستعمار لو لم تصاحبه بواعث 
الحروب الأندلسيةء ونزاع المذاهب الدينية وبحوث العلماء عن الجغرافية والفلكء ig‏ 
الملاحة في الغرب مع تقدَّم الصناعة وتقدّم التسليح؟ 

وكل أولتك هل كان يكفى SLAW‏ الاستعمار لو لم يكن حكم الرجل الأبيض للرجل 
Be is ade dl yal‏ 
التغيير. ١‏ 

فما كان الرجل الأبيض ليفكر في دعوى GLY‏ على حكم الدنياء وهو Lu‏ للحكم 
أو قابل للتسخيرء وقد كان هذا الرجل الأبيض مغلويًا على أمره في عهد الإمبراطوريات 
الأوروبية التي دانت لها بالطاعة شعوب أوروبية متعددة الأجناس واللغات» ثم تمزقت 
SUL Tree‏ ا من SJ allel‏ 
تجمعت الأوطان التي تدين بالطاعة لأبنائها وتأبى الخضوع للحاكم الأجنبي عنهاء ثم 
نبتت أمانة الرجل الأبيض حين نبت الرجل الأبيض المستقل بحكم نفسه عن غيره من 
أبناء جنسه؛ ولهذا SEE‏ في ميدان الاستعمار أولئك الأوروبيون» الذين وجدوا في قلب 
القارة من يحكمونهم ويقنعون بحكمهم» ولعلهم لو استقلوا جميعًا بحكم أنفسهم قبل 


oA 


أسياب الاستعمار 


عهد الحضارة الحديثة التي اشتهرت aul‏ الحضارة الأوروبية» لما تخيّلوا لهم رسالة 
إنسانية يحسبونها dilo‏ في gic‏ الرجل الأبيض» ولوقفوا عند حد الرسالة الدينية التى 
اندفعوا إليها ús;‏ في حملات الصليبيين. 


وربما اكتملت في قوم من الأقوام جميع البواعثء والأسباب التي as‏ من بواعث 
الاستعمار وأسبابه» ولكنهم لا يتحركون لاستعمار قطر من الأقطار قبل أن يتم لهم 
كيان دولي أو شخصية سياسيةء وكذلك كانت حال إيطاليا في عهد الاستعمار قبل 
استقلالهاء sary‏ اتحاد أجزائها في دولة مستقلةء فإن أطوارها الاجتماعية والاقتصادية 
قبل الاستقلال لم تكن تختلف في شيء Gras‏ عن الأطوار المعهودة في إسبانيا والبرتغالء 
مما كان سببًا في gh‏ المؤرخين لدخولهما في حومة الاستعمارء ¿Sly‏ إيطاليا — غير 
المستقلة — لم يكن في وسعها بطبيعة الحال أن تدخل الحومة كما دخلها الإسبان 
والبرتغاليون» ولا بد لها من السيادة القومية del‏ قبل أن تفكر في بسط السيادة على 
غيرهاء فلما ظفرت sig‏ السيادة لم تكن أسبابها الاجتماعية أو الاقتصادية هي الحافز 
لها على استعمار الأقطار الشرقية» ولم تكن لها رءوس أموال تثمرها في خارج بلادهاء 
ولا معامل صناعية كبرى تحتاج إلى المستعمرات لتصريف مصنوعاتها أو جلب خاماتهاء 
وإنما كانت مسألة الاستعمار في لبابها مسألة «وجاهة دولية»» ومناظرة بينها وبين 
الدول اللاتينية التي سبقتها إلى المضمارء وأصبحت في عداد الدول الكبرى؛ لأنها في عداد 
الدول التي تملك المستعمرات وتحكم الشعوب. 

فعلى GNA‏ الشائع عن ضرورة الاستعمار لتثمير الأموال في الخارج» كانت شركات 
إيطاليا في الخارج إلى سنة ۱۸۸٠‏ تصفي رءوس أموالهاء وتسلم أعمالها للحكومة لتدبرها 
بإشراف موظفيها؛ ففي YAV- Ze‏ اممف EL Spb — ¿eS Soll KEN‏ 
- مرسى لها في ميناء عصب على البحر الأحمرء ولم تمض phe‏ سنوات على تأسيسه 
حتى كانت قد باعت سفنهاء وأسلمت مرساها للحكومة خوفا من إشهار إفلاسهاء Uy‏ 
حاولت الحكومة أن تستفيد من هذه السفن - بعد الاستيلاء على ميناء مصوع أيام 
حرب الدراويش - تحرجت العلاقات بينها وبين أمراء الحبشةء وتعذَّرَ الاتفاق بين 
الطرفين على نقل الصادرات والواردات بواسطة القوافل أو السفن الإيطالية» ولم يكن 
عند الدولة الناشئة فضل مال تنفقه على الحرب لإرغام أمراء الحبشة على قبول معاملتهاء 
ولم يكن لها فضل من التجارة تروّجه في خارج بلادهاء ويكفي لاستخدام سفنها في 


04 


لا شيوعية ولا استعمار 


البحرين الأبيض والأحمرء بل كانت معاهدتها التجارية مع فرنسا قد انقطعت في تلك 
الآونة لحنق فرنسا من مسايرة وزارة كريسبي للسياسة الألانية في أورويا الوسطىء 
فلم تكن عند الإيطاليين أموال يديرونها hogs‏ في الصناعة أو التجارة» ويطلبون من 
أجلها إدارة المستعمرات» Ugly‏ البواعث النفسية — بواعث الوجاهة الدولية — لما شعر 
الإيطاليون بضرورة agin Di‏ إلى الدخول في حومة الاستعمار. 

ولحل oda‏ البواعث النفسية كانت فق yall‏ الإرظالية العوفية lgio sell aya‏ 
في الخرت الأول التي Te‏ 155+ وانقهت de‏ التكراء في Asse‏ 
فإن العظمة الرومانية التي حاول موسليني أن يبني عليها مجد إيطاليا ألفاشية كانت 
ضريًا من الخيلاء الخاوية أمام شبح الهزيمة النكراء في الحرب الحبشية الأولى» وقد 
أراد موسليني في الواقع أن يغزى بلاده بالدعوى والدعاية» حين أقدم على 932 الحبشة 
A‏ سنة هن العان: وسو السمعة stly dy Sell‏ أن Lars addy‏ بالدعوة 
والدعاية بعد ما افتضح من ضعف إيطالياء وتسليمها في الحرب العالمية الأولى. ولو أن 
الحملة الإيطالية على الحبشة صفيت من جميع هذه البواعث النفسيةء لما بقي لها باعث 
اقتصادي أو سياسي يغري الحاكم المسئول بالتصدي لمشكلة الحربء وما يتبعها من 
سوء السمعة وسوء العلاقة بالدول الأخرى. 

وكم تقلب من أسباب الاستعمار بين رحلات البرتغال في القرن السادس عشرء 
وبين غزوات الإيطاليين من أواخر القرن التاسع؛ GT‏ أوائل القرن العشرين؟ فهل يخطر 
على البال أنها أسباب واحدة عملت في ثلاثة قرون» وعملت في روما كما عملت في 
مدريد ولشبونة» وعملت في هذه جميعًا LS‏ عملت في لندن وباريس وبرلين وبروكسل 
وأمستردام؟ 

إنما هي حركة التاريخ كله بما احتواه من عوامل الحياة المشتركة بين الأمم 
والحكومات» وكل اختزال لهذه العوامل فهو اختزال للحقيقة في فهم كل حركة كبيرة 
من الحركات العالمية. 

وأوجز ما يمكن من التلخيص لهذه العوامل المتغلغلة في جوانب الحياة الإنسانية أن 
نثوب بها إلى شطرين كبيرين يقتسمان بينهما تلك العوامل في تفصيلاتهاء وهما شطر 
العوامل النفسية وشطر العوامل الاقتصادية» وأول الشطرين أرجحهما وأقواهما على 
الدوام في جميع الحركات التاريخية الكبرى» ومنها حركة الاستعمار. 

لهذا كانت البرتغال أسبق من إنجلترا إلى المضمارء ولو لم تكن العوامل النفسية 
قوتها الراجحة في هذه الحركة لكانت إنجلترا أولى بالسبق إليها؛ إن كانت Lasse‏ السفن 


Ar 


أسياب الاستعمار 


وعندها الخبرة (LAG‏ وعندها الحاجة EN‏ التجارة الخارجية: وعندها بوادر 
الصناعة الحديثة وأدواتهاء وعندها الشركات التى ترتبط بكل مكان في القارة الأوروبية. 


ولا حاجة إلى الإطالة في سرد المسائل التي تنطوي في شطر العوامل النفسيةء فهي تتلاقى 
lla ls‏ والعخصي والأفكان dal‏ 

ولا dale‏ كذلك إن الأظالة ف spo‏ امسا الاققضانية: ¿AD „ei‏ :جنها 3 
التجارة والصناعة وأحوال المعيشة. j‏ 

Lil‏ عامل الدين» فتكفي نظرة إجمالية في تاريخ أوروبا منذ القرن الثاني عشر إلى 
مفتتح عصر الكشوفء لنعلم أن الشواغل الدينية كانت تغمرها في مشرقها إلى مغريهاء 
فلا يتأتى أن تصدر عنها حركة عامة دون أن تمتزج بالدين في ناحية من نواحيهاء 
إن لم تمتزج به في جميع نواحيها؛ ففي عصر الصليبيين شملتها الدعوة الدينية من 
SI ONG dls Gli cena SEN Masa‏ 
والوسط والمغرب» لم يكن معسكر منها يخلو من مشكلة حيوية لها علاقة وثيقة بالدينء 
فكانت أورويا الشرقية مشغولة بمدافعة الترك العثمانيين عن حدودهاء وكانت أورويا 
الوسطى مشغولة بمقدمات حرب الثلاثين وجرائرهاء Las‏ عن المنازعات بين الكنيسة 
وطلاب الإصلاح» وكانت أورويا الغربية مشغولة بأمثال هذه المنازعات مع اشتغالها 
ببقايا الفتن المتخلفة في حروب الإسبان والبرتغال والمغاريّة. 

فق :قال هذا انحن الى als‏ أن قدو ale‏ 
کرک Le‏ ميعزل ye‏ فراعت الديدية Win y laa d‏ 

fides ER = tala Elle se il paltas al 
يأسياب الحركات العامة.‎ — 

ويبدو لنا أن المؤرخين الأوروبيين لم يولوا مسائل العنصر حقها في تقدير الحوادث 
السياسية» بل في تقدير الحوادث الدينية التى نشأت من تنازع السيادة بين العناصر 
القومية فما طن ,مشكة ذينية خلت من Ute‏ غنصرية سدقا of‏ تضاحبها: ¿ya bag‏ 
خلافٍ على المعتقد خلا من آثار الخلاف بين طبائع الأقوام التي تتألف منها شعوب 
القارة الأوروبية» وهي في مجموعها شعوب اللاتين وشعوب الجرمان والثيوثون» وشعوب 
الصقالبة أو السلاف. 

A)‏ كان اللاتين جميعًا — إلا القليل منهم — تابعين للمذهب الكاثوليكي والكنيسة 
الرؤفائية؟! 


1١ 


لا شيوعية ولا استعمار 


aly‏ كان الجرمان والثيوثون جميعًا - إلا القليل منهم - تابعين لمذاهب لوثر 
وكلفن وغيرهما من الخارجين على مذهب الكثلكة؟ 

als‏ كان الصقالبة جميعًا - إلا القليل منهم — خارجين على المذهبين؟ 

بل ISU‏ بقيت الكثلكة حيث اجتمعت السيادة العنصرية وسيادة الإمبراطورية 
المقدسة في الدولة النمسوية؟ 

ليس أدل على تغلغل هذا الباعث العنصري في كل علاقة بين شعوب الغرب من بقاء 
آثاره في علاقات المستعمرين خارج LS BE‏ حدث في علاقات الإنجليز والهولنديين 
والإسبان والفرنسيين. 

لقد اختلف هؤلاء المستعمرون» وتصارعوا على الأملاك والأموال في القارة الآسيوية» 
ولكن الإنجليز والهولنديين تفاهموا على المساومة. حيث 5d‏ هذا التفاهم بين الإنجليز 
والفرنسيين» وبين الإنجليز والإسبان» في أوائل age‏ الاستعمارء فكان الخلاف بين الجرمان 
واللاتين — dus‏ كان - خلاف محو واستئصال يقابله خلاف التفاهم والمساومة؛ كلما 
gf cti‏ مخ pate‏ الجرمان والنيوقون. 

ولم يزل هذا التنافس بين العنصرين ASU‏ والجرماني قويًا إلى أيامنا هذه في 
القرن العشرينء ولكنه كان على أشده في أيام نشأته عند نهاية القرون الوسطىء قبل 
قيام الدول الجرمانية الكبرى ووقوع التنافس بينها على السيادة العالمية» كما تنافس 
الألان والإنجليز حتى لجأ هؤلاء إلى محالفة الفرنسيين» Laly‏ أولئك إلى محالفة الطليان. 

وقد بدأ التنازع بين العنصرين على السيادة العالمية في قلب القارة الأوروبية» ثم 
امتد إلى القارات الأخرى عند اتجاه الأوروبيين إلى الاستعمار YA‏ الأقصى ¿Aly‏ 
REA‏ ی AA O‏ خطوات O ET‏ 
ظهرت في صورة الخلاف بين مذاهب الكثلكة والمذاهب البروتستانتينية» أو في صورة 
الخلاف على مزايا الحكم» أو مصالح التجارة والسياسة. 

ولا مندوحة من الالتفات إلى هذه الدعوة العنصرية في كل مرحلة من مراحل 
الاستعمار منذ نشأته إلى أيامه الأخيرة قبل الحرب العالمية الثانية؛ فإن هذه الدعوة 
العنصرية لم تختفٍ قط من جو السياسة العالمية على ضيعة من الضيع» ولمناسبة طارئة 
من مناسبة 5500 ذهب أوانها. فلما اتفق الجرمان واللاتين والصقالبة على الاستعمارء 
ظهر شعار الرجل الأبيض LAGE:‏ ولا شك من أصول الدعوة العنصريةء Uy‏ خيف أن 
يختلف المستعمرون من الجرمان واللاتين والصقالبة ظهرت صيحة «الخطر الأصفر» 


VY 


أسياب الاستعمار 


لتوحيد الدول المستعمرة في وجه الأمم الشرقية الثائرة» Ly‏ انقسمت أورويا انقسامها 
الحاسم بين الحربين العالميتين» كانت الدعوة الآرية أجهر الدعوات المترددة في جوانبهاء 
وانتشرت مع الدعوة الآزية دغوة عتصاحبة لها ققق بين الآرئين LN‏ والآزيين al‏ 
وتقسّمهم إلى طبقات تتفاوت في حقوق الحكم والسيادة على غيرها من الشعوب من 
بيض وصفر وسمر وسود. 


أما الأفكار العلمية التى كان لها أثر في نشأة الاستعمارء فأهمها فكرة «استدارة الأرض» 
وإمكان الوصول إلى مشرقها من الاتجاه إلى آفاقها الغربية. 

وهذه Sall‏ 3 في أسلوب تأثيرها على الحوادثء Fig‏ لسائر الأفكار العلمية في 
خضوعها لدواعي المصلحة؛ وفي إخضاعها لتلك الدواعي بالمشيئة والإقناع. 

فالأوروييون الغربيون كانت لهم مصلحة تضطرهم إلى البحث عن طريق للتجارة 
مع الشرق غير Gob‏ البحر الأحمرء وما جاوره من بلاد العرب والترك العثمانيينء 
وكانت فكرة استدارة الأرض توافق البحث عن الطريق المقصود وتؤدي إلى تحقيق 
المصلحة المطلوبةء ولكن هذه المصلحة لم تخلق فكرة الأرض الكرويةء ولم تكن وحدها 
كافية للقيام بالرحلة إلى الفاق dy all‏ بل اجتهد كولمبس سنوات لإقناع أصحاب 
المصلحة بمصلحتهم» ثم أقنعهم بها فلم يصل إلى ما أراد ولا إلى ما أرادوا من جميع 
رحلاته» وجاءت خطته في الكشف خاضعة لفكرته العلميةء ولم تكن فكرته العلمية 
خاضعة لخطته؛ إن لولا إيمانه باستدارة الأرض لطلب الكشف من طريق آخرء كما طلبه 
البرتغاليون من طريق الطواف حول القارة الأفريقية. 00 

ولعل الفكرة العلمية أفادت كولمبس وأفادت عصره كله من ناحيتها العامةء التى 
بعثت في النفوس حب البحث والاستطلاع» وجعلت الوقوف على كروية الأرض بالتجربة 
العملية مطليًا مستحقا للبحث die‏ مع ما فيه من النفع والمصلحة؛ ولولا حب الاستطلاع 
لكان اهتمام التجار بالكشوف والرحلات Laide‏ على اهتمام الرحالين والمغامرين ممّن 
يخدمون التجارة وليسوا من ذويهاء فلم يقم كولمبس بالرحلة GY‏ تاجر أبرع من las‏ 
ولا لأنه تاجر أحرص منهم على الربح والثراءء ولكنه قام بها Y‏ مغامر علمي يحفزه 
ali‏ اتو فل ul ya Salo JS‏ اة 

isa cesa الاقتصا درل‎ Ê Û 
المشرق في أصناف الأبازير والأنسجة والطيوب» وقد تكررت الإشارة إلى هذه التجارة في‎ 


a 


0 


VY 


لا شيوعية ولا استعمار 


كل حديث عن أسباب الاستعمار؛ حتى ES‏ إلى الناس أنها هي السبب الوحيد للحملة على 
ctl‏ 3 وأنها كانت كافية وحدها لابثداء هذه الحملة والمثايرة عليهاء ولكنة ظن Allee‏ 
فيه وإشاعة من قبيل الإشاعات التي تثبت بالتواترء ولا تثبت على التمحيص والاستقراء 
Las‏ كانت تجارة المشرق كافية بغير العوامل الأخرى لخلق حركة الاستعمار في حينهاء 
وهي - سواء دارت على الأبازير والأنسجة - لم تكن مما يهم القائمين بالاستعمار 
خاصة بين الأوروبيين» ولم تكن مما يعييهم أمر الحيلة فيه ... 

فالأبازير كانت لازمة على الأكثر لعلاج الأطعمة» وحفظ اللحوم في البلاد الباردة 
التي تحتاج إلى اللحوم المحفوظة خلال أشهر الشتاء» وليست بلاد الإسبان والبرتغال 
من هذه البلادء ولا هي من الأقاليم التي يعييها تدبير غذاء الشتاء بغير علاج الأبازير» 
وقد مضى على أبناء أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية زمن طويل تعوّدوا فيه أن يقنعوا 
من هذه الأبازير Les‏ يصل إليهم من طريق القوافل الروسية والبلقانية» فلم يكرثهم أن 
يفقدوا مواردها من غير تلك الطريق. 

والأنسجة كانت من مطالب الترف التي يقدر عليها أصحاب الثروات الواسعةء 
ويملكون وسائل استيرادها في Gob‏ البر والبحر في بلاد الفرس والترك العثمانيين. 
وقد كانت ols pill‏ الإنجليزية «مكاتب توكيل» في البصرة وحلب وسواحل فلسطينء 
عملت في نقل التجارة بعد انتظام الطرق البحرية حول القارة الأفريقيةء وكان في الوسع 
قبل ذلك تعميم هذه المكاتب والوكالات على طول المسافة بين سواحل الخليج الفارسي 
وسواحل فلسطينء كما كان في الوسع أن SIE‏ عقبات السفر Ey‏ في بلاد الترك 
العثمانيين بالامتيازات الأجنبيةء التى أخذوا في السماح بها من age‏ سليمان القانوني؛ 
فالذين يذكرون التجارة الشرقيةء ويحسبونها سبب الأسباب في نشوء حركة الاستعمار 
يبالغون - بل يفرطون في المبالغة  Al;‏ منهم بتعظيم شأن المسائل المادية في توجيه 
حركات التاريخ» وغرامًا بتهوين شأن البواعث النفسية التي تمتزج على الدوام بتلك 
Blu!‏ المادية كلما Aust‏ تظاقها وتاولت مخف pil‏ .من wg BN ats‏ 

وقد كان سوء المعيشة Gals‏ في أرجاءِ متفرقة من القارة الأوروبيةء يوم توجهت 
الكشوف الأولى للبحث عن طرق التجارة Aad pill‏ ولكن سوء المعيشة هذا كان على أشده 
في أرجاء أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطىء ولم يدفعهم إلى الاتجاه نحو المشرق القريب 
منهم» بل دفعهم على نقيض ذلك إلى الاتجاه نحو المغرب» كما فعل قياصرة الروس 
وعواهل الدولة النمسويةء وما كان سوء المعيشة في مردّه إلى أصوله إلا نتيجة للأزمات 


Ve 


أسياب الاستعمار 


النفسية التى أثارت الشعوب تارة لطلب الاستقلال السياسى» وتارة لطلب الحرية الدينيةء 
ار اکر ES‏ عن alle‏ الأقاليم المستقلةء واختل 
النظام في الأقطار الواسعة بعد تمزيق شملها وتفتيت مواردها بين صغار الأمراء وولاة 
الإقطاع» تجمعت تلك الحالة Zul)‏ واضطربت معيشة الملايين من أبناء القارة في 
مشرقها ومغربهاء وكان قصارى ما بلغ سوء الحال بتلك الملايين أنه استفزها إلى الثورة 
في أوطانهاء أو رسم لها AG‏ التي تنتقل إليها إذا خطر لها أن تهجرها ... ومثلها في 
ذلك مثل الألمان يوم شاعت بينهم دعوة الاتجاه إلى المشرق؛ وتصايحوا بشعارهم المشهور 
«من برلين إلى بغداد» ومن بغداد إلى الهند»» ثم بقي GUY‏ في بلادهم» ويقي هذا الشعار 
«قبلة مرسومة» عند Jal‏ السياسة قلما يتعدى دواوين الحكومة والشركات» وكذلك sus‏ 
يوم ضاقت بالأوروبيين Ji‏ العيش في القرن السادس عشر وما بعده على أول عهدهم 
بحملات الاستعمار؛ فقصارى ما بلغ الحنق بهم يومئذ أنه das‏ الاتجاه إلى الخارج 
أمرًا قريبًا من التفكيرء ولكنهم لم يفارقوا أوطانهم جماعات جماعات؛ ليسلكوا طريق 
التجارة وينعموا بالأنسجة والأبازير» وإنما فارقوا أوطانهم جماعات جماعات بعد أن 
علموا أن السفر للإقامة الطويلةء وأنهم يسافرون إلى الهند الغربية لا إلى الهند الشرقية, 
وينازعون الهنود الحمرء ولا نزاع لهم مع هنود الأنسجة والأبازير. 

das — Liles‏ - أن نذكر أن عوامل الاستعمار ما بين مادية أو نفسية تتناقض 
فيما بينهاء ولا تطرد على نهج واحدٍ في جميع الحوادث والأوقات» ولا في جميع الدول 
الغالبة والشعوب المغلوبة وهي لا تكون طبيعية معقولة إلا إذا عُرضٌ لها هذا التناقض, 
ووقع فيها الاستكناء كثيرًا أى قلي de‏ حسب الأخوال؛ ]3 كان الاستعمان قد استغرق هن 
الزمن Sse‏ قرون ومن المكان Sse‏ أقطارء وتقلبت فيه الحوادثء وطرأت عليه المفاجآت 
من آونة إلى آونة ومن بقعة إلى dab‏ ومن قبيل إلى dnd‏ ومحال أن يكون هذا كله 
قد دخل في حساب المستعمرين من الوهلة الأولى» ومحال أن يكون للاستعمار حسابٌ 
aside‏ ينتهي بانتهاء الطبقة الأولىء أو الطبقات التالية من أصحابه القائمين عليهء فإذا 
اصطدموا على ممر الزمن بمشكلة لم تدخل في تقديرهمء ولم تكن في مقاصدهم فلا 
مناص لهم من مطاوعة الضرورات» ومناقضة الغرض الذي كانوا يتوخونه يوم رسموا 
سياستهم لليوم silly‏ المعلوم أو المجهول؛ ولا عجب إذن أن نرى البنادقة والمماليك 
يتحالفون على البرتغاليين» وأن نرى البرتغاليين والمسلمين يتحالفون على المغول» ولا 
أن يكون بين الهولنديين والعرب حلف وبين الهولنديين والإسبان عداء؛ فهذا كله من 


“o 


لا شيوعية ولا استعمار 


اختلاف الاتجاه في عرض الطريق مع SLY!‏ في النهاية على الطريق الأخير. وقد يساعدنا 
على تصور هذا الاختلاف الموقوت أن نذكر أن السفينة تسير في الجنوب إلى الشمال — 
Nie‏ — ولا يمنع ذلك أن يكون على ظهرها مَّن يسير من الشمال إلى الجنوب» بل لا يمنع 
ذلك أن تعرج السفينة GE‏ وشرقًاء Gy‏ كل اتجاه تضطرها عوارض الجو إلى اتخاذه 
ريثما تعودء فتنتظم في طريقها المقصود من الجنوب إلى الشمال. 

By‏ تاريخ الاستعمار الشرقى أعمال متفرقة uns‏ من النتائج الباكرة لتلك العوامل 
daily a‏ الى '[جملكاها ly Lei So Ta ba‏ 
ترتبط به جميع النتائج اللاحقة في استعمار الشرقء لم نجد بينها ما هو أحق بالتمييز 
من استيلاء البرتغال على ميناء «سبتة» في سنة 5١5١؛ GY‏ كان فاتحة المعرفة بالطريق 
وفاتحة الأعمال «المنفذة» في وقت واحدء وأحرى بنا أن نرجع في سرد مقدمات هذا 
الحادث إلى مؤرخى الغرب؛ لننفى عن الخاطر مظنة الانقياد للشعور الشرقى في مسألة 
ا É «Ubud‏ 

تناول الأستاذ باري Parry‏ مقدمات هذا الحادث في GUS‏ عن «أورويا والدنيا 
الواسعة»» وهو أوجز المؤلفات وأدقها في هذا الموضوع, فقال في الفصل الثاني من 
الکتاں: 


إن الاستيلاء على سبتة dy‏ البرتغاليين في موضع chee‏ لهم معرفة وافية 
بالقارة الأفريقية لم تكن متهيئة لغيرهم من الأوروبيين؛ فإن الأمير هنري U‏ 
قد سمع في سبتة - ولا ريب — بالقوافل التي ترحل في الصحراء إلى تمبكتو, 
ls call ss‏ ا عن هن Al E)‏ 
سمع هناك بالطريق التى تت dias‏ غاا uta ul‏ 
أن تكون أفريقيا شبه جزيرة, خلافا لما قرّره الجغرافي بطليموس» ولعله قد 
سمع أيضًا من المصدر نفسه بمصبات بلاد صنهاجة والنيجرء التي قد يتبيّن 
ol‏ يتتبعها أنها إما أن تكون بواغيز متصلة بالبحر الهنديء أو أنهارًا تنبع 
في جيال القمر التي شاع في الأخبار المتناقلة أنها منبع الأنهار في وسط 5 
الأفريقيةء وغلب الاعتقاد بأنها منبع نهر النيل. 

وفي سنة MENA‏ - وهي السنة التالية لبعثته الثانية إلى سبتة — قبل 
الأمير هنري منصبه الشرقي بولاية الجرف أقصى ولايات البرتغال في الجنوب» 
فاعتزل البلاط الملكي Jal daga‏ 


VW 


أسياب الاستعمار 


«سجر» فوق رأس سان فنشنت هضبة البرتغال الصخرية إلى الجنوب الغربي 
منهاء وبقي ثمة يرقب المحيط الأطلسي بين حاشيته الصغيرة التي 1h‏ 
من أناس ركيوا البحرء أو عناهم أمر التجارة والرحلات على متنه» بين ملاحين 
وفلكيين وبناة سفن وراسمي خرط وصانعي أدوات وآلات تُستّخدم في AW‏ 
وكان كثير منهم إيطاليون دعاهم الأمير هنري للعمل على نفقته وتحت إشرافه. 
وطفق في سنة ١57١‏ يبعث من ميناء لاجوس القريب سلسلة من البعوث 
للكشف عن السواحل الأفريقية» واستطلاع الطريق إلى الهند» وهي بلاد كانت 
معروفة بمحصولاتها وإن لم يكن عند الأوروبيين خبر عنها غير أخبار القصص 
والإشاعات» pr‏ من يوميات (ازورارا) أن الأمير هنري كان يفكر في وجود 
الطريق الشرقيةء ويتوق إلى فرصة سانحة لتحويل الأمم الزاخرة من أبناء 
الهند إلى الديانة المسيحية» ويرجو في الوقت نفسه أن يتمكن من عقد محالفة 
الذي كان يومئذ يشبه أشباح الأساطير. أما أساس أخباره من الواقع فهو ولا 
ريب قائم على ممكلة الحبشة المسيحية التي يحيط بها الأعداء من المسلمينء 
ولا تزال للقبط كنيسة بها على جرف من الثبات» فإذا تستى للبرتغاليين أن 
يصلوا إلى مملكة pall‏ حناء فقد بات المسلمون في أفريقيا الشمالية محصورين 
بين سدودٍ محگمة من المسيحيينء ولعل البرتغاليين واصلون إذن إلى مجرى 
من الماء في غربي أفريقيا يبلغ بهم إلى منابع hill‏ حيث ينحدرون das‏ 
ويدهمون المغاربة من خلفهم» فإن لم يتحقق أمل من هذه الآمال فحسبهم أن 
يعلموا أن القوافل ترحل من شمالي أفريقيا „LES‏ مع الزنوج على أطراف 
الصحراءء ومتى اهتدى البرتغاليون بحرًا إلى بلادهم» فهنالك يفتتحون pers‏ 
سوق التجارة الرابحةء li‏ الكثير منهم في الديانة المسيحية» ومن الجائز 
أن الأمير هنري كان له نصيب من ولع الاستطلاع العلميء الذي شاع بين 
الخاصة من أبناء عصره إلى جانب هذه المقاصد التجارية al‏ الدينية. 

وكان التقدم في السنوات الأولى Babs‏ شديد البطءء فلم تتمكن سفينة 
أوروبية من تجاوز رأس بجادور إلى الجنوب إلا بعد أربع عشرة سنة» وكان 
ميناء بجادور هذا أول معالم الطريق إلى الغرب من أفريقياء والعقبة المخيفة 
أمام السفن التي تتلمس مجراها عند سواحلهاء يصد الملاحين عنها تلك الرهبة 


W 


لا شيوعية ولا استعمار 


من بحر الظلمات التي ورثوها من العرب» وذلك الخوف من الأمواه الغالية 
تحت شمس المدار بأشعتها الملتهبة» التي وقع في أوهامهم أنها تصبغ مَن 
يصلاها بصبغة الزنوج السودء إلا أن الأمير هنري كان من أولي الصبر والعزم؛ 
وكان من أعوانه فتى ناشئ us‏ جيل أيانيس» خرج في رحلة تطوف حول 
رس بوجادورء فثبت له أن البحر إلى جنوبها وإلى شمالها متشابهانء وتتابعت 
رحلات الكشوف بعد سنة ٠٤١٤‏ على gud‏ أسرع وأهدأ مما كان قبل ذلك. 

وكانت العقبة النفسية الأخرى التي کان عليهم تذليلها اعتقاد بعضهم أن 
الرحلات الأفريقية لا طائل تحتهاء ولا منفعة من ورائهاء فظهر خطأ هؤلاء في 
سنة ١٤٤٠ء‏ حين عادت إحدى البعثات من الساحل الذي يقع قرييًا من جنوب 
رأس بوجادور بكيس فيه تبر وجماعة صغيرة من أسرى الزنوج» وقد بلغ 
عدد العبيد الذين Sele‏ بهم السفن البرتغالية بعد ذلك إلى سنة 557 ,١‏ نحو 
all‏ عبد بين مأسور ومُشترى من زعماء السواحل من رأس بوجادور إلى رأس 
برانقة التى كشفها Goll Wt‏ سنة ١٤٤٠ء‏ وقد عومل هؤلاء العبيد álolao‏ 
رقيقة قي غرف فلك الأناء؛ إذ كان ساناتهم يعذون عكاية 25,55 يتعليمهم عقاف 
المسيحية» ويستخدمونهم أحيانًا للترجمة في البعثات AVG‏ واتسعت تجارة 
الرقيق بعد ذلك فبنى الأمير هذري Mars‏ ومصنعًا مُخصّصين لها على جزيرة 
أرجيوم» فكان هذا المصنع أول معهد أوروبي „USW‏ وراء البحار. 

ولما رأى الأمير أن الكشوف التى أشرف عليها عادت ذات قيمة تجارية 
مجدية» حصل على رخصة من الملك أخيه باحتكار التجارة مع سواحل غاناء 
alla‏ مع ذلك أن يجعل لمغامرات dia LE‏ دينيةٌ gas‏ فحصل من 
البابوات المتعاقبين على براءات الغفران لكل yá‏ عمل في الكشوف iz‏ 
كما حصل على امتياز منهم بحق التبشير بالديانة المسيحية بين الزنوج. 
وقد كانت عادة الالتجاء إلى البابوات في مسائل الكشوف وراء البحار تقليدًا 
دبلوماسيًا Lila‏ من تقاليد ذلك العصرء أسفر فيما das‏ عن مآزق مضحكة 
يوم اشتركت إسبانيا وغيرها من الأمم في هذه الكشوف البحريةء وانتفع بها 
الأمير هنري في تحقيق برنامجه الأساسيء الذي كان يبتغي به إخراج البرتغال 
من مشاكل السياسة في شبه الجزيرة الأندلسيةء By‏ القارة الأوروبية برمتها؛ 
كي تشتغل Ly‏ هو أوفق SLA‏ الملّاحين بناة السفنء وأحرى أن يتيح لهم 
السبق على el‏ أكبر منهم وأقوى. 


VA 


أسياب الاستعمار 


ووصل المؤلف أخبار هنري الملاح بأخبار أقدم الكشافين بعد وفاته» وهو 
بارتلميودياس «bartholmeu‏ فقال: إن المعروف عن دياس جد ¿Jl‏ فليست له صورة 
محفوظةء ولم تبق من رحلته أخبار «¿Lio‏ ولعله كان من deel‏ وضيع كما كان أكثر 
الملاحين في زمنه» ولكنه كان ولا ريب Erle‏ عظيم القدرة والبراعة؛ ¿Solá ¿Y‏ دا Lele‏ 
vasco de gama‏ حرص بعد عشر سنوات أشد الحرص Je‏ الاهتداء في رحلته بهداية 
إرشاده ووصفه» ونحن نعلم اليوم أن ls‏ كان عليها المعول في تركيب أسطول 
داجاماء وتزويده بمعدات الملاحة. 

... وكان لدياس نصيبه من GS‏ الطالع كما كان له نصيبه من القدرة والبراعة؛ 
فإنه كان على خط عرض خليج والفش walfisch‏ حين Je dúo‏ سفينته عاصفة قذفت 
بها Mas‏ من مرأى الأرض ثلاثة عشر lags‏ حاول بعدها أن يقتفي أثر الميناء ليقترب 
من ساحل أفريقيا الغربيء فإذا به يرسي على خليج موصل في المحيط الهندي المنشودء 
Aas‏ أن يتابع رحلته لولا أن رجاله تعبوا lolas‏ وبدت عليهم بوادر الشغب والتمردء ورأى 
أن سفينته أصغر وأضعف Se‏ وزادًا من أن يدفع بهما إلى المغامرة في المجهول» وكان 
قد ترك أزواده في خليج والفشء فوافقهم على العودة إليها للقفول من AS‏ إلى الوطنء 
وكانت رؤيته للرأس الكبير الذي خرج للبحث عنه عرضًا في أثناء الطريق» وسمّاه LS‏ 
قال مؤرخه باروس barros‏ رأس الأعاصيرء وإنما كان الملك هو الذي E‏ هذا الاسم 
وسمّاه رأس الرجاء بعد أوبة دياس. 

وتستطرد الأخبار من قصة دياس إلى قصة أكبر الكشافين بعده فاسكو دا جاما 
vasco de gama‏ صاحب العبارة التي لخصت أغراض dost‏ الأوروبيين في كلمتين: 
«أبازير ومسحيين». ويقول المؤلف في استطراده من حيث انتهى إلى رأس الرجاء: «إنها 
gal‏ لها أن تظل رأس الرجاء المجتنب بضع سنوات؛ لأن طرق الهند قد بدا أنها 
da side‏ ولكن الرحلات إليها ليست مما تقدم عليه الممالك الصغار بغير روية وتدبرء 

ن الملك قد Jad‏ بالمتاعب السياسية ومنازعات الوراثةء ثم ازدادت المشكلة تعقيدًا 
بعودة السفينة — نينا — سفينة كولمبس إلى نهر التاجوس في شهر مارس سنة NET‏ 
ds‏ يزعمون أنهم بلغوا بها إلى الشرق الأقصى من السواحل الآسيويةء فإذا صدق 
كولمبس وجماعته فقد ذهب الشطر الأكبر من رحلات البرتغاليين في نحو قرن كاملٍ سدّى 
على غير جدوى» وأفلتت الغنيمة التي لاح للبرتغاليين أنها في قبضة أيديهم فآلت إلى أيدي 
الإسبان» وهي الحرب إذن لا محالة ... ولكن البرتغاليين لم تخدعهم رواية كولبس حقبة 


1a 


لا شيوعية ولا استعمار 


طويلة» بل شغلتهم بمحاولات شحيحة يرمون بها إلى الحيلولة بين الإسبان والاسترسال 
في الكشوف» ولم تنعقد عزائمهم على تسيير أسطول إلى الهند قبل سنة ١١٤٠ء‏ ولم 
يخرج la, 3 Joba‏ إلا 3 سنة NEAV‏ وهو he‏ فاسكو دا جاما الذي كا 
KEN‏ للكشف» en Ls‏ للتجارة.» 

ويقول المؤلف: Gb‏ دا Lolo‏ مر بأماكن عدة على الساحل الشرقي من القارة 
الأفريقية لتموين 0 بالماء والوقودء والتقط في ميناء (ملندي) الملاح المسلم ابن ماجد 
الذي شاء الحظ أن يكون من نوابغ عصره في فنون الملاحة الفلكيةء فاستطاع بمعونته 
أن يعبر المحيط الهندي إلى ميناء قليقوت أحد المراكز المشهورة لتجارة الأبازيرء فقوبل 
هنالك مقابلةٌ لا تبشر برجاء كبيرء وكانت حمولته من fall‏ الصغيرة والأنسجة الصوفية 
dela,‏ مزجاة في الأسواق الهندية» ووجد حاكم قليقوت قليل الرغبة في التخلي عن علاقته 
المجدية بالعرب» الذين كان منهم عنده جالية من التجار بذلت dle‏ جهدها لإقناعه 
بالإعراض عن مطالب البرتغاليين» ولكن دا جاما قد استطاع بعد الإلحاح والمشقة أن 
يجمع مقدارًا من الفلفل والقرفة عاد بها إلى بلاده» وبدأت من aS‏ قصة الدسائس 
الأوروبية الطويلة مع أمراء الهند الوطنيينء واستغرقت رحلة دا جاما سنتين قضى منها 
ثلاثمائة يوم على متن البحرء وفقد ما يزيد على ثلث بحارته على الأرجح من إصابتهم 
بداء الأسخريوط.» 

يقول المؤلف بعد بيان حاجة الأوروبيين إلى الأيازير: «إن انتشار تجارة الأيازير 
في القرن الخامس phe‏ كان على اتصالٍ وثيق بانتشار الإسلام Gye‏ وشرقا منافسًا 
للمسيحيين والهنود؛ إذ كان الترك العثمانيون يفزعون أورويا الشرقية» وكانت SLE‏ 
أخرى من أواسط آسيا تزحف على الهند» حيث قامت zul‏ متتابعة على عرش «seda‏ 
ma‏ على ا الغربي u‏ مدينة )>( ع عدة ممالك N‏ السلاطين الاين 
يمتد 58 3 تلك E‏ وتستولي الجاليات eal Ea‏ على is‏ التجارة 3 أفريقيا 
الشرقية إلى (موزنبيق) في الجنوب» وراح التجار المسلمون ينشرون ديانتهم في الهند 
الشرقيةء ويؤسسون ثمة إمارات تعمل في التجارة يستوي فيها على العروش أمراء من 
أمة الملايا بالنسب» ومن المسلمين بالعقيدة يشتغلون بتجارة الأبازير في أهم الجزر التي 
تخرجهاء وحينما ذهب المسيحيون الأوروبيون شرقا وجدوا المسلمين سبقوهم هنالك؛ 
حتى لم يبق من تجارة الأبازير إلى سنة ١٠٠١‏ شيء في غير أيدي المسلمين.» 


أسياب الاستعمار 


ثم يستطرد المؤلف إلى ابتداء الغزوات البرتغالية» فيقول بعد إشارة مجملة إلى 
رحلات المبشرين في الشرق الأقصى: «إن القائد «البوكرك» لما ذهب في رحلته الأولى إلى 
الهند سنة ١١٠٠ء‏ لم تكن للبرتغاليين محلات يترددون عليها غير خانات ينزل بها عمال 
الملك» أو وكلاء الشركات التجارية لشراء الأبازير من الأسواق الساحلية» ويعود إليهم بين 
عام ples‏ أسطول مسلّح يبحر من لشبونة ليجمع منهم ما حصّلوه خلال العام» وعلى 
Air gol ells «Ly‏ قاد كلك jolie Ud galt; SULA‏ لرك ا لو Jagat!‏ تاك 
المواقع المتخلخلة إلى معاقل ثابتة ودول مسيحية واسعة من الاعتماد على أسطول ثابت في 
المحيط الهنديء ولا مناص لذلك الأسطول من Fir‏ بحري موفور الوسائل لتموين السفن 
وإصلاحهاء وتزويدها بالملّاحين والصتاع الذين يحلون مع الزمن محل yá‏ يهلك من 
زملائهم بآفات gall‏ والمرضء ولا مناص لهم مع هذا وذاك من حصون تعززها طوافات 
تسيطر على مداخل المحيط ومسالكه؛ وعليهم أن يحولوا تجارتهم القائمة على قاعدة 
لشبونة البحرية إلى سلسلة من المؤسسات التجارية والملاحية» تغطي الشرق الأوسط 
من أقصاه إلى أقصاه. وكانت هذه هي الخطة الجريئة الطموح بتكاليفها الفخام» التي 
فرضها البوكوك على حكومته dara dill‏ بعد أن أصبح في سنة ١٠١5‏ خلفا للقائد الميدا 
423 ف الولاية على تلك الجهات.» 


إلى هنا يمكن أن JLB‏ إننا رأينا أمامنا أسباب الاستعمار الواقعة في دور التنفيذ بين 
الإحجام والإقدام» والمثابرة على الخطط أو العدول عنها بحكم الطوارئ والمناسبات. 

وهذه الأسباب الواقعة في دور التنفيذ أولى بالالتفات إليها من الأسباب النظرية 
المستخلصة من الواقع» حسبما يراه الباحث المتفلسف تطبيقًا لمذهبه أو رأيه في مجرى 
التاريخ. 

فكثيرًا ما تضللنا الأسباب النظرية عن النتائج العملية؛ لأنها تعطينا عن الحوادث 
Bu‏ غالطة el‏ مالا كتوق jay‏ ما لا La‏ فيه rs‏ أن ف الأمن 
تناقضًا حيث ينبغي أن نرى الأمر على استقامة وسواء مع ما يقتضيه الواقع والتفكير 
الصحيح. ١‏ 

ولأسباب النظرية التى ينتحلها المتفلسفة لمعظم الحركات الكبرى» كحركة الإصلاح» 
أو كالثورة الفرنسية aa‏ الكشفء أو انقلاب الصناعة؛ توهُمنا أن هناك شخصًا 
يعيش ثلاثمائة أو أربعمائة سنةء ويباشر العمل فيها جميعًا لغرض واحدٍ يعلمه منذ 


YA 


لا شيوعية ولا استعمار 


البداءة» وينبغى أن تكون أعماله كلها على اطراد مع ذلك الغرضء وإلا وجب أن نشك 
في الحوادث أو نشك في النتائج والمقدمات. 

فهذه الصورة المغالطة لأسباب الأطوار التاريخية تضللنا Lee‏ كان Lees‏ يكون» بل 
تضللنا Lie‏ هو واقع بين أيدينا بالقياس إلى ما يشبهه من الأطوار الغابرة. 

ولو اعتمدنا على هذه الصورة الغالطة في تعليل أسباب الاستعمارء لتمثلنا أمامنا 
«تجارة الأبازير» شخصية متيقظة متربصة تسوق الناس أمامها سوقًا إلى تحقيق مرامها 
في مدى قرنين أو BW‏ قرونء: فلا يملك الناس أمامها إرادة يُصيبون فيها أو يخطئونء 
ولا يحتاجون إلى تفكير Sal‏ ولا إقناع المقنع أمام تلك الشخصية التي تقودهم قهرًا 
على حسب البرنامج المرسوم ... 

أما الأسباب الواقعة في دور التنفيذء فنحن alas‏ منها عمل الإرادة وعمل الضرورة 
متجاورتين متساويتين في كل Sule‏ كبير أو صغير» ونعلم منها أنه ما من حادث يتم 
على وجه من الوجوه» إلا ومن الممكن أن يتم على وجه AT‏ لو سارت الأمور مسيرًا AT‏ 
في بقعة قريبةٍ أو بعيدة من الكرة الأرضية. 

وما تقدَّمّ من قصة الاستعمار البرتغالي كافٍ لبيان أسباب الاستعمار الشرقي بين 
Jas‏ الضرورة ونقل الإرادةء وبين الإصابة بالمصادفة والإصابة بالتقدير» ولكن هذا كله 
لم يكن Lis‏ لزامًا لتحقيق وجود الاستعمارء لولا ظروف أخرى لا عمل فيها لأحد من 
هؤلاء العاملين الفعالين فيما يبدو من قريب. 

ماذا لو وصل البرتغاليون إلى الشرق والأساطيل التجارية الشرقية أقوى من 
أساطيلهم بتركيب السفنء ويما تحمله من Bue‏ وسلاح. 

وماذا لو انهزمت الأساطيل الشرقية مرةء ثم عاودت SN‏ فانتصرت في الكرّة 
الثانيةء ووقفت محاولات البرتغاليين في خطوتها الأولى» أو نكصت على عقبيها عند 
منتصف الطريق؟ 

كل أولئك كان من الممكن القريب لولا اختلاف يسير هنا واختلاف يسير هناك لا 
يأتي من تدبير العاملين الفعالين» ولا من وحي تجارة الأبازير. 

إن وصول البرتغاليين إلى المحيط الهندي كان في الواقع مرحلة مشكوك فيها من 
مراحل الاستعمار» ولم يجعله Ua ye‏ حاسمةٌ ناجحةٌ غير أمرين بعيدين من تسلسّل 
الأسباب في هذا السياق. 


VY 


أسياب الاستعمار 


أول هذين الأمرين أن السفن البرتغالية كانت أقوى بتركيبها وسلاحهاء وخبرة 
ملاجيهاء وأقدر على القتال من سفن التجارة الشرقية بين سواحل الهند وسواحل القارة 
الأفريقية. 

وثانى هذين الأمرين أن سفن المماليك التى كانت قادرة على مساجلة السفن 
dll all‏ فد coud‏ من sas hull‏ هزيمتهعم :فى ald zus‏ الدولة الاد dabas‏ 
مصر في حوزة تلك الدولة؛ فإن سلاطين الترك لم تشغلهم تجارة البحر الأحمر كما 
شغلتهم حروب القارة الأوروبيةء ولم تحفزهم البواعث العاجلة إلى بناء الأساطيل خاصة 
لمحاربة البرتغاليين في المحيط الهندي؛ إيثارًا منهم للغلبة على البنادقة في البحر OSA‏ 
وهم أعداء البرتغاليين وأعداء الترك العثمانيين على السواء. 

إن مقدمات الاستعمار في الشرق قد تمت يوم وصل البرتغاليون إلى المحيط الهندي» 
واعتمدوا على القوة في حماية طرق الملاحة وموانئ التجارةء ولكنها تمَّتَ من جانب واحدٍ 
هو جاتب all‏ وكان من الجائن أن glad‏ عن نتافجها لى أنها صادفت ف الشرق 
قوة تصدها وتثنيها على عقبيها. 

إلا أن الأحوال التي صادفها البرتغاليون في الشرق لم تكن خليقة أن تصدهم عن 
سبيلهم» أو تكف غيرهم من المنافسين لهم على اللحاق cage‏ فاتصلت المقدمات بنتائجها 
على النحو المعروف لنا في التاريخ. 

لقي أمراء الشرق طلائع الكشافين بالريبة التي يلقى بها كل غريب مجهول المقاصد 
Ol wills‏ وعرفوا مقاصدهم التجارية والدينية» فلم يحفلوها ولم يروا بينهم وبين JIBS‏ 
العرب وملّاحيهم من فارقء إلا أنهم خبروا هؤلاء ولم يخبروا أولتك الطارئين من الغرب 
ET‏ 

Lala‏ ظهر أولئك الطارئون بقوتهم في البحارء وانكشف من أغراضهم أنهم لا يقنعون 
Las‏ دون السيطرة والاحتكارء تنبّة الأمراء الغافلون» وسعى ملك قليقوت — أقريهم Lis‏ 
بالبرتغاليين - إلى التحالف عليهم مع أعدائهم من مماليك مصر ورؤساء البندقية» وكان 
هؤلاء يسعون مثل سعيه» ويحذرون الطارئين الواغلين مثل حذره» فأسفرت مساعيهم 
عن استعداد المماليك بأسطول pS‏ ساعدهم البنادقة في بناته USGL‏ أسطول البرتغالء 
والتقى الأسطولان عند يميا فكانت الغلبة في هذه المعركة للمماليك. ثم تجددت المعركة 
وجمع لها البرتغاليون كل ما استطاعوا من السفن الممتازة بأجهزتها وأسلحتهاء وخيرتها 
بالبحار المختلفة» فانهزم المماليك في هذه الجولة هزيمتهم الأخيرة (سنة 5١5٠١)؛‏ لأنهم 


vy 


لا شيوعية ولا استعمار 


فقدوا ello‏ مصر بعدهاء حين افتتحها السلطان سليم الأول العثماني بعد تسع سنوات 
.(\o\V)‏ 

ولقد كان من المتوقع أن يعاود المماليك BEN‏ لانتزاع السيادة على المحيط الهندي 
من أيدي البرتغاليينء فلا تتم لهم الغلبة عليه لولا ما أصاب المماليك من هزيمة لم تقم 
لهم من بعدها ASL‏ بل كان من الجائز أن يتصدى العثمانيون لمنازعة البرتغاليين» لو 
كانت ملاحة المحيط الهندي تعنيهم كما كانت iad‏ المماليك» ولكنها مصادفات التاريخ 
التي لا تقع yeast‏ المعو يون افو „elek ul Gilet‏ 

وما هو إلا أن ظفرت دولة غربية بالسيادة على طريق الهندء حتى بدأ بين الدول 
الغربية ذلك السباق الذي تعاقبت أشواطه شوطًا بعد شوط زُمَاء أربعة قرون» وانتهى 
إلى مداه أو كاد في منتصف هذا القرن العشرين. 


ve 


سباق الاستعمار 


من السهل أن نتخيل صدى الخبر الذي شاع في أوروبا عن عودة الأسطول البرتغالي 
بالبضائع الشرقيةء بعد طوافه حول القارة الأفريقيةء واهتدائه إلى طريق الهند التي دام 
البحث عنها ld}‏ عمر إنسان من المعمرين. 

لقد أوشك أن يطلق الحكومات والبيوت التجارية في سباق طائش إلى الهند الموعودة 
غير فين ولا ضابط, هذا كان هذا السباق ROL‏ قد تات إلى erg‏ من Las BAG‏ كان 
ذلك عن حكمة ولا dogs‏ ولكنها شواغل الفتن الداخلية والحروب العامة والمنازعات على 
كشوف الأميركتين» قد أرجأت ذلك السباق إلى حين» وصرفت القوم إلى الخطر القريب 
BEER N‏ أخرى و ata RETTEN LN‏ بهد طول BER‏ 

وقد كان السباق بين الدولتين الرائدتين في ميدان الكشوف خطبًا يسيرًا من Jal‏ 
أمره إلى نهايته؛ GY‏ هاتين الدولتين — وهما إسبانيا والبرتغال — كانتا في كنف الرعاية 
البابوية تأتمران بأمرهاء وتستمدان النفوذ منها في الخلاف بينها وبين الدول الأوروبية 
e‏ فاجتهد الفاتيكان اجتهاده في التوفيق بينهماء وقسم المواقع التي تنكشف Lag]‏ 
حصتين محدودتين على قاعدة الكشف التي اعتمدت عليها US‏ منهماء فجعل لإسبانيا 
جميع المواقع التي تنكشف على قاعدة السفر GE‏ للوصول إلى الهند والصين» وجعل 
للبرتغال جميع المواقع التي تنكشف على قاعدة الوصول إلى الهند عن طريق الطواف 
حول القارة الأفريقيةء وتلحق بها البرازيل» وأقيم بين الدولتين خط في وسط المحيط 
الأطلسي ملحوظ فيه ذلك التقسيم. 

ثم انتهى السباق بين الدولتين بتوحيد العرشين» فانزوت البرتغال من مجال الكشف 
والاستعمال» وآلت السياسة الاستعمارية كلها إلى العاصمة الإسبانية. 


لا شيوعية ولا استعمار 


ثم دارت الدائرة على إسبانيا بعد هزيمتها البحرية في معركة «الأرمادا» المشهورة, 
فكانت هذه الهزيمة إحدى المراحل الحاسمة في تاريخ الاستعمار» بل في تاريخ العصر 
الحديث» وبرزت في المجال ثلاث دول أوروبية لم يكن لها شأن فيه إلى ذلك الحين. 

استقلت هولندا من سيطرة إسبانياء فنازعتها السلطان في التجارة وفي التبشير؛ 
لان ,التحارة الهولنزية قبل الاستقلال كانت مسخرة Uy dl‏ الغالية lll‏ من lass‏ 
طامحةٌ إلى السيادة في ذلك المجال المشترك الذي عرفته يوم كانت مُسخّرة فيه وأملى 
لها في طموحها أنها كانت تنازع السادة الإسبان في العقيدة كما تنازعهم في السيادة 
الإسبانية؛ لأنها كانت تدين بمذهب «كلفن»» وتنكر مذهب الكنيسة البابوية» Siig‏ معه 
حق الانفراد بالدعوة المسيحية. 

وأكبر من هذا SY‏ في مجال الاستعمار ظهور الدولة الفرنسية في ¿o‏ الزعامة 
بين دول القارة الأوروبية» بعد خروج هذه الزعامة من أيدي الدولة الإسبانية؛ فإن 
فرنسا أصبحت أكبر دول القارة مستعمرات في آسيا وأفريقيا مع مستعمراتها في أمريكا 
الشمالية» وأصبحت كذلك وريثة الإسبان في قيادة الكثلكة العالمية» ولم JS‏ تتشبث بهذه 
القيادة فترة غير قصيرة بعد فصل الدولة والكنيسة. 

وأكبر من هذين الأثرين Le‏ في مجال الاستعمار أن الجزر البريطانية انفردت 
بالسيادة على البحار بعد هزيمة الإسبان البحرية» فلا مبالغة إذا قيل إن بريطانيا 
العظمى قبضت على زمام السياسة الاستعمارية في العالم» منذ معركة «الأرمادا» إلى ما 
بعد الحرب العالمية الثانية في منتصف القرن العشرين. 

وكانت بريطانيا العظمى تنافس فرنسا القوية ولا تنافس هولندا الصغيرةء بل 
لعلها - لولا بعض الخلافات العارضة - قد أخذتها تحت جناحيها؛ لتعمل باسمها 
كلما دعا الأمر إلى مقابلة الدعوى الفرنسية بدعوى أمة أخرى من الأمم الأوروبية» ومن 
ذاك أنها استولت على الأملاك الهولندية في الشرق يعد احتلال الفرنسيين لهولندا أثناء 
حروب نابليون؛ لأنها كانت تحارب الفرنسيين وتحالف الهولنديين. 

على أن هولندا - مع صغرها بالقياس الجغرافي والعسكري - توضع في الصف 
الأول بين المستعمرين الأسبقينء وتعتبر خطتها في التسلل إلى المستعمرات بمثابة التجرية 
التى استفاد منها اللاحقون بها في الزمن» ومنهم الإنجليز. 

ومن فكاهات الحوادث ومناقضات الصروف أن دعاة الإنجليز إلى الاستعمارء Lei]‏ 
كانوا all GUS Sl‏ الهولندي لنشوتين Linschoten‏ (سنة 1941( يصف به 


YA 


سباق الاستعمار 


كشوف البرتغال» ويقول مترجمه إلى الإنجليزية: «عسى أن تعمل هذه الترجمة الحقيرة 
عملها في أمتنا الإنجليزية» فتبعث فيها رغبة في مزيدٍ من شرف الاستعلاء بين الأمم 
بالسيادة العالميةء بفضل ما نبنيه من الجدران الخشبية» ... يعني الأساطيل. 

وتعتبر هولندا على صِعَرها شيخة المستعمرين في كثير من وسائل الاستعمار 
soles‏ هق asl Sus uds‏ -واشتكداء Shanta‏ والحالفات ف كنب 
الحقوق «Le pill‏ وهي التي سنت للمستعمرين اللاحقين بها تحويله من عهدة الشركات 
إلى «Uyall Sage‏ فأنفات Balls‏ الحكم إلى جانب مكاتب الإدارة» ثم جعلته نظامًا 
حكوميًا تغلب الصفة الرسمية فيه على صفة الأعمال الشعبية. 

وإنما ألجأ الدول إلى انتزاع العمل من أيدي الشركات أنها احتاجت إلى الاعتماد على 
القوة لإكراه أبناء البلاد الشرقية على قبول معاملتهاء كما احتاجت إلى القوة في منافسة 
بعضها لبعضء وحماية الطريق بين مناطق النفوذ» وقد اضطرتها طبيعة الاحتكار التي 
لا تفارق الاستعمار إلى كف الشركات عن التنافس Lad‏ بينها على رفع أثمان cel pill‏ 
EN SE AE‏ وكا NH‏ رمن الجر 
في مهدها بعد فترة الرواج والازدهار الأولى» وقد أثار هذا الرواج حسد الحاسدين بين 
أبناء الأمة الواحدة» Gs‏ فريق منهم يطلب من الحكومة أن تضع أيديها على شركات 
التجارة الخارجيةء وأعانه على ذلك سوء السمعة الذي فشا حول أثرياء التجارة Ball‏ 
وضجة الشكاية من مظلمهم في معاملة أبناء الشرق ومعاملة أبناء بلادهم العاملين في 
شركاتهم؛ Gos‏ فريق SAT‏ إلى مزاحمة أولتك الأثرياء بزيادة الأثمان التي يشترون بها 
بضائع الشرق» وخفض GLAM‏ التي يبيعونها بها في أسواق أورويا Lands‏ من الأسواق» 
فلم يبق في الدول المستعمرة مَّن يعارض تحويل النظام بجملته من عهدة الشركات إلى 
عهدة الحكومات» وكانت سوابق هولندا أول تجرية لحكومات الغرب في هذا التحويل. 

وسرعان ما اطردت الدول الثلاث - هولندا وفرنسا وبريطانيا - في سباقها 
الاستعماري» حتى أدركتها على أعقابها US‏ دولة أوروبية ثبت لها daga GUS‏ في محيط 
السياسة العالمية» فلم يتخلف عن هذا المضمار غير الدول التى شغلتها مسألة الوحدة 
الداخلية في طور التكوين» وكل دولة أوروبية كانت مشغولة alu‏ من هذه المسائل 
بعد الشوط الأول من أشواط الاستعمار. 

ومن ab‏ اختلطت صبغة الفخر وصبغة المظهر بهذا السباق كما تختلط بكل سباقء 
فأصبحت المجاراة فيه مطلوية لذاتها غير مشروطة بالمنفعة المرجوة منهاء وأصبحت 


84 


لا شيوعية ولا استعمار 


حيازة الأرض المستعمّرة علامة من علامات المساواة بين الدول GL‏ تتطلع إليها كل 

دولة ناشئة ملكت سيادتها وقرنت بينها وبين السيادة على سواهاء وسرت العدوى إلى 

Js‏ دولة نشأت في أوروبا أو في إحدى القارات الأخرىء فما هو إلا أن تم لألانيا وإيطاليا 

كيان Sasi‏ حتى توثبت كلتاهما للدخول في المضمارء وكذلك صنعت الولايات المتحدة في 

Gal وكذلك صنعت اليابان في آسياء وجعلت من فخرها الآسيوي أن تكون‎ y 

بالقارة العريقة من الأوروبيين والآسيويين. 

alk,‏ غايات السباق تكثر كلما كثر المتسايقون» حتى استنفدت الشرق كله من 

أقصاه إلى أوسطه إلى أدناه» وكاد الزحام على الشرقين الأوسط والأدنى أن يغطى على 

alas‏ الأصيل إلى call sigll‏ وجرن الملايا التي palo cop)‏ الشرق geil‏ لبعد 

تقسيم الشرق كله على حسب المسافات» وتعاظم اهتمام المستعمرين بالشرقين الأوسط 

والأدنى لأغراض شتى تستوعب جميع أغراض الاستعمار. 

أولّد: لأن الشرقين الأوسط والأدنى لازمان لحماية الطريق إلى الشرق الأقصى. 

وثانيًا: لأنهما في أول الأمر dis Lis‏ الطامعينء لم يبحثوا عن ABS‏ غيرهما إلا لعجزهم 
عن الاستيلاء عليهاء فلما EIS‏ مطامع الاستعمار على الشرق كله عادت إليهما أنظار 
الناظرين من قديم وجديدء ولا سيما المتأخرين في سباق الاستعمار Gee‏ دخلوا في 
الحلبة بعد فراغ السابقين الأولين من تقسيم غنائم الهند والصين والجزر الشرقية. 

Ús‏ لأن أقطار الشرق الأدنى وبعض أقطار الشرق الأوسط كانت كلها بقايا تابعة 
للدولة العثمانية» التي اصطلحت الدول الكبرى على تسميتها باسم «الرجل المريض» 
الق عق تفي تركدة جل ce da UL Bags gee U‏ 

ورابعًا: GY‏ بلاد ofS pill‏ الأوسط والأدنى أسواق صالحة لترويج المصنوعات الحديثةء 
مذ كانت ISL‏ عمّرتها الحضارة عدة y‏ وعوّدت أهلها اقتناء اللوازمات والكماليات 
من مطالب الأمم المتحضرة؛ فهى بهذا الاعتبار أنفع لدول الصناعة من مستعمراتها 
(Say dla‏ انها اق UN‏ 

وخامسًا: GY‏ الحصول على خامات المواد الصناعية ميسور في بلاد الشرقين الأوسط 
والأدنى» وتشاء المصادفات أن تظهر في هذه البلاد ينابيع النفط الذي يعوّل عليه 
أصحاب المصانع وأدوات المواصلات. 


LAN 


VA 


سباق الاستعمار 


وسادسًا: GY‏ الدول التى تنتحل الدفاع عن Gade‏ من المذاهب تجد الذرائع Sages‏ 
لا الل فى aul GMI Gall Gott‏ الدفاع عق ell‏ هيه أن الدفاغ ye‏ 
الأماكن المقدسةء ويكفي لبيان سعة النطاق الدولي الذي تعمل فيه هذه الذرائع» أن 
نذكر أن حرب القرم التي اصطدمت فيها روسيا وإنجلترا وفرنسا وتركية وسردينية؛ 
بدأت بخلافِ على رعاية معهدٍ من sales‏ بيت المقدس» يدعي الروس حق الأولوية في 
رعايته والإشراف عليه. 

وسابعًا: إن الرقعة الوسطى بين القارات الثلاث موقع من أخطر مواقع الدفاع والهجوم 
nal 3‏ الكبرى» وهذا هو الموقع الذي تقيم فيه أمم الشرقين الأوسط (¿Aly‏ 
oils,‏ خوله db US‏ المطامع ly‏ 

gins‏ من مراجعة هذه الظروف المتشابكةء أن بلاد الشرقين الأوسط والأدنى 
ls‏ غا من المطامع التي تغري بالاستعمارء والتَّعِلّات التي يتذرع بها 
المستعمرون للإقدام dale‏ فلو لم تكن لهذه الظروف المتشابكة ظروف أخرى تكافئها 
وتدفع شرورهاء لكانت مهمة الاستقلال أشق المهام على طلاب الاستقلال من الشرقيين 

في تلك البلاد. 

إلا que 9 «Jo Lay LISS cla ge Gall ol a of‏ ا JUL ie‏ 
على جانب العدوان» كلما £535 الشرقيون واشتد النزاع على بلادهم بين المستعمرين 
وفي الكرة الأرضية بلاد مستعمرة كثيرة تسكنها pal‏ على درجاتٍ متفاوتة من التعلّم 
والاستعداد للحكم المستقلء وعراقة النسب إلى الحضارات الإنسانية» وليس بينها أمة 
Gal‏ بمبداً تقرير المصير من أمم الشرقين الأوسط والأدنىء فإذا اضطرت هيئات الأمم 
العالمية إلى الاعتراف بمبدأ تقرير المصيرء فلا سبيل لها إلى حرمان الأمم الشرقية من 
حقوقه ومستلزماته في عرض العلاقات العالمية» GS‏ ما كان Seb‏ الاعتراف من ds‏ 
الصدق والوفاءء أو ds‏ الختل والنفاق. 
ails‏ لمن الهيّن على ضمائر المستعمرين أن يمجدوا كل حق من حقوق تقرير المصير 
ومستلزماته» لو لم تكن ثمة ضرورة أخرى تقسرهم إلى الاعتراف بها إلى جانب ضرورة 

الاعتراف بالحقوق والمستلزمات. 

ولكن الضرورة الأخرى قائمة على الرغم من الضمائر والرغبات .. 
وتلك الضرورة الأخرى هى خطر النزاع بين المستعمرين من الكتلتين الشرقية 
والغربيةء وخطر النزاع بين أعضاء كل ALS‏ على Bue‏ فلا توجد مصلحة لدولة مستعمرة 


va 


لا شيوعية ولا استعمار 


توازن الخطر على الدول جميعًا من صدمات النزاع المتجدد» وكوارث الحرب العالميةء 
وتفاقم النذر باشتعالها في كل أزمة من أزمات القضايا الوطنية» أو كل مشكلة من 
مشاكل السياسات المتعارضة في المعسكر الواحدء أو في المعسكرين المتناجزين» وأهون 
من ذلك أن تستقل أمم الشرقين الأوسط Gly y‏ توكل مسائلها إلى حيلة الساعةء 
أو وحي المصلحة العاجلة لحظةٌ بعد لحظة على حسب الطوارئ والمناسبات. 

وغني عن القول أن «حيلة الساعة» لا تعطي المستعمرين طمأنينة إلى الشركين 
الأوسط والأدنى يستقرون عليها؛ GUS‏ ما في حيلة de Lull‏ أنها تعطيهم طمأنينة dele‏ 
وكأنهم بحثوا عن حيلة طويلة الأجل تسعفهم عند الحاجة بطمأنينة مثلهاء فلم يجدوا 
أنفع لهم من Use‏ يصنعونها بأيديهم» ولا يزالون على ثقة من حاجتها إليهم» فهم 
يعطونها قرارها وهي تعطيهم ما يفتقرون إليه من قرار. 

وكانت دويلة إسرائيل. ۰ 

وكانت هذه البدعة آخر شوط من سباق الاستعمار في الشرقين الأوسط والأدنى. 

فما أعجب هذه الوريثة النابية لمملكة أورشليم الأولى قبل سبعة قرون! 


من المعروف اليوم أن المستعمرات أنواع. 

وإنما جرى البحث ف أنواع المستعمرات عندما شعر المستعمرون أنهم لا يستطيعون 
أن يعاملوا البلاد المغلوبة Hales‏ واحدةء فقسّموها إلى درجات» وكان معنى التقسيم إلى 
درجات أنها تزيد أو تنقص في بعض الحقوق. 

فكان الاعتراف بأنواع من المستعمرات بمثابة الاعتراف الصريح بأنواع من الحقوق. 

أا فما عا دل sia‏ كن الملستعموة أنها As AS‏ 
مسلّط عليهاء قادر على التصرف بها وبأبنائها G jes‏ السيد بالعبيدء لا يحاسبه أحد في 
شأن من شثونهم إن لم يحاسب نفسه عليه. 

نعم» إن المستعمرين عاهدوا بعض المستعمرات ولم يعاملوها معاملة البلاد المفتوحة 
بالسيف» ولكنهم في معظم الأحوال عاهدوا تلك البلاد ليتخذوا من حقوق العهد حجة 
يقصون بها المزاحمين لهم من المستعمرين oa SU‏ أو اكتفوا بمعاهدتها لأنهم لم 
يشعروا بالحاجة إلى فتحهاء أو لأنهم يرعون لها حقوقا يحترمونها ويحترمون أصحابها. 

وحدث في بعض المستعمرات الأولى أن ذوي الرأي بحثوا فيما يحق للرعية الوطنية 
من المعاملة الشرعية تحديدًا لسلطان الولاةء أو تحديدًا لسلطان الملوك والأمراء. 

غير أنهم نظروا في هذا الأمر لأن حقوق الملوك كانت في القرون الوسطى محل 
بحث بين الفقهاء بالنسبة إلى حقوق الله؛ My‏ الرعايا الأوروبيين هم الذين نقموا من 
الملوك إطلاق سلطانهم» وطغيان جبروتهم على نبلاء قومهم وعامتهم» فلما جد لهؤلاء 
الملوك رعايا من غير الأوروبيين في الأمريكتينء GS)‏ الفقهاء في حقوق هؤلاء الرعايا 
وتساءلوا: هل يسري عليهم ما يسري على الرعية الصالحة من الأوروبيين» أو أن لهم 


لا شيوعية ولا استعمار 


Liss‏ خاصًا يُجِيز للملوك والولاة في معاملتهم ما ليس يجوز للراعي الصالح في معاملة 
الرعية الصالحة. 

clay‏ البحث Ugly‏ من فقهاء الدين؛ لأنهم نازعوا الولاة سلطانهم في معاملة أبناء 
البلاد الأصلاءء وأرادوا أن توكل إليهم سياسة أولئك القوم لهدايتهم وتبشيرهم» وإدخالهم 
في زمرة «الرعية الصالحة» التي تجب لها رعاية حق الدم وحق المال. 

واتفقت آراؤهم بعد الخلاف الطويل عن أن التدين بالمسيحية شرط SSN‏ 
صفة الرعية الصالحةء فإذا عومل الوطنيون غير المسيحيين بشيءٍ من الهوادةء فإنما هي 
الهوادة التي يستحقونها في سبيل إقناعهم بقبول التبشير. 

وبديهي أن هذا البحث إنما كان فرعًا للبحث الأصيل عن حقوق الرعية الصالحةء 
ولم يكن له Seb‏ من النظر في إنصاف المغلوبين» وبخاصة من كانوا مغلوبين منهم بقوة 
السلاح. 

Ulak يحقوق أو هباي مق عليها‎ SR فيه‎ Js ولا‎ Ls 'فن‎ ¿la 
له أن معاملتهم‎ Só المستعمرين» ولكنه كان يضطر إلى التسليم بشيء من حقوقهم كلما‎ 
على سواءٍ لا تتأتى من الوجهة العمليةء وقليلًا ما دخلت القيم الإنسانية والأخلاق المثلى فى‎ 
حسابهم يوم أخذوا في التمييز بين أتباعهم» وإنما كان المرجع في ذلك إلى النعرة العنصرية‎ 
لحكم الشعوب» واغتصاب البلاد‎ Us gud التى قادتهم إلى اختراع أمانة «الرجل الأبيض»‎ 
Ste RA A ata all د :كان ناه‎ 
e نقد الساقة‎ as da a a EE 
للسماح بنظام الدومينيون» وتخويل الحكومات المحلية ضرويًا من السلطة في المسائل‎ 


الحاضرة التي لا يت يتيسر الرجوع فيها إلى رأي الدولة الحاكمة في العاصمة الكبرى» وكان 
خط الانفصال فين مهمًا مع هذين الشفيعين لزيادة ua)‏ الدومينيون من حقوق 
الاستقلال. 


ويلي الجنس الأبيض في حقوق الاستقلال وحدوده أجناس السمر والصفر والسودء 
على ترتيب درجاتهم من مظاهر الدولة في ماضيهم البعيد أو القريب. 

فالأمم التي كانت لها عروش مؤسسة وحكومات قائمة كانت تظفر منهم بنصيب 
من الحكم «SI‏ يستبقي العروش لأمرائها والحكومة لرؤسائها حيثما تيسر استبقاؤها 
بغير خطر على نفوذ الدولة المستعمرة. 


AY 


أنواع المستعمرات 


ومن لم تكن لهم دول وحكومات خولوهم طائفة من مناصب الرئاسة في الحكومة 
على قدر نصيبهم من الحضارة والقدرة على ولاية المناصب المأمونةء ولا يفوتهم بذلك أن 
يجتذبوا إليهم زمرة المرشحين للولايةء حيث لا dole‏ بهم إلى اجتذاب جمهرة الرعية. 

فإذا كانت البلاد المغلوية خلوًا من الدولة القديمة ومن الطبقة المرشحة لمناصب 
الرئاسةء ما يناله أبناؤها أن يتولوا مناصب المرءوسين على كثرة أو AB‏ حسب انتشار 
الوظائف في نظام الحكومة Gag dy peal!‏ غلبت agin‏ نظم القبائل والعشائر تركوا لهم 
رئاستهم «dig rol!‏ وكسبوا بذلك ولاء الرؤساء وسهولة الطاعة والانقياد من المرءوسين. 

وسار المستعمرون سيرهم البطيء في توسيع هذه الحقوقء وترقية هذه Bill‏ فلم 
يرفعوا مستعمرة من مستعمراتهم درجة إلا على اضطرار وبعد جهاد وإنكار. 

ولكن بلاد «الرجل الأبيض» كانت تظفر على الدوام بالقسط الأوفى من توسيع 
الحقوق وتوفير معالم الاستقلال» فأصبح من حق الدومينيون بعد الحرب العالمية 
الأولى أن توفد السفراء عنها إلى الدول الأجنبية» وأن تعلن الحيدة في الحرب» أو تعلن 
الاشتراك فيها باختيارهاء وازداد نصيب المستعمرات الأخرى على نسبة الزيادة في حقوق 
الدومينيون الخارجية والداخلية» فندرت بينهن أمة بقيت على ما كانت عليه قبل الحرب 
العالمية. 

إلا أن الجديد في نظام الاستعمار هنا Las]‏ هو الجديد من جهة dull‏ لا من جهة 
الزيادة في عدد الوظائف ودرجات الحكومة الذاتية ... 

إن الحرب العالمية الأولى كانت lá‏ فاصلًا بين عهدين واضحين في تاريخ الاستعمار؛ 
لأنها أزالت الاستعمار من حيث «المبدأ»» وأبقت ما بقي منه على أساس جديدٍ ينكر دعوى 
go Dal Are Vo cell‏ الدول: مدق ei‏ السا ف dario Se‏ نتقدمة gh‏ 
متأخرةء ما لم يكن ذلك بالوكالة عن الأمم الإنسانية ... 

وكذلك قام ميثاق الأمم بعد الحرب العالمية الأولى على بطلان الاستعمارء واحترام 
حق تقرير المصير: ومعتى تقرير المصير أن الاستقلال Saale Go‏ لكل أمة تحكم نفسها 
CO‏ عن gol‏ _مسكلة معترفا الوا ee aan‏ 
ا a‏ عا کی SIE] ae a ss‏ 
موقوفة ¿del‏ عارضة تحول بينها وبين ولاية GS‏ السيادة فيهاء فهي في ذمة الإنسانية 
تختار لها go‏ يحكمها إلى أن تملك زمام سيادتهاء وليس للدولة المختارة لحكمها حق 
في تسخيرها واستغلالهاء أو a‏ تمتاز بها على الدول الأخرىء وإنما تعطي الدولة 


AY 


لا شيوعية ولا استعمار 


الحاكمة من حقوق الولاية بقدر ما تحمله من المسئولية» أو بقدر ما يمكنها من النهوض 
بأعباء ولايتها. 

واستحدثت للنظام الجديد أسماء تناسبه غير الأسماء التى سلفت في أيام الاعتراف 
يكن REN NER ER Fr‏ ان tables aaa Ms‏ 
إلى أن تتفاهم الدول الحامية والبلاد المحمية على وضع من الأوضاع الحديثةء وبات مفهومًا 
بين أعضاء ا ميثاق أن العدوان على وطن من الأوطان إنما ga‏ خرق لميثاق pall‏ جمعاءء 
ينبغي أن تمنعه الأمم جمعاء ولا تنفرد بمنعه دولة حامية أو دولة محميةء فلا يتفق 
مع روح الميثاق أن تنفرد إحدى الدول بحماية وطن من الأوطان الضعيفة» ولو كان 
موكولًا إلى ولايتها. 

واتضحت الحدود على هذا النمط بين أنواع المستعمرات؛ فالانتداب للأمم التي تملك 
السيادة ناقصةء وينتظر أن تملك السيادة كاملة بعد فترة وجيزةء والوصاية للأمم التى 
LA AE‏ إل قم معنف أو ENT‏ متلق SOL‏ القضورها عن SE‏ 
si‏ اقا الخ من إخطرا ف ا 

وتكفلت عصبة الأمم بالاستماع إلى شكاية الشاكينء وتحقيق ما يحتاج منها إلى 
التحقيق» ely‏ على Uys‏ أن تتعرض لولايات Uys‏ أخرىء إلا أن يكون Lada‏ من 
قبيل المطالبة بالتحقيق في خلل إدارتها وظلم ولايتها. 

وتم هذا كله من حيث المبدأ والعقيدة. 

وشتان بين المبدأ أو العقيدةء وما يجري في الواقع» ويعهده الناس بين الحاكمين 
من الأقوياء والمحكومين من الضعفاء. 

فقد بقيت المستعمرات» وبقي الاستغلال وبقيت مظالم الحكم» ayy‏ الأوطان 
duce jay Spe‏ الأمم Alan ce‏ وطن sol‏ ممنتباج» أن عقوية Uys‏ واحدة 
ala gls. ee re‏ 

إلا أنه من قصور العقل فيما نعتقد أن يقال - مع هذا كله - إن تقرير المبدأ 
pl pla gly colgao dio yal‏ سكف Ed‏ من النظاع الجديية N‏ ترح I‏ 
يستفيد منه بعد حين؛ فما زالت المبادئ تخالف الوقائع في تكاليف بني الإنسان من أمم 
أو coll‏ وقديمًا عرف الناس ضياع اليتامى في dos‏ الأوصياء» وعرفوا Sam‏ المحتالين 
على القاصرين والمحجور عليهم من مستحقي الحجر أو غير مستحقيه» ¿Sly‏ محاسبة 
المختلسين والمحتالين على الرغم من هذا كله hire‏ مطلوب» وتقريره في المجتمعات غنم 


Ag 


أنواع المستعمرات 


مكسوب» وإلغاؤه بعد تقريره جريمة لا تفر من عقابهاء ولا a‏ الفساد المحذور بل 
تزيده وتغري G4‏ يتجنبه GL‏ يجترئ dale‏ 

ولا يخفى أن المبادئ التي تتصل بعلاقات الأمم كثيرًا ما تظهر في أوانها دليلًا 
على اتجاه الوقائع إلى تأييدها وتطبيقهاء وزاجرًا of‏ يخالفهاء ونذيرًا له Las‏ يصيبه من 
مخالفتها. 

ومصداق ذلك في هذا المبدأ أن البلاد التي UNS ágil‏ له واجتراءً عليه» لم SÉ‏ 
واحدة منها في أيدي أصحابها المعتدين عليها. 

فالبلاد التي اقتحمها النازيون والفاشيون ودعاة السطوة الحربية من اليابانيين قد 
خرجت جميعًا من أيديهم» ولم يحصلوا منها على غير الخسارة والهزيمة وسوء AAN‏ 
ولم يحصل مثل ذلك للدول التي قبلت المبدأًء ولو بالاحتيال عليه. 

ولا يقال إن النازيين والفاشيين ودعاة السطوة الحربية قد أصابهم ما أصابهم 
لأنهم مهزومون ساء بهم الحظء فأصابهم جزاء القانون. 

فمن دلالات الواقع وتعزيزها للمبداً أن تطبق الهزيمة على جميع مَن خالفوه. 

ومن دلالات الواقع في جانب المنتصرين أنهم - بعد انتصارهم - لم يقدروا على 
ISI‏ حقوق مستعمراتهم» ولم نَيْقَ مستعمرة منها لم تنتفع بالمبدأ في تسويغ مطالب» 
أو تعزيز صفة من الصفات الدولية التي تحرص الأمم عليهاء ولم يكن المبدأ وحده هو 
منصف الهند والباكستان وبلاد النيجر وأوغنداء وما إليها من الشعوب الأفريقية» ¿Sly‏ 
لولا المبدأ لما تم في الواقع أن ينال كل شعب من هذه الشعوب درجة فوق درجته بين 
البلاد المحكومة؛ GY‏ المبدأ ينطبق على جميع nia‏ البلادء ولا يجمعها الواقع في حالة متفقة 
de‏ زمن واحدٍ GIS‏ ما كان. 


على أن الشعور الإنساني مقياس صحيح يُعتمّد عليه في بيان الفارق بين دعوى الاستعمار 
بالأمس ودعواه اليوم» ونحسب أن هذا المقياس أولى أن نعتمد عليه من مقياس مبادئ 
الرأي أو وقائع العيان. 

واليوم يُعَاب السياسى بأن يقال عنه إنه من زمرة الاستعماريين أو المستعمرينء 
ويعتبر نسبته إليهم وصمة يبرا منهاء ويحاول أن يموهها بانتحال أسماء للاستعمار غير 
اسمه الصريح. 

ولا يستغرب الناس في عصرنا خجل الساسة من نسبتهم إلى زمرة الاستعمار؛ لأنهم 
يقرنون هذه النسبة بإثارة الحروب» واغتصاب الحقوق والعدوان على الأنفس والأموالء 


Ao 


لا شيوعية ولا استعمار 


والاستكبار على الناس في غير موجب للكبرياء» ولكننا نعود إلى أبطال الفتح والتوسع 
أو إلى أبطال الاستعمار والسياسة الإمبراطورية في التاريخين القديم والحديثء فلا يشق 
علينا أن نتخيل دهشتهم من هذا الخجل بما يشرفهم في أعينهم وأعين السادة والعبيد في 
أزمنتهم» ولا نظن أن إسكندر المقدوني» بل نابليون وسسل رودس يستطيعون أن يتخيلوا 
وجود ذلك الإنسان الذي يخجل من فتح الممالك والسطوة على الملوك والشعوب» وربما 
تخيلوه فتخيلوا أنه لا يكون إلا Maly‏ من أولئك المتفلسفة المتحذلقة الذين يتفيهقون على 
الناس بغرائب الآراء ونوادر الأقاويل» ولكننا لا نحسبهم يفهمون أن يكون الخجل من 
الانتعفان Gras‏ يتودق الضحف؛ guy‏ عل الأفواة 4s gls‏ 3 المحافل والأسواق: 
ومن أين يخطر هذا الخاطر للفتى الذي كان يتنهد أسقا لأن أباه فتح ممالك العالم 
المعمورء فلم يَدَعْ له مكانًا يفتحه» وأوشك أن يبتليه بالتفكير في فتح السماء. 

وجاء نابليون بعد الإسكندر بأكثر من عشرين قرتاء فلم 3 من فعله أو من قوله 
أنه كان يكره أن يكون نسخة فرنسية من تلك النسخة المقدونية» أو يأبى أن يفخر 
بشيء كان يفخر به صاحبه القديم. 

clay‏ سسل رودوس في عصر بعد عصر نابليون» فكان توسيع الإمبراطورية أشرف 
عمل يعمله» بل أشرف أمنية يتمناهاء ولحق به أناس من بني قومه إلى all‏ الحرب 
العالمية لا يتورعون أن يحسوا كما أحسء أو يعملوا oe LS‏ أو يقولوا كما قال. 

وإنه لمن إنكار الواقع — لا من إنكار Lal‏ فحسب - أن يغفل الباحث عن معنى 
هذا الشعور المختلف في الدلالة على الفارق بين دعوى الاستعمار بالأمسء ودعواه cagall‏ 
ودعواه فى الغد القريب. 


و«التواضع الاستعمارى» آية أخرى من آيات الحكم على الاستعمار بمقياس الشعور. 

ففي العصور الغابرة كان الفاتح يصول على الأمم ليستعلي بينها بشرف الفتح» 
ويرفع قدره وأقدار قومه مكانا Lle‏ يعفو له أبناء الوطن المفتوح» ولا يتطاولون إلى 
مساواته «as‏ وما كان من GLE‏ فاتح أن يفتح بلدا ليقول لأبنائه: إنني معكم على سواء. 
وإن حقي وحقكم شرّعَ في الدستور والقانون. 

فلما بطل فخر الاستعمار ظهر «التواضع الاستعماري» قبل أن تظهر المبادئ العامة 
في السياسة الدولية» وما زال المستعمرون من أوائل القرن العشرين يتقربون إلى رعاياهم 
بمساواتهم في حقوق المواطنة» ويعبرون عن هذه المساواة Le‏ طاب لهم من all‏ 
الدستوريةء أو un‏ الغرف الشائع بين الديمقراطيين المحدثين. 


AN 


أنواع المستعمرات 


فالإنجليزي سمح للهندي أن يساويه في حق الترشيح للنيابة في العاصمة الإنجليزية. 

والفرنسي يقول: إن الجزائر وطن للفرنسيين» وإن فرنسا وطن للجزائريين. 

والروسي يقول للترك الآسيويين: إن صعاليك الأمم قاطبة مشتركون في حقوق 

والأمريكي يقول لأبناء الفليبين قبل تعديل الدستور الأخير: إن رعايا الولايات 
المتحدةء ورعايا الجزر الوطنيين سواء في حقوق المواطنة. 

وهذه دول متفرقة تباشر دعاوى الاستعمار على أشكالٍ وألوان» ولكنها تصطنع 
التواضع الاستعماري؛ لأن «الفخر الاستعماري» قد أصبح في خبر GIS‏ ولا يغيّر من هذه 
الحقيقة أن يكون المستعمرون مخلصين أو مخادعينء فإنما الحقيقة من وراء الإخلاص 
والمخادعة أن الشعور بالفخر الاستعماري غير مقبول في العصر الحديث. 

إن تقسيم المستعمرات إلى أنواع كان نقطة الانتقال الأولى في سبيل الاعتراف لكل 
نوع منها ببعض الحقوق. 

Li‏ النقطة الأخرى - ولعلها الأخيرة — فهى اضطرار الدول إلى النص في ميثاقها 
على بطلان lire‏ الاستعمارء واحترام مبدأ «تقرير المصير». 


AV 


اداب الاستعمار 


a ee ee 
بها زبانية الاستعمار كما شهد‎ age المواعيد. وتسايرت الأمثال بهذه الخلة فيه حتى‎ 
بها ضحاياه» ولكنهم يشهدون بها اضطرارًا ليقولوا إنها واسطة تبرّر الغاية» وإنها‎ 
حيلة معيبة في سبيل مصلحة محمودةء وريما غلا بعضهم في دعواه» فزعم أنها مصلحة‎ 
للمغلوبين ومصلحة للغالبين» وأنها في أمر المغلوبين كمصلحة الطفل القاصر الذي يُسَاق‎ 
إلى نفعه ولا يقدر على إدراكه.‎ 

والاستعمار على اتفاق الأقوال كذوبء إلا أن الكذب خليقة نفسية Adres‏ بها 
الإنسان» ولا توصّف بها الحركات الاجتماعية أو حركات al‏ والحكومات» وأصح من 
ذلك أن يقال إن الاستعمار مستغل يقوم على الأثرة» Gly‏ آدابه كسياسته في هذه ALAN‏ 
فما تواضع عليه من آداب فهو آداب استغلال» وما تواضع عليه من سياسة فهو سياسة 
استغلال. 


إنه يستغل الرذيلة كما يستغل الفضيلة: يستغل الجبن والخسة والحرص على المنفعة 
العاجلة كما يستغل المبادئ الكريمة والخلائق gol‏ فلو جمع ما قيل في الدعوة 
إلى الحرية والسلام والرقي والحضارة لوقعت حصته الكبرى في جعبة المستعمرين» وما 
lee leerer‏ 
الاستعمار من أصحاب السيف والنار إلى أصحاب الأقلام والأفكار. 

إلا Ll‏ نتبرع للاستعمار بالشرف الأكبر إذا قلنا مع القائلين إنه يخلق ثلث الدعوات» 
ويخترع رسالتها اختراعًا من عنده؛ ليدرك بها مأربه ويخدم بها قضاياه. 


لا شيوعية ولا استعمار 


وفي بعض المفسرين الماديين للتاريخ 29 بإسناد الرسالات الإنسانية منذ القدّم إلى 
سماسرة الاستغلال من الساسة وأصحاب الأموال» فلا غيرة في رأيهم على حرية الأرقاء 
ولا على قضية السلام» ولا على أمثالها من القضاياء لولا المآرب التي يعمل لها المستعمرون 
والمستغلون»ء ويحاربون من أجلها مَّن يحاريون» أو يسالمون G2‏ يسالمون. 

عدو جاهل ولا مراء» ولو قال هؤلاء الماديون إن آداب الاستعمار زائفة وإن نياته غير 
dalle‏ وإنه يستغل المبادئ بعد وجودها واصطلاح الناس على إكبارها وتأييد العاملين 
del‏ لصدقوا وبلغوا ما يريدون من كشف النيات» والتحذير من الخدع والأضاليلء 
ولكنهم يصيبون الإنسانية بكذب أقتل لها من كذب الاستعمار في أخبث دخائله حين 
يجحدون على الإنسانية قدرتها على التقدم» وينوطون فضائل التقدم كلها بأكاذيب 
المنافقين وأباطيل المكرة الخادعين. 

فالاستعمار أعجز من أن يسبق الإنسانية قيد شعرة إلى فضيلة لا تحسهاء ولا ترتفع 
بآدابها إليهاء ولا تكون فيها المنفعة للعديد الأكبر من أبنائهاء فتصلح من تَمَّ للاحتيال بها 
على بلوغ المطامع» وتدليس العقائد أو الدعوات. وقد حمل الاستعمار ale‏ الحرية والدفاع 
SS ed ee‏ و Il‏ 
المستعمرون أساطيلهم ترود البحار وترصد السواحل» وتعترض السفن وتقتحم الموانئ» 
praia‏ الواقم ف الأقطان (pecs Lard Gas META‏ تعن الكخاسين edly soli My‏ 
لم يفعلوا ذلك إلا بعد أن أصبح «الفتح» منكرًا يحتاج إلى المعاذير» sary‏ أن أصبح 
تحرير الرقيق مأثرة ¿ell ied‏ ويرشو بها الضمائرء فتقبل الرشوية خالصة النية 
أو متواطنةٌ على الخداعء» ah‏ قبل ذلك فقي كان :هذا le ARE as se‏ 
aga‏ جلت dal‏ الفح Ve a‏ 
المبيعين بأبخس الأثمانء سلعًا لا سعر لها في سوق البغي غير سعر الصيد المباح. ' 

وما من داعية Gulu‏ يحتاج oda allá‏ إل LEM‏ في تبشيع النخاسة ly‏ 
ببيع الآدميين» ولكن الدعاة الذين قامت شهرتهم على تحرير الرقيق» كانوا إلى ما قبل 
مائة سنة يبحثون عن سبب SÓ‏ غير سبب المروءة لإقناع أتباعهم بوجوب تحريم 
النخاسة؛ لأن الآداب الإنسانية لم تكن قد ارتفعت إلى المرتقى» الذي يجعل تحريمها من 
البديهيات لغير سيب ET‏ سوى البشاعة sl‏ التى لا تحتمل الآن dil)‏ للجدال» فكان 
إبراهام لنكلن داعية التحرير الأكبر يضيف سبب الغيرة على الوحدة الوطنية إلى سبب 
الغيرة على الكرامة الإنسانيةء كلما أراد أن يقنع as‏ له يحرص Je‏ إقناعه» وكتب 


q. 


آداب الاستعمار 


قبل شهر من إعلان التحرير إلى هوراس جريلي :greley‏ «إن هدفي الأعظم في هذا الكفاح 
أن أنقذ الوحدة الوطنية لا أن أنقذ الشرق» ولا أن أقضى عليه» فإذا استطعت أن أحافظ 
على الوحدة دون أن أحرّر عبدًا Maly‏ فعلت» وإذا استطعت ذلك بتحرير جميع العبيد 
فعلت» وإذا استطعته بتحرير فريق منهم وإبقاء فريق منهم في العبودية فعلت ...» 


ودور الاستعمار في قضية السموم والمخدرات كدوره في قضية الرقيق؛ دور المستغل التابع 
لا دور المخترع المتبوع. فإن الدول التي أقامت المؤتمرات في جميع القارات لمصادرة 
egal‏ المخذرة. ومطازدة الفصانات القؤية ar (All‏ لتهريزهاء لم تتورع ق 
القرن الماضي عن حماية هذه السموم» وإكراه الصينيين على استيرادهاء وتشجيعهم على 
تعاطيهاء وهل كانت حرب الأفيون - أو حروب الأفيون - التي اشتعلت في القرن 
التاسع عشر مما تجترئ عليه Uys‏ من الدول لى قامت مشكلتها في هذه الأيام؟ إن 
سياسة الدول لم GIES‏ .من قبل ومن بعد LEN‏ تزهد الوم ف كديب كانت ترغب فيه 
بالأمسء ولكنها اختلفت لأن العقبات الأخلاقية التى تصد عن تجارة السموم كانت مذللة 
للاستعمار ممهدة تحت قدميه, RR‏ الأخير مخيفة له أو عسيرة dale‏ 


وقضية السلام من القضايا العالمية التي نرى فيها نوعًا من الاستغلال لكل نوع من 
الاستعمارء ولا نرى لها صورة من الصور يكون فيها دور الاستعمار دور اختراع 
وابتكار. 

فالمستعمرون الذين شبعوا من الاستعمار ينصرون السلام؛ لأن الحرب إما أن تكون 
ثورةً عليهم من المغلوبين المطالبين بحقوقهم» أو منارّعَة لهم من الأقوياء الطامعين في 
تراثهم» وفي كلتا الحالتين يغنمون من Aló‏ ما لا يغنمونه من القتال. 

والمستعمرون الذين تأخرت بهم القافلة — كالنازيين والفاشيين - يستغلون قضية 
السلام على منهجين متعارضين؛ فهم في سياستهم الداخلية يشعرون بأن دعوة السلام في 
العصر الحديث قوة لا يستهّان بهاء فيحاربونها من أجل هذا ويمثلونها لرعاياهم على غير 
حقيقتها؛ لأنهم يحتاجون إلى فلسفة الحرب في تربية الصغار وتلقين جماهير Ebi)‏ 
ولا ينتفعون بفلسفة السلام في هذا Slt‏ ولكنهم في سياستهم الخارجية يشعرون 
بقوة الدعوة إلى السّلّْم في العصر الحديثء فينهجون في استغلالها منهجًا غير منهجهم 
في السياسة الداخلية» ويحاولون جهدهم أن يتهموا أعداءهم بإحراجهم واضطرارهم 


1١ 


لا شيوعية ولا استعمار 


إلى مجاراتهم في عدد القتال وخطط المقاومة» ومنها تدريب الناشئة على الحرب وتلقين 
الجماهير صيحات النخوة «ely‏ ولو لم تسبقهم قضية السلام على الرغم منهم لما 
كانت لهم مصلحة في اختراعها في كلتا السياستين. 

SLi,‏ «الرجل الأبيض» — وهي قضية الاستعمار الأولى - أحق القضايا أن 
يخترعها المستعمرون لو كانوا يملكون الاختراع في دعوة من أمثال هذه الدعوات» ولكن 
الرجل الأبيض قد عاش زمانًا في القارة الأوروبية ضحية للاستعمار من الرجل الأبيض 
الذي يجاوره» أو ينتمي إلى عنصره وقبيله» وما التفتوا إلى طلب السيادة على السمر 
والصّفر والسودء ولهم بقية من LAI‏ في السيادة على البيض من صميم الأوروبيين. 


فالاستعمار لا يخلق للأمم آدابًا تروج بينها ونتلقاها منه dosd‏ لمصلحة أو إيمانًا ¿sis‏ 
وانما تنشأ الآداب الإنسانية وتبلغ مبلغ القوة والرهبة قبل أن تصبح صالحة للاستغلال 
والادعاء في سياسة المستعمرين ... وهذه الحقيقة جديرة IL)‏ أن تتقرر في أذهان الأمم 
المبتلاة بمطامع الأقوياء؛ لأنها هي الخاسرة إذا لم تفرّق بين دعوات المستعمرين ونيات 
المستعمرين؛ فلا مصلحة للعالم في إحباط الدعوات الإنسانية التى ينتحلها المستعمرون, 
وإنما مصلحة العالم أن يتكشف النفاق Lee‏ وراءه» وأن تبقى e‏ بنى الإنسان لبنى 
الإنسان وراء كل نفاق واستغلالٍ. ١‏ 


۹۲ 


نهاية الاستعمار 


أخذ الاستعمار في الزوال لأنه مرحلة من مراحل التاريخ التي لا توجد للدوام» ولا بد أن 
تنتهي بانتهاء دورها عند زوال أسبابها ووصولها إلى غاية مداها. ومن أسباب زوال هذه 
الأدوار أنها تجربة من تجارب الأمم في alle‏ المجهولء وأنها تنطوي على كثير من الأغلاط 
والمساوئ» كما تنطوي على كثير من الخطأ في التقدير ومن سوء الحساب عند القائمين 
بها والعاملين عليها. ۰ 

إلا أن هذه المرحلة — مرحلة الاستعمار - كانت بدعة بين المراحل التاريخية بكثرة 
ما فيها من مزالق الاقتحام» ومفاجآت المجهول» وكانت أشواطها كلها كأنها خطوات 
متعسفة يبتدئ بها السالك طريقه» ويتوسطه قبل أن يعلم أنه قد ضل الطريقء ثم يقف 
بين الحيرة والعنادء ويصر على العناد؛ لأنه لا يستطيع الرجوع ولا يستطيع التسليم 
بالضلال. 

USER RE‏ ايت O | ec ene LO‏ قد بدأت في وقت daly‏ مع عصر 
الاستكشاف» a‏ البحث عن الطريق المجهول. 

وكانت في الواقع بحونًا كثيرة وطرقًا متعددةء فمن ذاهب إلى الغرب ليصل إلى 
الشرق من طريق مجهولٍ حول الكرة الأرضيةء ومن ذاهب إلى الجنوب ليصل إلى الشرق 
من طريق الطواف حول القارة الأفريقية» ومن ذاهب إلى الشمال ليصل إلى الشرق من 
Gab‏ القطب خلال الأقطار الروسية» ومن als‏ إلى البحر الأحمر يريد أن يصل بينه 
وبين بحر الروم بسكة من سكك البر أو مجرى من مجاري الماء. 

كانت بحونًا كثيرة عن طرق كثيرة. 

وكذلك كانت بحوث الاستعمار التي افتتحت مع بحوث الاستكشاف في cals pac‏ 
Fear el Glee ek‏ القاهوة هل الكوول توزودا كان al‏ 


لا شيوعية ولا استعمار 


وسوء التقدير أكبر أسباب الخيبة التى أصابت الاستعمار في منتصف الطريق أو قبل 
منتصف الطريقء وتقترن بهذه الأسباب الكثيرة أسباب أخرى من أخطاء المستعمرين» 


مصادفة الموقع الجغرافي 

فمن الأسباب العرضية التي دفعت ببعض الأمم إلى ميدان الاستعمارء أن هذه الأمم كانت 
في موقع Gl i>‏ يسوقها إلى الميدان» وما استعدت له غير هذا الاستعداد  GA‏ — 
الذي els‏ من طريق المصادّفة. 

لماذا تكون البرتغال وهولندا ويلجيكا بين دول الاستعمار التى ملكت من المستعمرات 
ما لم تملكه كثير من الدول الكبار؟ 

لا سبب لذلك غير أنها كانت تقيم على شواطئ البحر الأطلسيء وكان البحر الأطلسي 
هو طريق الماء الوحيد المفتوح للبحث والتجربة بعد امتناع التجارة في بحر الروم» أو 
بحر الأييض المتوسط. 

وهذا IS Gu‏ لابتداء التجرية والمحاولة» ولكنه غير GIS‏ للاستمرار والبقاء في 
الميدان» وبخاصة بعد انكشاف المجهولء وتطور الأغراض التي من أجلها SS,‏ الباحثون 
عن الطريق» وابتدءوا خطواتهم الأولى في تجارب الاستعمار. 

وَأُنضرب المثل ببعض هذه «التطورات» في del‏ واحدةء لعلها هى أسبق الأمم إلى 
هذا الميدان» ونعنى بها أمة البرتغال. 

فهذه الأمة قليلة العدد» قليلة الموارد الصناعيةء قليلة العلاقة بالأمم الأخرى في القارة 
الأورويية» وكان همها الأكبر أن تعثر على الطريق الذي ترسو عليه السفن» وأن تتغلب 
على السفن المنافسة لها في البحار المقصودة. 

ومن المصادفات أن الدول التي كانت تزاحمها كانت يومئذ في شاغل عن مزاحمتها؛ 
لأن الدول الإسبانية كانت تسيطر على شواطئ هولندا وبلجيكاء وكان الكشافون الإسبان 
متجهين إلى البحث عن طريق الهند في البحار الغربية على آثار «كولمبس» المشهور. 

Ll‏ السفن التى كانت تزاحم سفن البرتغال في البحار الشرقيةء فلم تكن مستعدة 
بالأسلحة الحديثة التى استعدت بها سفن البرتغال» ولم تكن في تركيبها صالحة لجميع 
أغراض dal‏ أو Gabel‏ الحروب البحرية» فلم تقدر على مقاومة السفن البرتغالية في 
هذه المنافسة الهوجاء. 


a 


نهاية الاستعمار 


وما كادت هذه الدولة السابقة إلى الميدان أن تظفر بالغلب على طريق da‏ حتى 
تبيّنَ لها أن نقل التجارة وحده لا يكفى لاجتناء الغنائم الْمنتظّرّة من هذا الطريق؛ فإنها 
al alte‏ 
الكبرى» وقد أخذت هذه الصناعة الكبرى Mag‏ في الظهوي أوقكت Jos‏ الصناعة أن 
تستولي على الأسواق» كما استولت Je‏ المعامل والصناعات. 


نقص الموارد المنتظرة 


والدول الصناعية الكبرى ما شأنها في هذا الصراع الذي انهزمت فيه البرتغال؟ هل سلمت 
من أخطاء التقدير» ومن سوء الحساب» ومن اختلاف الأغراض بين خطوات الاستعمار 
في بداءتهاء وخطوات بعد التقدم إلى منتصف الطريق؟ 

INS 

إن المشكلة جاءت هنا من اجتماع الصناعة والتجارة في ay‏ واحدة؛ فلا بد للدول 
المستعمرة من موارد تحتكرها للحصول على الخامات» ولا بد لها من أسواق تحتكرها 
لتصريف مصنوعاتها بغير مزاحَمَةء ولا بد لها مع هذا وذاك من حراسة الطريق» ومن 
حراسة الموارد المحتكرة لجلب الخامات والموارد الُحتّگرة لتصريف المصنوعات. 


والبرتغال إنما هى Lie‏ واحد استحقت التقديم؛ لأنها كانت في طليعة السباق العالمى إلى 
الاستعمار» ولكنها لم تنفرد بالمفاجأة بين الدول الكثيرة التي خرجت معهاء أو لحقت 
بها في هذا السباق؛ إذ كانت هذه الدول جميعًا قد فوجئت بعد حين بما أخلف حسابها 
في yal‏ من الأمورء ولم تمض عليهن algel‏ معدودات حتى Gale‏ أن الغرض الأولء الذي 
خرجن للبحث عنه لا يغني Gos‏ طويلًا في هذه المهمةء ولا يكفل لهن الثبات والنجاح 
بعد انكشاف الطرق المجهولةء التي خطر لهن في بادئ الأمر أن العثور عليها هو القبلّة 
ER ee‏ 

كان الغرض الأكبر من حملات الاستكشاف أن تنتهي إلى طريق الهند من الغرب» 
led las‏ الصالح - كما وصفوه 
يومئذ أن يعثر الرحّالون على الموانئ التي ترسو عليها السفن في أمان؛ لتفرغ وَسُقها 
وتعود was GG‏ من خيرات الشرق ce dy‏ بعد امتناعها من طريق البحر الأبيض 
lod al‏ 


لا شيوعية ولا استعمار 


Lal‏ تحقق هذا الغرض ir‏ الموانع الصالحة للتبادل المنشود؛ ظهر أو أن 
بضائع أوروبا غير مرغوب فيها بين الشرقيين» ثم ظهر أن التنافس بين SEN‏ 
المستشكفين يوشك أن يصعد بأثمان السلع الشرقية صعودًا لا يقل عن صعودها من 
اء الخجر علنها ف هوق sto eis Lust SAN oll‏ ذلك أن الول 
في pl‏ لا يكقى لتحقيق البيع أو Gales‏ الشرام بل Y‏ يد dae‏ من 'سيطرة عن Jato‏ 
البلاد لضمان الاحتكار وصد ands RR‏ اللقاومة من ls‏ الشرقيين أيتاء اليلك: 
ومن جانب الغربيين المنافسين في التجارة والاستكشاف. 

ولما تقدمت معامل الصناعة الكبرى في القارة الأوروبية ظهرت مشكلة جديدة لم 
تكن في الحساب» وهي مشكلة الحصول على الخامات» وتصريف البضائع المصنوعة 
ي demo lg‏ .من هسازمة المنافسين ومحاظزة (qe ASU‏ نالغب cuallizy‏ .هذه 
المشكلة بعد أن أصبحت للغرب مصنوعات يرغب فيها الشرقيون» وقد كانت المصنوعات 
الأوروبية مزهودًا فيها بينهم قبل pio‏ المعامل والآلات الصناعية الحديثة؛ لأن مصنوعات 
الأيدي في الشرق كانت Gul‏ وأمتن من مثيلاتها عند الأوروبيين» وكانت مع دقتها ومتانتها 
أجمل منظرًا ومخبرًا على الأقل في أذواق الشرقيينء LS‏ تعودوها على أشكالها المأنوسة 
منذ مكات السنين. 

ee a‏ الناحية» وهي 
A a DEE Wty ball Ga ST a‏ 
الجمع بينها في مستعمرة واحدة تؤخذ منها الخامات» gig‏ فيها المصنوعات» وكثيرًا ما 
وجدت المصنوعات حيث لا توجد الأسواق» وكثيرًا ما اصطدمت المطامع والسياسات من 
أجل ذلك حتى وقعت الحرب غير مرة بين الدول Sportal‏ وتبيّنَ منها — حتى في ذلك 
العهد - أن خسارة الاستعمار أكبر من colgao‏ ونه لا بد من الاتفاق على تقسيم الغنائم 
على وجه من الوجوهء وإلا فلا غنمية so‏ من المتنازعين على جميع الوجوه. 

وفي هذا الشوط ضمنت الدول الصغيرة أن تستبقي ما ملكته على ضعفها منعًا 
للنزاع عليه بين الدول القوية الطامعة فيه وتراضوا جميعًا — جهد ما استطاعوا — على 
ترك كل نصيب لصاحبهء واجتناب Se‏ الدولية في هذا الميدانء اكتفاءً بالمنافسات 
التمارية أو يمتاورات السياسة التي لا تنتهي إلى الصدام أى تجريد السلاح. 


11 


نهاية الاستعمار 


zus;‏ الاحتكار بموافقة الجميع بعد أن كان احتكارًا مغتصيًا y‏ مختلسًا في غفلة 
الآخرين» فمّن استولى على جهة من الجهات فهي له بأسواقها وأسعارها وخاماتها 
وبضائعهاء يرفع منها ما يرفع ويضع منها ما يضع كما يشاءء وقد كان الاحتكار منذ 
البداءة ضرورة لا محيد عنها لكل من المستعمرين فيما استولى عليه ولكنه كان في الوقت 
نفسه جرثومة الداء التي كمنت في أحشاء الاستعمار حتى قضت عليه بعد قرن daly‏ 
وانتهت به إلى الباب المفتوح في أواخر القرن التاسع عشر, ذلك الباب الذي أريد به أن 
adds‏ ليدخله المستعمرون جميعًاء فإذا به الباب الذي يخرجون منه تباكًاء ولا يزالون 
يخرجون! 

لقد كانت حركة الكشف عن طريق التجارة المجهول أشبه شيء - كلها - بمحاولة 
التاجر أن يكشف عن سر الصناعة المجهول؛ ليحتكرها ويذود المنافسين عليهاء فكانت 
كل سفينة تصل إلى بقعة من الأرض تبادر إلى رفع العلم عليهاء وتسجيلها باسم الدولة 
وباسم الكنيسة؛ كأنها حوزة مغلقة في وجود الطارئين عليها من أصحاب الرحلات 
المتتابعة. واستطاعت البرتغال وإسبانيا أن تتفقا من مبداً الأمر على الاحتكار؛ لأنهما 
سلكتا في الاستكشاف طريقين E55 Y‏ بينهماء فاتجهت كشوف البرتغال إلى الطواف 
حول أفريقياء واتجهت كشوف إسبانيا إلى الطواف حول الكرة الأرضيةء وكانت LS‏ 
الدولتين من أتباع الكنيسة ola‏ فحرصت الكنيسة على التوفيق بينها وسد ذرائع 
النزاع التي أوشكت أن تشجر بينها على أثر الرحلات الكشفية في مجاهل الأرض والماءء 
وبلغت قسوة الاحتكار أشدها في الجهات GAL‏ على تركها لدولة من الدولتين» فصدر 
أمر الملك حنا الثاني البرتغالي في منتصف القرن الخامس phe‏ بإغراق كل سفينة يلقاها 
عمال الدولة على سواحل غاناء أو الاستيلاء Yale‏ بغير سؤال» ومتى استولت الدولة 
على سفينة غريبة وجب إلقاء OS‏ فيها من الربانية والنواتية فريسة للقروش وحوش 
البحر المشهورة في تلك المياهء Uy‏ اشتركت في ميدان الاستعمار دول الغربء التى لا 
دين والطاعة ا ista‏ مسلكها eA‏ 
يوافق نظام الحكم فيهاء فأصدرت إنجلترا عدة قوانين لتنظيم المعاملات الاستعمارية, 
أشهرها القوانين الثلاثة التي اشتهرت باسم قانون الملاحة (سنة (VIV+‏ واسم قانون 
التصدين pals «(III Are)‏ قاتون dahl au,‏ (سنة Ana (VWY‏ بقانون 


۹۷ 


لا شيوعية ولا استعمار 


الملاحة حمل البضائع التي تدخل بلادها أو تخرج منها على غير السفن الإنجليزية. 
NER‏ عل كل Cala‏ أن cag‏ ق as‏ الدولة Clas‏ ما TRETEN BESTE‏ اة 
المخالفة» وأوجبت بقانون التصدير أن تكون SLAM!‏ المرسلة إلى المستعمرات مشحونة 
من أحد الموانئ الإنجليزيةء وفرضت بقانون الرسوم الزراعية ضريبة مقرّرة على جميع 
الغلال والمحاصيل التي تنقل من مستعمرة إلى أخرى» وأمرت لأجل ذلك بإحصاء جميع 
المزارع التي تنتج تلك الغلّات والمحاصيلء 1039 منتجاتها ومقادير الصادرات والبقايا 
المتخلفة منها. وقد كانت هذه القيود تسخط LOLI‏ كثيرين من رعايا الدولة الإنجليزيةء 
كما تسخط الغرياء الذين يعاملونها من أبناء الدول الأجنبية؛ Y‏ أصحاب السفن أيقنوا 
من اضطرار التجار والزرّاع إلى حمل البضائع على سفنهم دون غيرهاء فرفعوا الأسعار 

وغالوا بتقدير الأجورء ¿Uy‏ إحصاء المزارع Ús‏ د الزرٌاع؛ وحال بينهم وبين حرية الاختيار 
في تقدير الأصناف والمساحات على حسب الظروف العاجلةء va ¿Ly‏ الربح في غير 
الأسواق الإنجليزية. 

وسلك الهولنديون مسلك الإنجليز في احتكار التجارة والزراعة لأنفسهم في 
مستعمراتهم» فما استطاعوا daño‏ بالقوانين منعوه وشددوا في تحقيق dade‏ وما بقي 
بعد ذلك من منفس للتجارة الحرة ضيّقوه بالإجراءات الإدارية والمحاكمات القضائية 
التي تنتهي de Ki alles‏ 
الأجنبية بالتواطق مع أبناء البلاد الوطنيين على قلب نظام dal‏ وصدر فيها الحكم 
all‏ على المتهمين المعترفين بجريمتهم» كما cle‏ في الأحكام الصادرة pele‏ 

وتشبَّتَ المستعمرون بخطة الاحتكار في كل dads‏ من الأرض وضعوا أيديهم عليهاء 
ولى لم يقدروا على إلحاقها بدولتهم في صورة من صور الاستعمار المصطلح عليهاء 
وأسلوبهم في حكم السودان is‏ من أمثلة الاحتيال على فرض الاحتكار على شكلٍ من 
Isi Lee „JAN‏ من Aula [Slay Ani‏ القادية tadas Je‏ وا قد 
دخلوا السودان باسم الحكومة As pall‏ وأعلنوا ذلك فرارًا من مساومة الدول لا حفاظًا 

على الحقوق المصرية؛ إذ كان فتح السودان باسمهم غنيمة تفتح أبواب المساومة على 
تبادل الغنائم» وتتيح للدول المناقشة لهم أن تطالبهم بغنيمة مساوية لهذه الغنيمة في 
SL‏ «القايضات» السياسية؛ ولكنهم (gets Ü‏ السودان باسم juas‏ تعوضوا لمحظور 
OST‏ وهو محظور الامتيازات الأجنبية التي كانت dole‏ مرعية في جميع البلاد 3 كانت 
تدين يومئذ للسيادة العثمانية» ومتى قبلوا تطبيق الامتيازات الأجنبية في السودان 


AA 


نهاية الاستعمار 


هذه الامتيازات أيديهم عن الاحتكار» وجاز للأجانب جميعًا كل ما يجوز للإنجليز بحكم 
المعاهدات الدولية؛ فخرجوا من هذا المحظور بحيلة الأحكام العُرْفية التي ظلت مضروبة 
على السودان إلى آخِر يوم من أيام الإنجليز Shy ad‏ لهم بحجة هذه الأحكام العُرْفية 
أن يُبطلوا ما شاءوا من ates‏ ويقرروا ما شاءوا من الإجراءات الموقوتة أو الدائمة؛ لأنهم 
ق Ga Er‏ مالا كنا عاق NN e‏ 

وعلى الجملة lib‏ إن الاحتكار والاستعمار صنوان لا يفترقان. وينبغي أن نؤكد 
هذه diia‏ كل التركيد ف ge Lely glial ass (gh (pli Ike‏ .حقيقة الدعو 
pela AGL da Jot BUF pubs coran lend call‏ رذهيوا إلى 
البلاد الشرقية متنازعين متقاطعين لا يطيق الرجل الأبيض منهم UB‏ الرجل CALM‏ في 
Gil,‏ لم يكن شريكا له A‏ قن gi Goss‏ 

ويتبغي تؤكيد ole‏ الحقيقة N US‏ اهي الحقيقة .التي Ags WS plas‏ 
الاستعمار ف أوائل القرن العشرين. فكما انقضى الاحتكار في مكأن انقضى فيه الاستعمار 
عل ا و A‏ راه AYER‏ 
قبضة الاحتكار في Gb‏ من بقاع GAN‏ لانت قبضة الاستعمار بمقدار cell‏ فلا 
استعمار حيث تتساوى الفرصء ويتساوى النفوذء وتتساوى الحكومة المستعمرة وغيرها 
من الحكومات الأجنبية في علاقتها بوطن من الأوطان. 


الباب المفتوح 


وعلى غير اختيار من الدول قبلت سياسة الباب المفتوح بعد التفاهم على الاحتكار الصارم 
كل منها فيما ملكته من GAM‏ أو ساومت عليه لاعتباره من مناطق نفوذها على Bs‏ 
المبادلة والتقسيم وإنما قبلت سياسة GLU‏ المفتوح بعد التشدد في الاحتكار؛ GY‏ هذه 
السياسة كانت Sous‏ من الأزمات والقلاقل والحروب التي تتوالى نذرها وتعطّل التجارة 
والصناعة جميعًاء ولا تنحصر أضرارها في نقص الثمرات والأرباح» وظهرت في «المحيط 
الدولي» pel‏ كثيرة لم يكن لها حساب في أيام الكشف والاستصلاح والبحث عن طرق 
التجارة والأسواق» فظهرت روسيا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة إلى جانب إنجلترا 
وفرنسا وهولندا وبلجيكاء من كبار الدول وصغارها التي ورثت تركة الاستعمار وصمدت 
آخر الأمر في المضمارء وليست هذه الدول الحديثة من هوان الشأن بالمكان الذي يتجاهله 
المستعمرون أو يحمدون العاقبة إذا تجاهلوه. 


aa 


لا شيوعية ولا استعمار 


وقد شعر المستعمرون بضرورة التفاهم على نظام من قبيل نظام الباب المفتوح 
قبل تطبيق هذا النظام على نطاق واسع في السياسة العالميةء فاتفقت فرنسا وإنجلترا 
سنة Je \NAN‏ نظام سموه auc ats‏ التمييز» non-discrimination‏ في نيجيريا 
وداهومي وساحل الذهب وساحل lll‏ وأعلنت بلجيكا الفرَص المتساوية في مستعمرة 
الكونغو؛ لتجمع من المكوس الجمركية بعض نفقات الولاية» وتدفع حملات التشهير 
بمظالم الاستعمار البلجيكي في المستعمرات الأفريقيةء وانعقد مؤتمر الجزيرة سنة 
7 لتقرير نظام GLU!‏ المفتوح في المغرب الأقصى» مع التفاهم على تقسيم مناطق 
النفوذ بين الفرنسيين والإسبان» وتعددت في الشرق الأقصى معاهدات الدول التى suas‏ 
بالمعاهدات الدوليةء أو المعاهدات القائمة على نظام الباب المفتوح» اشتركت فيها إتجلترا 
وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة» lands‏ من الدول الكبيرة أو الصغيرة» وأصبح 

من النصوص المألوفة في كل معاهدة تعقّد مع الصين أن كل امتياز تمنحه الصين إحدى 

الدول - aah — ds Lad‏ امتيارًا عامًًا لجميع الدول بغير dale‏ إلى تعميم النص 
باتفاق جديدٍ. ثم جاء ميثاق عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولىء فجعل نظام الباب 
US, > sill‏ من أركان السياسة العالمية» ومبدأً من المبادئ المقررة لحفظ السلام واتقاء 
الحروب» وقررت المادة الثانية والعشرون من الميثاق أن مسألة الوصاية على المستعمرات 
المحكومة Alles‏ دوليةٌ تنظر فيها عصبة ec‏ ويرجع الأمر فيها إلى Gal‏ دائمة من 
لماج القصية تكرت dled gs‏ الدول دواك الوضاية gl‏ الانتوات» gly‏ بوت 
الميثاق - أن حرية الشعوب من جميع الأجناس أصل من أصول الحقوق الإنسانية 
مرهون بموعده القريب» وأن تقرير الاستقلال على درجات لا يُبطل حق الاستقلال ولا 
يُسقط colges‏ بل هو اعترافٌ به لا اختلاف فیه» إلا أن ن يكون من قييل الاختلاف على سن 
الوصاية في معاملة بعض القاصرين. 

وليس عمل المؤرخ هنا أن يبحث عن نصيب هذه المبادئ من إخلاص الدول التي 
تعلنهاء أو سوء نيتها في إعلانها منذ اللحظة الأولى؛ فإن تقرير المبدأ في Malal!‏ القردية 
أو المعاملات الدولية خطوة لا يُستهان بها من الوجهة العملية الواقعيةء Las‏ عن 
الوجهة النظرية أو Ans‏ وقد يكون الناس جميعًا على دخلة سيئة في أمر المبادئ 
الأخلاقية التي يعلنونها Os puny‏ غيرهاء بل ينقضونها بما يعملونه» ويحتالون لإخفاته 
أو يجهرون به غير مكترثين ولا متحرجين» ولكننا مع ذلك لا نستطيع أن نقول إن تقرير 
مبادئ التحريم في الجرائم والمنكرات سواء والسكوت عنها أو الجهر بإباحتها وإعفاء مَن 


ا 


نهاية الاستعمار 


يقترفها من العقوبةء ومبدأ «الباب المفتوح» واحد من هذه المبادئ الهامة التي يقترن بها 
— ولا شك - تاريخ نهاية الاستعمار» ومسارعة الأمم إلى تقريره وتوكيده بعد الحرب 
العالمية الأولى يدل على حقائق كثيرة لا محل فيها للمغالطةء ولا للنفاق ولا لحسن النية 
أو سوئها في التنفيذ؛ GY‏ العبرة Ley‏ تدل عليه من الوقائع المتمثلة في شعور بني الإنسانء 
ومن GET‏ 55 مبدأ الباب المفتوح في الميثاق. 

والوقائع التي يدل عليها إثبات المبدأ في ميثاق عصبة الأمم أن العالّم خرج من 
الحرب Sb‏ متقق عليه عن خطر الاحتكار على السلام» وأن الأمم لا أمان لها من حروب 
أخرى إذا بقى الاحتكار على علّاته غير مستنكر وغير محدود» ولا يكون هذا الشعور 
العالمي إلا Sas‏ على مرحلة جديدة في تاريخ الاستعمارء يتبعها لا محالة عمل جديد 
ظاهر الأثر في خطط الحاكمين وحقوق المحكومين. 


ضرائب الهجرة وضرباتها 

ومما قيل عن الباب المفتوح: إنه سهم أصاب الاستعمار من يده؛ لأن المستعمرين اضطروا 
إلى فتح الباب إجابةٌ لمطالب المستعمرين» ولكن الاستعمار قد Sul‏ من يده بأكثر من 
سهم als‏ ومن هذه السهام ما هو أقرب مرمى وأشد إصماءً من مصاب الاستعمار 
بسهم التنافس بين شركاته المتفرقين من شتى الدول والحكومات؛ إذ كانت بعض هذه 
الدول Glad‏ بأيدي أبنائها وروادها المهاجرين إلى الأطراف النائية Bay‏ عن الذهبء أو 
Gas‏ عن الأرض الصالحة للمقام» ولم يسجل تاريخ الاستعمار في خطواته الأولى ضربة 
أصابته في صميمهء كالضرية التى جاءته من المستعمرات البريطانية والإسبانية في SL‏ 
العالم الجديدء فإن الثورة التى قضت على الاستعمار البريطاني في أمريكا الشماليةء 
إنما كان قوامها أناسًا من الإنجليز يعاونهم مواطنون لهم من الهولنديين والجرمانء 
وسائر المهاجرين إلى الشمال من الأوروبيين» وكذلك كانت ثورات الجنوب التي انتهت 
باستقلال الحكومات المختلفة في القارة الجنويية عن إسبانيا صاحبة السيادة عليهاء فقد 
كان قوامها من المهاجرين الإسبان والبرتغاليين وأبنائهم المولدين» ولو كان الاستعمار 
نظامًا قابلًا للدوام لما قضى عليه أبناؤه بأيديهم قبل انقضاء جيلين من تاريخ الهجرة 
إلى البلاد المستعمرة. وهكذا يأبى الاستعمار المشاركة في المنفعةء ولو كان المشتركون 
فيها من جنس واحدٍ أو من del‏ واحدةء فلما اختلف المستعمرون المقيمون في أوطانهم 
والمستعمرون المهاجرون إلى الأقطار النائيةء وجب أن يذهب أحد الفريقين فذهب البعيد 


1۰۱ 


لا شيوعية ولا استعمار 


من الغنيمة» وبقي القريب منهاء وثبت مرة أخرى أن الاحتكار قوام الاستعمار» يعيش 
الاستعمار ما عاش الاحتكار» ويموت بموته في كل جوار. 

وأقرب من هذا المرمى إلى Moses] ches‏ شيعه النافذ الذي أصيب به في منبته 
وبين ذويه وأوليائه؛ فالمهاجرون إلى القارتين الأمريكيتين asd‏ منفصلون عن مقامهم 
الأول منقطعون die‏ في مقام sun‏ جعلوه لهم وطنًا جديدًا Shay‏ من الوطن العتيق» 
ولكن المستعمرين - بعد قرن daly‏ من الزمان — منوا بالمعارضين لهم بين ظهرانيهم 
مقيمين معهم في عُقر دارهم» مشاركين لهم في ولاية الحكم» أو في الخضوع له حينًا بعد 
حين» ونعني بهؤلاء جميع الطوائف التي كانت محرومة من الحقوق النيابية» ثم حصلت 
غليها شيا Bats‏ من أواشط القرن الثاني phe‏ إل أواسط القزن العشرين: 

كانت أزمة الحكومات في Nee‏ الكشفية محصورة بين أيدي المحتكرين 
للبقاع والضياع» ومعهم بعض ال محتكرين للغلات والثمرات التي SE‏ من تلك البقاع 
أو من تلك الضياع» ثم نشأت حركة التجارة العالمية ونشأت على آثارها حركة الصناعة 
taa ds ee‏ 
قبل إلا في عداد المحكومين الخاضعين لولاة الأمر بغير مشورة» وبغير صوتٍ مسموع 
في حالتي الرضى والسخطء أو حالتي الموافقة والاعتراض. فلما تكاثر مع الزمن عدد 
المشتركين في الحكم أصيب الاستعمار من مقتله القديم» أو أصيب - بعبارة أخرى — 
SURG ui ee Niele da‏ 

ذلك آم sico‏ فة تقاف وأتشات col pas‏ المعامل ¿yl tias‏ 
في خدمتهاء وكان أصحاب المعامل وعمَّالها سواء في مبدأ الأمر في طلب حصتهم من 
السلطة الحكومية؛ ثم GA‏ هؤلاء وهؤلاءء فأصبحت كل زيادة في حصة العمّال Las‏ 
في حصة أصحاب المعامل والأعمالء وانتشر الأمر على الاحتكار لازدياد حصص المطالبين 
بالمشاركة فيه» ولكنه بقي Us‏ في بلاده وهو قادر على إرضاء هؤلاء المطالبينء كما بقي 
هؤلاء المطالبون o‏ وهم راضون باليسيرء أو قانعون lo‏ أصابوه كارهون. 

كان «إنجلز» يقول إن العمال في إنجلترا flee‏ بالنسبة إلى أصحاب الأموال في بلادهم» 
ولكنهم «برجوازيون» بالنسبة إلى شعوب المستعمرات التي تملكها الدولة البريطانية؛ 
لأنهم يظفرون بالأجور العالية على حساب الأيدي العاملة بالأجور القليلة من أبناء 
الشعوب المحكومة. 


نهاية الاستعمار 


Lays‏ صح كلام «إنجلز» في ediles‏ إذا نظرنا إلى السياسة الاستعمارية ll‏ صمد 
عليها العمال الإنجليز بعد حصولهم على حقوق الانتخاب» ووصولهم إلى دستور الوزارةء 
ولكن الواقع أن اشتراك الكثيرين في حقوق الانتخاب قد أصاب الاستعمار بالجرح القاتل 
الذي استطاع cos las]‏ والصبر عليه في al‏ السلم إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى» ولكن 
الجريح وطأة المجهود العنيف في الحرب العالمية الأولى إلا بشق النفسء والمجازفة بالبقية 
الباقية من الرمق all‏ فلما أعقبتها الحرب العالمية التالية بلغ الجهد مبلغه الذي لا 
¿gua‏ فيه المغالطة والتسويفء وانكشفت Julio‏ الحرب عن استعمار جريح منزوف 
الجراح. 
وقد حافظ المحتكرون على غنائم الاستعمار يوم كانوا يحتكرونها وينفردون بجميع 
مواردهاء ثم حافظوا عليها Ags‏ بقيت منها بقية مرموقة تساوي clic‏ المدافعة عنهاء ثم 
حافظوا على الاستعمار بعد نفاذ غنائمه Lis‏ من الزمن؛ لأن شهوة الاستعمار في أواخر 
عهده قد استحالت من الوجاهة النافعة إلى الوجاهة الفخرية Glas‏ مع التقاليد المأثورة 
والسمعة dig gh!‏ ولكنهم لم يستطيعوا أن يحافظوا على استعمارهم بعد أن لصقت به 
شبهة الحروب ووصمة النفاق» وزالت منه حتى الوجاهة الفخرية بلا طائلٍ ولا عومض 
لا أمان. 
و )8 


أسباب دينية 
وهناك أسباب يصح أن Aus‏ بالأسباب الدينية» لا Jag‏ صدد الكلام على العقبات 
التي واجهت GS jas stata‏ ريق سيره أى 
إضعاف قبضته على ضحاياه» وتتلخص هذه الأسباب الدينية في ارتباط سياسة أورويا 
الغربية بسياسة الكنيسة في عصر من أحرج عصورهاء وأشدها اشتباكًا بأزمات الخصومة 
degli‏ ومحاولة الثبات في وجه التيارات العصرية التي كانت تجري في غير مجراهاء 
ويكفي BLAU‏ عن قوة هذه الأسباب أن الانشقاق بين الهيئات الدينية والهيئات السياسية, 
وكان فوق ذاك pas‏ النهضة الذي تضاربت فيه تيارات Sal‏ والمصالح الاجتماعية في 
كل اتجاه. 

وقد كانت إسبانيا والبرتغال من الدول التي ارتبطت سياستها بالكنيسة كل 
الارتباط» وتليهما فرنسا في أحوال كثيرة غير الأحوال التي يتغلب فيها دعاة الثورة 


1۰۳ 


لا شيوعية ولا استعمار 


والانفصال» وكانت الصبغة الدينية غالبة على سياسة الحكومات في أورويا الغربية» Bs‏ 
شبه جزيرة الأندلس على الخصوص؛ لاشتباكها زمنًا طويلًا بالحروب المتوالية بينها 
وبين مسلمي الأندلس والمغرب الأقصىء واستمرار هذا الاشتباك بعد رحلات الكشف حول 
القارة الأفريقية, حيث كان الرالون والكشافون يصطدمون بالعرب حول القارة LB pb‏ 
Gods‏ إلى سواحل الهند الشرقيةء وقد ans‏ أن أميرًا هنديًا سأله «فاسكو دي جاما» Lac‏ 
ينشده برحلته إلى pill‏ 3¿ فقال: «أبازير ومسحيين». وتقدَّمَ أن UN‏ كانوا يسجلون 
حقوق الكشف في سجلات الكنيسة لتخويلهم حق الفتح» وحق الدعوة باسمها إلى الدين. 
وحدث في الأقطار الأمريكية التى ارتادها الفرنسيون أن القساوسة كانوا يحرمون على 
مخالفي الكنيسة دخول تلك olla‏ ويخرجونهم منها إذا دخلوها بغير إذن من المراجع 
الدينية» ويرى بعض المؤرخين أن is‏ الاستعمار الفرنسي في العالّم الجديد يعود إلى هذا 
bel‏ الذي أبعد من ميدان التعمير والتوطين نخبةٌ من ذوي الآراء المستقلة والأمزجة 
القوية التي تشتد بين أصحابها de‏ التطلّع إلى التجديد. 

ومهما يكن من صواب هؤلاء المؤرخينء فالأمر المتفق عليه بين المؤرخين أن إسبانيا 
والبرتغال — وتليهما فرنسا — كانت Jal‏ الدول نجاحًا في تجارب الاستعمار» وهذه هي 
الدول التي بدأت تجاربها وهي مرتبطة بسياسة روما في أحرج أوقاتها وأثقلها بالأعباء 
Ne Nes‏ 


النهضات الوطنية 
والمصاب الأخير الذي ¿el‏ به الاستعمار إنما جاءه من فرائسه وضحاياهء أو من حيث 
المترقبين والمتوقعين. 

lin;‏ المصاب على تأخيره في الزمن لم يكن أخيرًا في قوته» ولا في خطره 9 مرماه 
وسعة أثره؛ CA‏ رفض الاستعمار من ile‏ فرائسه وضحاياه خليق أن يضارع جميع 
القوى الخارجيةء التى تحتمله أو تجاريه وتحيطه بالمساعدة والتمكين. 

ولم تتأخر مقاومة الاستعمار من جانب المصابين به؛ لأنهم رفضوه بعد قبول أو 
أنكروه بعد ey‏ فإن كراهة الحكم الأجنبى طبيعة في النفوس لا تحتاج إلى palas‏ ولا إلى 
تنبيه» وما من إنسان يحس أن lil‏ يحكمه إلا أحس مع هذا الاحساس البغيض بهوان 
في نفسه» ونخوة تستثيره إلى الغضب والمقاومةء فلا يسلس قياده للحاكم الدخيل ‚ale‏ 


6١ 


نهاية الاستعمار 


إلا أن الاستعمار لم يغلب فرائسه وضحاياه بالخوف وحده في lire‏ أمره» ولم يُخضعهم 
بقوة الجيوش والأساطيل دون غيرها بعد الصدمة الأولى» التي فوجكوا بها على حين غرة 
أو على غير plo‏ منهم بمواطن ضعفهم وهزیمتهم» ومواطن قوته وانتصاره» وما حدث 
is SE E a lll‏ 
الماديةء أو رهبة السلاح دون سواهاء وإنما يُخضعهم ويطيل خضوعهم له أن يروّعهم 
بشيءِ من الإعجاب يملأهم ثقة بامتيازه ورجحانهء ويزعزع ثقتهم بأنفسهم بين يديهء 
وكأنهم بذلك يعترفون له بالحث الذي يدّعيهء وينكرون على أنفسهم Gall‏ في مقاومته 
وتحديه» وهذا هو السلاح الأكبر الذي يصيب الضحية بمثل الشلل النفسانيء فلا تقدر 
على الحراك حتى تفيق من غشية ذلك الإعجاب. ۰ 

وهكذا حدث بين المستعمرين وضحاياهم بعد صدمة الاستعمار الأولى؛ فإن هؤلاء 
الضحايا SL‏ من نفوسهم شعورٌ مخيفٌ برجحان المستعمرين عليهم في العلم والنظام» 
والقدرة على تصضريف الأمور وتذليل العقيات dla‏ الأخطاء. حتى. LE‏ إليهم أن 
الخضوع لهم ضربة لازب» وأن التمرد عليهم Spd‏ من المحال. 

وكانت غاشية لا حيلة فيها بعد الصدمة ¿LN‏ ولكنها لم تلبث Sash‏ حتى أخذت 
كتقشع من EASY, ellas Lis‏ عن الحقيقة: tes LK‏ للمغلويين مزان ,القؤة 
فيهم ومَّواطن الضعف في الغالبين» ووضح بعد قليل أن الزمن مع المغلوبين» وأن العاقبة 
لهم بعد حينء وزاد في تمكين هذه الثقة من نفوس ضحايا الاستعمار أنها جاءت على 
مهل فترة بعد فترة» ودرسًا بعد درسء ومحاولةٌ بعد محاولةء ونجاحًا بعد نجاح» فكانت 
gill lists‏ رتفم Lik doled fo‏ يعد Jas Yy dich‏ خليقة are‏ إل فكانها فل أن 
satus‏ دونه طيقة Magie pets lau‏ 

كانت في أورويا نفسها حركات وطنية ظفرت بالاستقلال» فكانت مثالا للقدوة 
ومبعانًا للأمل في قلوب طلاب الحرية من الشرقيين. 

وانتصرت في SL‏ سطوة الاستعمار دولة اليابان الشرقية على دولة من أكبر دول 
الغرب وأضخمها اسمًا بين الشرقيين المصابين بالاستعمار على الخصوصء وتلك هي 
دولة الروس القيصرية التي كانت تمل Gl‏ والطغيان على كل Uys‏ مستقلة في الشرقء 
من قركيا إل Shak‏ إلى الصين إل اليابان. 

ونشبت الحرب العالمية الأولى» فكانت كأنها المعركة في بيت الأرباب خرجت منها 
الأصنام المرهوبة حطامًا فوق حطام» وجاءت هذه الأصنام في خلالها تطلب النجدة من 


\.o 


لا شيوعية ولا استعمار 


عبادهاء وتقضي على البقية الباقية من شعائر عبادتهاء فظفرت بالنجدة وضيّعت معالم 
الربوبية» وخرج المنتصرون منها olas‏ الشروط على المنهزمين» ويتلقون الشروط من 
رعاياهم المشاركين لهم في بلائهم وانتصارهم المطالبين لهم بحصتهم, Los Flag‏ كالوا لهم 
abl‏ الحرب من وعودٍ وما أبرموه من عهودٍ. 

وظل المستعمرون بعد الحرب الأولى في حالة تتيح لهم أن يراوغوا في إنجاز وعودهم 
وعهودهم» أو يعجُّلوا الوفاء بها في كثير من التمويه والتزييف» إلى أن كانت الحرب 
العالمية الثانية Hy‏ تندمل جراح Ul‏ فبلغ المطال بين الغريم والمدين غاية مداه؛ فلا 
مناص من إحدى اثنتين: سداد أو إفلاس. 

هذا كله وضحايا الاستعمار يتيقظون ويتقدمون ويضيفون دراية التعلم إلى دراية 
الخبرة من مراس الحوادثء ومعاملة الأمم» والاطلاع على حقائق الأحوال في بلاد الأقوياء 
والضعفاء على السواءء وأنفع ما تعلموه في هذه الآونة أنهم عرفوا مبلغ قدرتهم على 
المقاومة والمطالبة» وعرفوا أنها قدرة لا يستخف بها القوي ولا de‏ على اطمئنان إلى ما 
في يديه من غتاقم الاستعمان وأسلايه: ولعلها لا تحرمه الغنيمة والسلب كل الحرمان» de‏ 
لعلها غير مطلوب منها أن تجشمه كل ذلك الحرمانء فإنها إذا جعلت خسارته أكبر من 
ربحه» وجعلت قلقه واضطرابه أرجح من أمنه واطمتنانه؛ كان ذلك حسبها من نجاح 
وحسبه من خذلان. َ 

Gl,‏ التقدم في المعرفة ass‏ في العمل والصناعةء فنشأت بين الأمم المحكومة أعمال 
ناخ وها اها els‏ متقدمة la‏ اغفا وها ويد وها Leia Lula‏ 
ولعل المزاحمة هنا أيضًا لم تبلغ بالصناعة الوطنية أن ترجح على صناعة المستعمرين 
بعد طوال العهد بإتقان العمل وخسن الإدارةء وانتشار النفوذ اللازم للتصريف ces Aly‏ 
ولكن الصناعة الوطنية لا يُطلّب منها أن تبلغ هذا المبلغ في ميدان المزاحمة العالميةء وإنما 
„lbs‏ منها أن تجعل المزاحمة Las‏ كثيرَ الأعباء قليلَ الجدوىء تزيد أعباؤه في تكاليف 
الاستعمار وأخطاره» وتقلّل من جدواه وضمان عقباه .. 

ظاهرة طبيعية صغيرة تقرّب إلينا صورة هذه الظاهرة المتشعبة في أطوار الإنسانيةء 
وإن كانت لا تماثلها في جميع خصائصها: إن الضغط الجوي يهشم القدح الصغير إذا 
خلا هذا القدح Ge‏ الهواء» ¿Sly‏ هذا القدح الصغير لا يحتاج إلى مقدار من الهواء 
كالقدان الذي d Gide‏ أحواء die gia oli‏ طبعطها اساي بل يكنية ملؤة ¿ya‏ 
هواء ليحمي نفسه من Gaull‏ ولو كان من زجاج أو Gs‏ هزيل. 


VA 


نهاية الاستعمار 


فما هو إلا أن امتلأت acl‏ الأوطان المستعمرة بقوتها الوطنية» حتى تسنى لها 
أن تصمد في المقاومةء وتأمن السحق والفناء في ار > وسرت عدوى المقاومة إلى 
الأوطان التي Pa ila Bevel‏ المحكومة التي sd‏ في مضمار العلم والحضارةء 
فنهضت للمطالبة بالحقوق شعوبٌ لم تكن لتجسر على رفع الصوت لولا صدى الأصوات 
التي Id‏ من Gian}‏ ق pill‏ وا لصنق وشوهدت ET‏ هذه العدوع الصالحة بين 
الشعوب الآسيوية والشعوب الأفريقية في أوقاتٍ متقاربةء Sig:‏ للمطالبة بالاستقلال 
التام شعوبٌ كانت تقنع بالحكومة الذاتية» وترضى بشكلٍ من أشكالها المحدودة لو لم 
تسبقها زميلاتها وشبيهاتها إلى نصيب أوفى من نصيبهاء وحرية أوسع من حريتها. 

وسرت العدوى بين الطرف A‏ كما سرت بين هذا الطرف المغلوب؛ سرت إلى 
الستسرين فاضطرت أشدهم قسوة التخفيف من قسوته» وجعلت حاكم الشعوب 
المتخلّفة حريصًا على الاقتداء بحاكم الشعوب المتقدمة في أساليب الترضية ela My‏ أو 
في أحابيل التهدئة desl My‏ وفعلت هذه العدوى المحتومة فعلها المشكور في تخفيف 
القيود وتحسين الأحوال. 

هذه النهضات الوطنية كانت ولا ريب أهم العوامل التى ضعضعت قوى الاستعمار 
فيما مضىء ولا تزال تُجهز عليه في دور النزع والاحتضارء فلولا هذه النهضات الوطنية 
لما كانت سائر العوامل العالمية كافية لإخراج المستعمرين من مستعمراتهم في هذه الفترة 
الوجيزة بالقياس إلى أعمار الشعوب» ومهما يكن من كثرة المصاعب حول المستعمرات؛ 
فالحاكم المطمئن إلى داخل مستعمرته خليق أن يصبر على المصاعب ia all‏ وأن 
يطاولها فترة أخرىء موكولا إلى مشيئته بعد ذلك في البقاء أو الخروج. 

فالنهضات الوطنية - وإن لم تكن هى العامل الوحيد الذي قضى على الاستعمار 
— قد كانت هي العامل الوحيد الذي لا غنى dic‏ في النهاية للقضاء عليه. 

e راكع‎ srl العاف أقوئ‎ ag II دن‎ cual قد‎ sg هدم‎ ol Y) 
وسواء جاءت هذه الظروف العالمية مقصودة أو غير مقصودةء فهي ولا ريب قد وُجِدّت‎ 
a ند كا‎ eee في أوانها وحققت فوائدها‎ 

كان من دواعي القضاء على الاستعمار أن العلاقات العالمية قد أخذت في الاتساع 
والاشتباك» قبل أن يستقر الاستعمار على قرار وطيدٍ. 

وكان اشتباك العلاقات العالمية أول أسباب النزاع بين المستعمرين الأقوياءء فكان 
هذا الاشتباك — من AS‏ — أول مسالك «الباب المفتوح»» وأشد ob pall‏ التى أصابت 
Si‏ ق فقت من j slag u‏ 


لا شيوعية ولا استعمار 


ولم JS‏ العلاقات العالمية تشتبك بين الأقطار المتباعدة بمواصلات zul‏ والبحر 
والهواء» ولم J%‏ مع هذا تشتبك بمعاملات التجارة والصناعة» ومطالب التصدير 
والتوريد» ولم تزل مع هذا وذاك تشتبك بالأخبار المسموعة والمقروءة التي تملاً الكرة 
الأرضية في صباحها قبل أن يهبط عليها المساءء أو في مسائها قبل أن يُشرق عليها 
الصباح» فأصبحت كل بقعة من بقاع الأرض LSE‏ في جهاز واحدٍ من بنية واحدة 
تضطرب في أقصى العالم هنا فيضطرب لها أقصاه من هناك» وأصبحت كل أمة تسكن 
في بقعة من تلك البقاع Gis‏ محسوسًا pale‏ الأثر في السياسة العالميةء Y‏ يتجاهله 
الأقوياء ولا يخرجونه من الحسابء بل ربما أخرجوا من حسابهم أمثالهم الأقوياء؛ لأنهم 
فرغوا من أمرهم واستعدوا لهم بعدتهم» وتربصوا بهم إلى حتفهم فلا حيلة فيهم ولا 
علاقة بينهم غير العداء السافر أو العداء المستور. أما الأمم الضعيفة فلا غنى لهم عن 
إرضائها على وجه من الوجوه. وليس في وسعهم أن يحتاطوا لها أو يأمنوا أذاها في 
أحرج المواقف وأعنف الأوقات» وماذا يمنع الأمة الضعيفة Vie‏ أن تعرقل مواصلاتها 
أيامًا يتوقف ble‏ مجرى القتال في أكبر الميادين؟ وماذا يمنعها أن تعرقل سيل البترول 
من ينبوعه إلى مصبه القريب أو البعيد؟ وماذا يمنعها أن تعرقل التموين باحتجاز ما 
عندهاء أو احتجاز المؤنة العابرة في أرضها؟ 

كل هذا وأشباهه سهل على الأمم الضعيفة في ¿a GG!‏ وكله مما يخشاه الأقوياء 
ولا سبيل لهم إلى إتقانه إلا باستعمار العالم بأسره وهم لا يتفقون edule‏ أو باسترضاء 
الضعفاء وهذا الذي اضطرتهم الحوادث إليه. 

بل قد اضطرتهم الحوادث كارهين في مآزق الحرب العالمية إلى إمداد الأمم المغلوبة 
بالسلاح لمقاومة أعدائهم وأعدائها من المستعمرين الآخُرين» فسلم اليابانيون أسلحتهم 
للوطنيين في إندونيسيا حين حاقت بهم الهزيمةء فكانت هذه الأسلحة عونًا UN Usa‏ 
البلاد في مناضلة الهولنديين» ما كانوا ليظفروا به طواعية من طغاة اليابان ولا من طغاة 
أوروياء لولا هذا المأزق الذي لا حيلة لهم فيه ... 


وعلينا أن نذكر هذه Spall‏ — عبرة العوامل المشتركة — عند البحث في أطوار التاريخ 
العظمىء التى تشمل بآثارها Lack‏ كثيرة ولا تنحصر ف Lol‏ واحدة. 

فالنهضات الوطنية» ونهاية الاحتكار» واشتباك العلاقات العالميةء كلها أطوار 
متساوقة متقارية في أوقاتها وآثارهاء Y‏ يعمل منها عامل daly‏ بغير مساندة من العوامل 


۰۸ 


نهاية الاستعمار 


المصاحبة له في أوانهء ولا يتأتى أن تنفصل وتتفرق في مواقيتها؛ لأنها بطبيعتها تنبع من 
USS jules‏ ولا تجري في مجرى aly‏ 

على أن الاستعمار أنواع شتى» تختلف مصائره باختلاف أنواعه واختلاف أطوار 
الحوادث في كل نوع منها. 

وأشهر أنواع الاستعمار هي الاستعمار الاقتصادي» واستعمار التوطنء واستعمار 
الموقع أو الاستحكامات de Sal‏ وقد كان للأطوار العالمية أثر في كل نوع من هذه 
الأنواع غير الأثر الذي تعرّض له النوع oly GAS‏ كانت كلها تتجه إلى الإدبارء وتشعر 
كل يوم بمشقة جديدة في سبيل الاحتيال على البقاء بين التيارات المتعارضة. 

a‏ الاستعمار الاقتصادي كبير التكاليف بين المزاحمة من جهة والمقاومة من 
جهة أخرىء فانهدم من أساسه بكثرة تكاليفه؛ لأنه لا يكون استعمارًا اقتصاديًا إذا لم 
يكن يسير التكاليف موافقًا لأول مبادئ الاقتصاد. 

أصبح هذا الاستعمار الاقتصادي خسارة dns zo‏ أو ربحًا يسهل الاستغناء dic‏ 
عند النظر إلى نفقاته وأعبائه» ومنها نفقات الحراسة والمقاومة والاستعداد الدائم لمطالب 
الدفاع أو مطالب الهجوم: al tala‏ إلى هذه الأعباء أن الدولة التى تستأثر بحكم 
BEES Spatial‏ راسو gal‏ ول digitale‏ اسه REN‏ عل تسو I‏ 
لدواعي السياسة العالمية؛ فهي في الواقع لا تستأثر بشيء غير متاعب الحكم ونفقاتهء وما 
بقى للدولة الحاكمة بعد هذه المتاعب ذهبت به منافسة الصناعة الوطنيةء وارتفاع أجور 
الأيدي العاملة فيها dade‏ بعد حقبةء فلا اختيار لهذه الدولة بعد الموازنة بين الصفقتين 
غير الجلاء والتراجع بسلام. 

al;‏ من استعمار التوطن أصعب من ذلك كثيرًا في جميع الأحوال» es‏ جميع 
الفروضء GI‏ كانت نتيجة الموازنة بين الصفقتين من خسارة dag pe‏ أو من ربح a‏ 
محفوف بالأخطار ... 

فإذا كان في البلد المحكوم مليون من المستعمرين الأجانب» يملكون فيه الأرض 
والمرافق» ويزرعون فيه ويتجرون» فليست المشكلة هنا مشكلة ربح أو خسارةء ولا هي 
مشكلة ربح بثمن بخس أو ربح بثمن SE‏ ولكنها مشكلة الجلاء الذي يقتلع المستعمرين 
من جذورهم» أو البقاء الذي يدغمهم في سواد الأمة المحكومة على طول الزمن طائعين 
أو كارهين. 

ولكن ما هي النهاية على أية حال؟ إذا كان جلاء المليون عسيراء فأعسر منه فناء 
عشرات الملايين» وبخاصة حين يكون الزمن إلى جانب هؤلاء الملايين» ومعه الظروف 


۱۰۹ 


لا شيوعية ولا استعمار 


العالمية وظروف السياسة الداخلية في البلد المسيطر على المستعمّرة؛ فلا نهاية لهذا 
النضال غير التسليم بحقيقة الحال» وحقيقة الحال أن الأجنبى المستعمر مغلوب على 
الحالين في الحل (JL ly‏ كيفما كان JU‏ 

Lol‏ استعمار الموقع» أو الاستحكامات العسكريةء فلا فائدة فيه للدولة القوية إلا إذا 
توافرت له شروطه الضرورية» وأهم هذه الشروط أن تشعر الأمة الضعيفة باشتراكها في 
الخطر الذي يدعو إلى استخدام ذلك الموقع عند وقوع الحربء أو قبل وقوعها في أيام 
السلام» فإذا كانت الأمة الضعيفة لا تشعر بخطر يهددهاء فالدولة القوية التي تحتل 
مواقعها على الرغم منها تحارب عدوين بدلا من عدو واحدء وليس هذا من الحيطة التي 
يطمئن إليها المستعمرونء ولا سيما الحيطة في ¿Él‏ القتال. 

ومن الشروط الضرورية لاستعمار الموقع أن يوافق المصالّح الاقتصادية لكلا 
الطرفين» oly‏ يقترن - مع تبادل المصلحة - بتبادل الرضى والاحترام» وألا يكون 
استخدام الموقع افتيانًا على حرية الأمة التي تملكه وتملك Gall‏ في الإذن باستخدامه عند 
لزومه» وإلا تساوى عندها الطرفان: pá‏ يستولي على الموقع احتياطًا قبل القتال» ومن 
يستولي عليه اغتصايًا بعد الفراغ من القتال. 

ومن الشروط الضرورية لاستعمار الموقع في عصر العلاقات العالمية أن تكون له 
صبغة عالمية dS As‏ ولا تكون المصلحة فيه مقصورة على دولة واحدة» وبهذه الصفة 
يمتنع فيه التحكم والاضطرارء ويجري العمل فيه على GL‏ الوساطة والتحكيم بين 
الشركاء LS‏ يجري بين الأنداد el Billy‏ ولا تزيد فيه حقوق أحدٍ بمقدار ما تزيد 
الفروض والواجبات باتفاق معروفٍ بين الجميع. 


وصفوة القول في مصير الاستعمار أن العالم يشهد في العصر الحاضر نهاية الاستعمار 
بجميع أنواعه» وأنه منته إلى الزوال لا محالة كلما ظهر للأقوياء والضعفاء أن إثمه أكبر 


من نفعه» وأن علاقة التفاهم والاختيار أسلم للأقوياء من علاقة الإرهاب والاغتصاب .. 


النموذج الجديد 


الولايات المتحدة الأمريكية هي النموذج الجديد للدولة العالمية منذ الربع الثاني للقرن 
العشرين. 

وهى أقوى دول الأرض وأغناها وأكثرها اشتباكًا بالمصالح والعلاقات في أنحاء 
العالمين القديم والحدية. 

هذه هي الدولة التي كان الساسة فيها يتناقشون إلى ما بعد قيام عصبة الأمم في 
إمكان العزلةء أو إمكان المضي على تطبيق مذهب «مونرى» بشقيهء فلا يد للأوروبيين في 
قضايا أمريكاء ولا يد لأمريكا في قضايا الأوروبيين. 

وينقضي جيل - أو دون الجيل - وإذا بهذه العزلة ممكنة — إن أمكنت - في 
كل دولة إلا في دولة الولايات المتحدة. 

ولا حجة أقوى من هذه الحجة على سلطان القضاء الإلهي في شئون الدول وشئون 
بني الإنسان على التعميم. ۰ 

- وهذا النموذج الجديد يأتي بدور سياسيٌ مفروض على الدولة التي ai‏ كما هو 

مفروض على الدول التى اھا BE PEA Bei‏ بريه هذا السياسى؟ 
bh 5)‏ يعدن :ذلك ال ام مسق EN‏ :عليه أن مسال ea‏ هذا ty Ub‏ 
يستطيع إن أراد؟ وماذا يحدث على غير تقدير إذا حدث هذا الحادث» gf‏ ذلك على حسب 
التقدير؟ 

إن الولايات المتحدة عرفت أدوار الاستعمار جميعًاء وإن صحبت أشواطًا منه في 
منتصف الطريق ولم تصحبها من أوائل الطريق. 

كانت مستعمرة للتوطن والاستغلال والهجرةء وكانت تنازع أبناء أمريكا الأصلاء 
وتأبى أن ينازعها الوافدون الدخلاءء من غير المهاجرين الأولين. 


لا شيوعية ولا استعمار 


وشغلها الخلاص من «الاستعمار الأوروبي» في تاريخها الأول عن الدخول في ميدان 
الاستعمار والمغامرة مع المستعمرين» ثم شغلتها حروب التوحيد والتوطيد عن السياسة 
الخارجية في غير هذه القضيةء ثم شغلها بعد ذلك أن تحمي نفسها من الإغارة الجديدةء 
فشرعت لها pjs Gade‏ على الأوروبيين أن يحتلوا أرضًا من العالّم الجديد» أو يتدخلون 
في مشكلاته بقوة السلاح» وأوشكت أن تجعل «التعامل» das‏ مُحرَّمًا على غيرهاء لولا أن 
التعامل الاقتصادي في تلك الحقبة على الخصوص لم يكن قابلًا للتقييد. 

وبادرت الدولة البريطانية إلى الاعتراف Gade‏ «منرو»» وتأييده في شئون القارة 
الأمريكية؛ لأنها تكسب بذلك حماية البقية الباقية لها في أمريكا الشمالية وأمريكا 
الوسطى» وبعض أطراف الجنوب. 

واستراحت الولايات المتحدة إلى هذا الاعتراف؛ لأنه أعفاها من العناية بحراسة المحيط 
الأطلسيء فتحولت بعنايتها الخارجية جميعًا إلى المحيط الهادئ» أيام أن كان هذا المحيط 
الهادئ «يحرًا Y «La‏ هدوء فيه. 

كانت الدول الأوروبية قد تزاحمت على استعمار الصين» واكتساب الرخص 
والامتيازات في مرافقها الداخلية» وكانت اليابان تتحفز للهجوم على القارة الآسيويةء 
وروسيا من الطرف الآخر تتحفز لتعويض نصيبها من المستعمرات بعد أن حيل بينها 
وبين مضايق البوسفور والدردنيل» ورصدت لها إنجلترا قوتها عند خليج فارس» des‏ 
الطريق الوسطى إلى الحدود الهندية حتى بلاد الأفغان. 

وفي أثناء ذلك كانت الولايات المتحدة تفعل كل ما تستطيعه لتوسيع رقعتها في 
القارة الشريكية: aL‏ والشرة Sil‏ 1 معن SUSI‏ عل التفامد ells‏ 
واشترت «ألاسكا» في سنة VAI‏ من روسياء وحاريت إسبانيا سنة ۱۸۹۸ من ls‏ 
الفتنة في جزيرة «كوبا»» فأسفرت الحرب عن نزع جوام وبورت ريكو وجزر الفلبين من 
الدولة الإسبانيةء وضمها إلى أملاك الولايات المتحدة» ثم استتبع ذلك أن Wall a5‏ جزر 
«هواي» Lab‏ لدعوة المتوطنين من رعاياها. 

فلما cle‏ دور الدولة الجديدة في استعمار آسيا Aa pill‏ لم يكن لها موضع 
بين أمهات الاستعمار السابقات إلى call‏ وكان التنازع على الرخص والامتيازات قد 
أوشك غير مرة أن يجر الغرب كله إلى الحرب في الميادين الآسيوية والميادين الأوروبيةء 
فأصبح استعمار الفتح والاحتلال UL‏ مغلقا في وجه الطامع الجديدء by‏ خطرًا يخشاه 
الطامعون الأقدمون» وقادت الولايات المتحدة حملة «الباب المفتوح» في تقسيم المرافق 


11۲ 


النموذج الجديد 


الصينية؛ فكل رخصة Lol‏ دولة من Ari Youll‏ رخصة dole‏ على التساوي بين 
الدول جميعًاء بغير حاجة إلى ya‏ مكتوب. 

ll,‏ هنا كانت الولايات ual)‏ قد اشتركت ف أدواز الاستعمان عل أنواغها الحديفة 
من الفتح إلى التوطنء إلى الهجرة, إلى صفقات البيع والمقايضة: إلى «الاستعمار الجماعي» 
على برنامج الباب المفتوح. ۰ 

لكنها تخرج الآن من الحرب العالمية الثانية بنموذج جديدٍ لا تقوى على منافستها 
alba gal Ge Age a‏ كن Alu JS‏ النان افج colla! gis)‏ الها في 
محاولات النفوذ العالمية؛ لأنها أشبه بالسباق المفتوح أمام الخيل جميعًاء وعلى رأسها 
ola alga!‏ ف gran‏ الود 

فهي اليوم تحتاج إلى SH GS‏ عن احتكار المستعمرات؛ لأنها تكسب ولا تخسر 
بالكف عن الاحتكار» وليس مما يطيب لها — daly‏ — أن ينعم غيرها باحتكار سوق 
من الأسواق» وتتلقى هي النتائج التي يؤدي إليها الاحتكار والتنازع عليه» ومن هذه 
النتائج حرب عالمية لا تملك العزلة فيها LS‏ كانت تملكها إلى age‏ غير بعيد. 

وقد يحتاج صاحب الحانوت إلى احتكار سوق من الأسواق إذا كانت له بضاعة 
فيها ينافسها النظراء» ويقدرون على ترويجها بسعر أرخص من سعره ووسيلة أيسر 
من وسيلته» ولكن هذا الاحتكار أبغض ما يكون إلى التاجر الذي يعرف ثروته» ويعرف 
قدرته» ويعرف أن إطلاق الأسواق جميعًا يكاد أن ينتهي إلى احتكارها له على اضطرار 
من البائع والشاري في نهاية المطاف. 


ومن لغو الفضول أن CLES‏ الوقت في إثبات الغرض لكل دولة تعمل في سياسة العالم 
باسم المصطلح العالميةء أو باسم المصالح الإنسانيةء أو باسم المصلحة القوميةء سافرة 
ظاهرة بغير تورية ولا تزويق؛ فإن عمل الدولة لغرض من الأغراض حقيقة مفروغ 
منها لا تحتاج إلى إضاعة الوقت في الجدل بين الإثبات ly‏ وبعد ألفى سنة من 
الآن قد توجد دولة كبيرة - إن بقى المجال للدول الكبار في ذلك الزمن - فيوجد معها 
لا محالة غرض تسعى all‏ وتقدمه على أغراض تناقضه وتدابره» ويقول القائلون ما 
شاءوا عن خدمة الإنسانية أو خدمة alla‏ فهذا لا يمنع أن يكون للدولة أسلوبٌ في 
الخدمة يخالف أساليب غيرهاء Sly‏ يكون غرضها من السطو والثروة هو الغرض El‏ 
على سائر الأغراض في زمانها ... 


11۳ 


لا شيوعية ولا استعمار 


أما النموذج الأمريكي من الدولة العالمية» فالذي 8 من دوافعه التي يقصدهاء 
ومن الدوافع التي ينساق إليهاء أنه يرمي في سياسته الخارجية والداخلية إلى أغراض 
منوعة أهملها الأغراض الثلاثة التالية: 
فالغرض الأول: هو كشف النفوذ في السياسة العالمية» والانتفاع في سبيل ذلك JS‏ ما 
لديه من الوسائل الاقتصادية والأدبية. 


والغرض الثاني: إحباط الدعوة الشيوعية وضرب الحصار عليها للرجوع بها إلى أضيق 
حدودها. 
والغرض الثالث: تخيف الضغط الداخلي الذي يتجدد على الدوام من فرط التضخم ال مالي 
في الأسواق الأمريكية» فإن إرسال التبرعات والمعونات إلى الخارج مصرف ضروري 
للأموال المتجمعة في بلاد الولايات المتحدة» وكل زيادة في هذه الأموال داخل البلادء فهى 
Fall Balas‏ وراد ةة les‏ الكحون و كم وق GAN hola) EAN‏ تخ 
١ ala‏ 
Gilly‏ يعني أبناء الأمم العالمية من هذه الأغراض الثلاثة هو الغرض الذي يرمي 
إلى تغليب النفوذ الأمريكي على سياسة العالم؛ فإن حماية النفس توجب على أمم العالم 
أن تحول بين هذا النفوذء وبين الطغيان على حرياتها وحقوقها وشعائر استقلالهاء ¿ly‏ 
gas‏ النفوذ الأمريكي إلى مصلحة عالمية بدلا من تحويل المصلحة العالمية إلى نفوذ غالب 
ASIS‏ 
ولقد وجدت في الكرة الأرضية وسائل المقاومة لهذا النفوذ يوم وجدت له وسائل 
الغلبةء واستطاعت دولة واحدة أن تجمع من السلطان ما لم يجتمع لدولٍ BES‏ مما 
يوشك أن يجعل السلطان ن¿ حكرًا لها في العصر الذي ينقضي فيه حكر الاستعمار. 
ووسائل المقاومة في هذا الميدان منوّعة غير مطّردة في كل قضيةء ولكنها تئو 
القضايا جميعًا إلى هذه الوسائل الثلاث. 
و«أولها» الاستقلال القوميء فإنه في هذا الزمن الحديث قوة يعترف بها الواقع قبل 
أن تعترف بها النصوص والمواثيق ; 
والوسيلة الثانية هي التعاون بين الشعوب التي تصبح بالتعاون قوة عالمية تثبت 
JS pled Ils‏ دولة elle‏ يكؤن لها من القوة Ba silly‏ قوق ¿Asis Lo‏ لدولة واحدة: 


لا 


النموذج الجديد 


والوسيلة الثالثة هي الانتفاع بظروف الدول القوية في حالتي الاتفاق والافتراق» أو 
هي الانتفاع بالأوضاع العالمية الحديثة التي جعلت كل del‏ صغيرة قادرة على عمل نافع 
أو ضارٌء يحسب الأقوياء حسابه كظرف من الظروف. 1 

ويحاول بعض الساسة أن يلقي في روع الأمم أن «الحيدة» في سياسة العصر 
العالمية مستحيلةء أو ممكنة بالثمن الذي يجعلها في حكم المستحيل. 

والحيدة في رأينا مستحيلة بين الشيوعية والديمقراطية. 

ولكنها غير مستحيلة بين الدول والحكومات في قضايا العالّم متفرقات. 

فليس كل ما تعمله أمريكا ديمقراطية» وليس كل ما تعمله روسيا شيوعية» وليست 
كل قضيةٍ من القضايا مقطع الفصل بين العقيدتين. 

وينبغي أن تكون الحيدة بصيرة على كل le‏ فإن الحيدة العمياء كالتشيع الأعمى 
lese dida‏ 


وننتهي إلى الوضع الصحيح لكل Uys‏ عالمية منذ منتصف هذا القرن إلى أن تتبدل 
الأحوال على نم جديدٍ غير نمطها الأخير. 

إن المسألة كلها لتعزى اليوم إلى مسألة نفوذ بوسائله. ومسألة مقاومة بوسائلها 
التى تجدي في كل UL‏ من حالاته. 

ومتى وضعت القضية في موضعها هذاء فليس في الأمر فلسفة مبادئ» ولا برامج 
ges‏ ولا رأي يقبله هذا ويرفضه ذاك. 

GL‏ كانت الفلسفة أو كان البرنامج أو الرأي» فالذي عنده النفوذ يفعل به ما هو 
قادر «ale‏ والذي يحذر ذلك النفوذ يفعل كل ما هو قادر عليه لدفعه واتقاء ضرره. 

ويشاء حظ العالم أن تكون وسائل النفوذ العالمى مقرونة بوسائل المقاومة العالمية, 
o ae,‏ ونس و تحصن Ms‏ 
جميعًاء إن هي إلا أسماء. 


وبعد 


وبعدٌء فقد مرت بنا في الصفحات الماضية صورتان فيها ملامح واضحة — وإن تكن 
موجزة - لكل من الاستعمار والشيوعية في وضعهما الصحيح من تاريخ العصر الحاضر. 

فالاستعمار حركة من حركات التاريخ الدولي بلغت نهايتهاء وفقدت dam‏ وجودها. 

ومن فقدان حجة وجودها أنها لا تستند إلى مبدأ ولا تدعيه» فلا يوجد اليوم من 
أساطين الاستعمار مَّن يقول إنه مستعمرء أو di] dic SLE‏ مستعمر فيقيل هذه التسمية, 
Gay‏ كان من المستعمرين يتشبث بدعوى القوامة من الجنس الأبيض على سائر الأجناس» 
فهو يلوذ بهذه الدعوى من مكان إلى مكان ويكاد يقصرها على أرجاء من القارة الأفريقية 
ف الستوات الأخيرة» وتخنطره وقاقم العالم وأطوان الشعوب (ll‏ يغاملها. إل Baal‏ 
J ASI‏ اف Y gq folges‏ يستخطيع el‏ أن Gad Go Sis‏ من Saga‏ 
حكم نفسه» Gly‏ راوغ في تقدير الوقت الذي يتولى فيه حقه» وهو لا يستطيع «ثانيًا» 
أن يستأثر بأمانة الرجل الأبيض لدولة واحدة تنهض بها من عند نفسهاء بغير موافقة 
من زميلاتها فى الاستعمارء ومن زميلات الأمة المحكومة في مقاومة الاستعمارء وهو Y‏ 
يستطيع «ثالتًا» أن يبني دعواه كلها على أمانة الرجل الأبيض موكولة إلى دولة واحدة» أو 
مجموعة من الدول» بل يحاول auge‏ أن يقرن هذه التعلة «الأدبية» بتعلة واقعية تدور 
على دعوى السلام العام والحيطة المشتركة لمدافعة الأخطار العالميةء وهو - بعد هذه 
الضروب الكثيرة من التحفظ والروغان - يحاول بما في وسعه أن ينشئ له مع الأمة 
المحكومة علاقة غير علاقة السيد والمسودء وقد تكون هذه العلاقة قائمة على الاشتراك في 
«الكومنولث»» أو في مجموعة دولية واحدةء أو في اتحاد بين أعضاء على درجات متقاربة 
من المساواة. 


لا شيوعية ولا استعمار 


وإذا كان الاستعمار قد فقد مبدأه عند أصحابه» فهو من قبل ذلك لم يكن له مبداً 
يستند إليه عند ضحاياهء فلم يوجد من قبل - Gly‏ يوجد اليوم — GLusl‏ ينتمي إلى sh‏ 
مغلوب ينادي بمبداً الاستعمار» ويتردد في وصف العاملين على خدمته في بلادهم بصفة 
الخيانة والإجرام. 

حركة من حركات التاريخ قد صارت إلى نهايتهاء وأصبحت اليوم بغير قوام تستند 
إليه غير الواقع الذي يتراجع أمام واقع أعظم aie‏ وأجدر بالثبات في مجرى الحوادث؛ 
فليس للمستعمر اليوم مبدأ يسوغ به مطامعهء وليس لهذا المبدأ قيمة السند المرعي عند 
y‏ ينتفع به» As‏ عن المنكويين بدعواه. 


هذا هو وضع الاستعمار في التاريخ الحديث. 

Lol‏ الشيوعية فهي استعمار وشيء SAT‏ غير الاستعمار. 

ومصير الشيوعية المستعمرة كمصير الحركة كلها في مراحلها التاريخية؛ ولكنها 
تختلف has‏ في أخطارها؛ لأنها لا ab‏ بأخطار الاستعمار خالصة من أخطار الدعوة 
التي تعم المستعمرين الشيوعيين وضحاياهم على السواء. 

قإذا Wale‏ أن yla‏ قد فة dis‏ وضع ميدآة الذق «dal rss‏ فالشتيوغية 

تدعو إلى مبدأ وتنادي بأنه هو المبدأ الذي لا مبدأ ond‏ بعد حين» وحجتها إذا حبطت في 
الحاضر أنها تعمل للمستقبل» وترجى من النجاح فيه ما فاتها أن تدركه في خطواتها 
الأولى. 

والخطر من الشيوعية أنها تة تفقد ضحاياها القدرة على المقاومة؛ لأنها لا تبقي لهم 
تلك الكرامة القومية التى تجمعت» es‏ زالت تتجمع بين أبناء الأمم as EE‏ 
اقتلعت الاستعمار من جذوره» وتكاد تقتلع تلك الجذور من كل أرض نبت فيها. 

فالاستعمار في الهند لم يقدر de‏ استئصال عناصر المقاومة» ولم يزل يثير سخط 
الهنود عليه حتى culls‏ منهم dal‏ مد متفقة في tial S‏ معتزة بكرامتها على سلطانه. ولكن 
الأمة من الأمم لا تبتلى بالشيوعية بضع سنوات ثم تبقى فيها بقية للكرامة الوطنية 
تحفظ كيانها وتعيد لها أركانها؛ لأنها تمحو الأمة ولا ثبقي منها غير قطيع من الطّقَام 
hile‏ لا يشعرون بعاطفة dole‏ تجمعهم وتهدّد سيادتهم» وما يشعرون به من 
«عاطفة» الحسد والقحةء فإنما يثيرهم على النعمة والمزيَّة ولا يثيرهم على الطغيان 
والجبروت» ويستغله السيد الغاضب المنتفع بطغيانه وجبروته على zul‏ الوجوه بقليل 
من شقشقة اللسان» وكثير من سموم الضغينة والشنان. 


VYA 


ny 


والكلمة الأخيرة في هذه العجالة Lol‏ )13 عرفنا مساوئ الشيوعية والاستعمارء فلا 
محل عندنا للشيوعية والاستعمارء فإنهما شرّان لا تبقى منهما Lids‏ ويبقى معها خير 
لأمة شرقيةء وكل ما بين الشر والشر من فارق فهو الفارق في الجهود التي تلزمنا للتيقظ 


له والحيطة منه» والسعي الناجح للخلاص من alas‏ ومن دعواه. 


ماع 


0 


1۱1۹